هآرتس: الدول العربية التي اختارت إسرائيل تتصدى للتداعيات
هآرتس 17/4/2024، بقلم: جاكي خوري: الدول العربية التي اختارت إسرائيل تتصدى للتداعيات
اعتراض الهجوم الايراني قدم فعالية مؤثرة لمنظومة الدفاعات الجوية للجيش الاسرائيلي، وقوة التحالف الدولي ضد التهديد الايراني. اسرائيل يمكن أن تعتبر ذلك نجاح مثير للانطباع ودليل على التفوق العسكري والتكنولوجي وحصانتها السياسية أمام ايران. في لحظة الاختبار فان دول المنطقة التي تسمى في اسرائيل “معتدلة” اختارت طرف من الطرفين، المحور الامريكي – الاسرائيلي.
لكن اسرائيل وجيرانها لا يمكنهم تجاهل المعنى السياسي والاستراتيجي للخطوة التي اتخذتها ايران وتداعياتها قصيرة المدى وبعيدة المدى. اطلاق المسيرات والصواريخ كان حدث غير مسبوق، الذي هاجمت فيه ايران من اراضيها وبمبادرة منها وبشكل علني اسرائيل، الامر الذي وضع تحد معقد امام دول المنطقة التي للمرة الاولى وجدت نفسها في جبهة مباشرة بين اسرائيل وايران واضطرت الى اتخاذ خطوة حقيقية في المعركة التي تصاعدت ووصلت الى مرحلة جديدة.
في ارجاء الشرق الاوسط، بدء بالعراق والاردن ومرورا بدول الخليج وانتهاء بمصر، اعلنوا عن الاستعداد العالي وقاموا باغلاق المجالات الجوية قبل رد ايران. هذه المشاهد لم تتم مشاهدتها حتى في حرب الخليج الاولى. الاردن، الذي موقعه الجغرافي يضعه في أي مواجهة في الشرق الاوسط، استخدم للمرة الاولى منظومته الجوية وشارك بشكل ناجع في اعتراض المسيرات والصواريخ الايرانية. الحديث يدور عن منظومات امريكية، لكن في الرأي العام الرسالة تسربت بشكل جيد وهي أن الملك عبد الله شريك فعال في التحالف مع اسرائيل.
هذه الصيغة كانت اكثر سهولة على الاستيعاب في هذه الدول الى ما قبل نصف سنة، في الفترة التي كان يمكن فيها اعتبارها عادية في الشرق الاوسط. ولكن الحرب في قطاع غزة، التي تقريبا نسيت في نهاية الاسبوع الماضي، صعبت على القيادات العربية العثور على تفسير يكون مقنعا لشعوبها. فالكثير من المحللين المحليين، كل واحد في دولته، ابرزوا الرسالة التي تقول بأن التعاون مع واشنطن، وبشكل غير مباشر مع نتنياهو، نبع من الاعتبارات الامنية والاقليمية. اسقاط المسيرات والصواريخ، كما قال الزعماء العرب ولكن ليس بلسانهم، استهدف منع اندلاع حرب واسعة، تداعياتها ستكون مدمرة لكل المنطقة.
لنفس السبب هذه الدول تضغط الآن على اسرائيل من اجل عدم الرد. وبنظرة اقليمية فان الحرب التي يمكن أن تندلع ستكون اكثر خطورة من كل ما كان هنا في السابق، بما في ذلك حرب الخليج. ايران، خلافا للعراق في عهد صدام حسين، ليست معزولة وهي مرتبطة بشكل جيد مع الصين وروسيا. هذه لن تكون معركة اخرى بين اسرائيل وحماس، التي رغم الاضرار التي الحقتها باسرائيل منذ 7 اكتوبر، إلا أنها بقيت منظمة فلسطينية ليس اكثر من ذلك.
الاردن، الذي يوجد في بؤرة النقاشات حول التعاون مع المحور الاسرائيلي، يعمل بدون توقف لاسكات التحدث عنه. المتحدثون في عمان أكدوا على أن تفعيل منظومة الدفاعات الجوية أو اعطاء المصادقة للولايات المتحدة على العمل في سماء الاردن، لا يستهدف الدفاع عن اسرائيل، بل أولا وقبل أي شيء آخر الدفاع عن المملكة نفسها. ومثل أي دولة تحترم سيادتها، كما يقول مبعوثو الملك، فانه كان يجب عليها العمل ضد أي اجسام معادية في سمائها بدون صلة بهدفها النهائي. وهم يذكرون ايضا بأن ايران لم تطلب الضوء الاخضر من هذه الدول، التي كانت مسيراتها وصواريخها ستمر فوق اراضيها.
هذا الموقف ظهر في كل تقرير وبيان نشر عن الرد. الدفاع عن اسرائيل لم يتم ذكره حتى بالاشارة. وبالتأكيد لم يكن أي تطرق للانتصار أو تعزيز العلاقات مع اسرائيل. فأي دولة لم تتطرق، حتى اسرائيل، الى محادثة جرت بين نتنياهو وأي زعيم عربي. لا أحد يخطر بباله أن يعرض بشكل علني عقد مؤتمر قمة لاعضاء التحالف الذي رفع الرأس، حتى في البيت الابيض. الواقع الاقليمي يجبر الجميع على رؤية الفيل الذي يوجد في الغرفة ومواجهته وسؤال اسرائيل: بعد 7 اكتوبر أي رؤية تنوي عرضها على الفلسطينيين، الذين يوجدون وراء الجدار، وليس فقط الحل للتهديد العسكري الايراني الذي يوجد على بعد آلاف الكيلومترات من هنا.