ترجمات عبرية

هآرتس: الدمار والقتل والجوع في غزة هي هزيمة اسرائيل

هآرتس 2/6/2024، عميره هاس:الدمار والقتل والجوع في غزة هي هزيمة اسرائيل

اسرائيل هُزمت وتُهزم، ليس بسبب دخولنا الى الشهر التاسع لهذه الحرب الملعونة، لم يتم تفكيك حماس. لذلك فان الهزيمة سترفرف الى الأبد الى جانب الشمعدان والعلم، لأن زعماء وقادة وجنود اسرائيل قتلوا واصابوا عشرات آلاف المدنيين الفلسطينيين وزرعوا الدمار غير المسبوق في قطاع غزة. لأن سلاح الجو القى بشكل متعمد قنابل على بيوت مليئة بالاطفال والنساء والشيوخ. لأنهم في اسرائيل يؤمنون بأنه لا توجد طريقة اخرى. لأن عائلات كاملة أبيدت.

دولة اليهود هزمت لأن سياسييها وموظفيها يقومون بتجويع وتعطيش 2.3 مليون شخص، ولأن الامراض الجلدية والالتهابات المعدية في الامعاء انتشرت في القطاع. الديمقراطية الوحيدة في الغابة هزمت لأن جيشها عاد وطرد، وبعد ذلك يجمع مئات آلاف الفلسطينيين في منطقة آخذة في الضيق، واطلقوا عليها منطقة انسانية آمنة، وعندها يقوم بقصفهم. لأن آلاف المعوقين والاطفال الذين ليس لهم مرافقين بالغين، محشورين ويعانون بصورة مضاعفة في هذه المنطقة الانسانية المقصوفة.

لأن اكوام القمامة آخذة في التراكم هناك، والطريقة الوحيدة للتخلص منها هي احراقها بطريقة غير صحيحة والتسبب بالتسمم. لأن مياه المجاري تتدفق في الشوارع واسراب الذباب تحجب الرؤية. لأنه مع انتهاء الحرب سيعود الناس الى الانقاض المملوءة ببقايا الذخيرة التي لم تنفجر، والارض ستبقى ملوثة بمواد ساحة خطيرة. لأن آلاف، اذا لم يكن أكثر، سيصابون بأمراض مزمنة تؤدي الى الشلل والوفاة بسبب نفس الملوثات والسموم.

لأن كثير من الطواقم الطبية الشجاعة والمخلصة في القطاع، اطباء، ممرضون، سيارات الاسعاف والطواقم الطبية، وحتى من يؤيدون حماس ومن يحصلون على الرواتب، قتلوا في عمليات القصف. لأن الاطفال والطلاب سيفقدون سنوات دراسية ثمينة. لأن الكتب والارشيفات العامة والشخصية احترقت. لأن كتابات يد لقصص وابحاث فقدت ولوحات اصلية لفناني غزة دفنت واتلفت. لأننا لا نعرف ما الذي ستحدثه الاضرار النفسية لهؤلاء الملايين.

الهزيمة الى الأبد هي في الواقع الحقيقة التي اوقعتها الدولة التي تعتبر نفسها وريثة ضحايا ابادة الشعب التي اوقعتها المانيا النازية وتسببت بجهنم هذه لتسعة اشهر وما زال الحبل على الجرار. الفشل البنيوي ليس من مجرد حقيقة أن هذا التعريف الصق باسم اسرائيل في الدعوى المدوية التي قدمتها جنوب افريقيا لمحكمة العدل الدولية، بل الفشل يكمن في تصميم غالبية المواطنين في اسرائيل على عدم سماع جرس التحذير الموجود في هذه الدعوى. فقد استمروا في تأييد الحرب حتى بعد تقديم الدعوى في نهاية كانون الاول، وهكذا سمحوا للتحذير بالتحول الى رؤية ما سيحدث والتشكيك في أن يمحى بأدلة وشهادات متراكمة اخرى.

السقوط هو ليس لعالمية اسرائيل التي اوجدتها كتائب من رجال القانون الذين وجدوا التوازن في كل قنبلة تقتل الاطفال. هم الذين يقدمون الدرع الواقي للقادة، في الواقع الشعار المتكرر “اسرائيل تحترم القانون الدولي وتحرص على عدم المس بالمدنيين”، كلما صدر أمر بطرد السكان وتجميعهم في منطقة صغيرة. قوافل النازحين سيرا على الاقدام أو على عربات أو شاحنات، تتفجر من كثرة ركابها وبسبب الفرشات وكراسي العجلات التي يجلس عليها كبار السن والمعوقين، هي شهادة الرسوب لجهاز التعليم وكليات الحقوق والتاريخ في اسرائيل. الهزيمة هي للغة العبرية: الطرد هو “اخلاء”. الاقتحام العسكري القاتل هو “عملية”. قصف تسوية بالارض لاحياءكاملة هي “عمل جيد لجنودنا”.

الوحدة الاسرائيلية هي سبب آخر ودليل على الهزيمة، هي ايضا صفتها المميزة: غالبية الجمهور اليهودي الاسرائيلي، بما في ذلك معارضي معسكر بنيامين نتنياهو، كانت أسيرة لسحر الحرب الشاملة كرد على المذبحة في 7 تشرين الاول. دون تعلم الدروس من الحروب السابقة بشكل عام، وضد الفلسطينيين بشكل خاص. نعم. مذابح حماس فظيعة، معاناة المخطوفين وعائلاتهم تفوق الكلمات. نعم. تحويل القطاع الى مخزن كبير للسلاح والذخيرة الجاهزة للتشغيل، مع محاكاة ونسخ النموذج الاسرائيلي، هي امور تثير الغضب. ولكن معظم الجمهور اليهودي سمح لغريزة الثأر باعمائه. عدم الرغبة في الاستماع والمعرفة من اجل تجنب الاخطاء هو في جينات الهزيمة. القادة لدينا الذين يعرفون كل شيء لم يستمعوا للمراقبات، لكنهم بالاساس لم يستمعوا للفلسطينيين خلال عشرات السنين، الذين حذروا من أن هذا لا يمكن أن يستمر. بذور الهزيمة تم دفنها ايضا في مجرد انكار المتظاهرين ضد الانقلاب النظامي للحقيقة الرئيسية التي تقول بأنه لا توجد أي احتمالية لأن نكون دولة ديمقراطية بدون انهاء الاحتلال، وأن من قاموا بالانقلاب هم الذين يطمحون الى “هزيمة الفلسطينيين”. بعون الله. الفشل كتب حينئذ، في الايام الاولى حيث أن كل من تجرأ على المطالبة بالانتباه لهذه العلاقة تمت ادانته كخائن أو كمؤيد لحماس. الخونة يخرجون الوطنيين الحقيقيين، لكن الهزيمة هي ايضا هزيمتنا.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى