هآرتس: الخمسة الأوائل في حزب الله تمت تصفيتهم، لكن مع لبنان مطلوب تسوية سياسية
هآرتس 23/9/2024، يوسي ميلمان: الخمسة الأوائل في حزب الله تمت تصفيتهم، لكن مع لبنان مطلوب تسوية سياسية
عمليات الاغتيال لابراهيم عقيل، رئيس العمليات في حزب الله، في يوم الجمعة الماضي في الضاحية في بيروت، و15 من القادة في قوة النخبة “الرضوان”، هي عملية مثيرة للانطباع وتدل على عمق اختراق الاستخبارات الاسرائيلية. يبدو أنهم في جهاز الامن والمستوى السياسي قد أدمنوا على عمليات التصفية، وهم يعتبرون أنها تقريبا تمثل كل شيء. في منظمات مثل حماس وحزب الله، التي على مدى السنين غيرت شكلها من تشكيلات ارهابية عصابة الى بنى عسكرية، لا يوجد ديناميكية لاستبدال اصحاب المناصب الرفيعة. عندما تقوم اسرائيل بتصفية أي شخص فهي نفسها تسمح بترفيع نواب من تمت تصفيتهم، الذين لديهم هم ايضا تجربة عملياتية. في اسرائيل يجدون صعوبة في الفهم بأن التصفيات عمليا تجدد شباب صفوف القيادة العليا في المنظمة.
في العام 2000 عند انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان لاحظ جهاز الاستخبارات اعضاء “الخمسة الاوائل” في حزب الله، وكان بامكان طائرة مسيرة أن تقوم بتصفيتهم، لكن رئيس الحكومة ووزير الدفاع في حينه اهود باراك الذي خشي من تجدد الحرب لم يصادق على العملية. في العام 2008 قام الموساد والـ سي.آي.ايه، حسب المنشورات، بعملية تصفية مشتركة لعماد مغنية في دمشق. ابن عمه وصهره مصطفى بدر الدين تمت تصفيته في دمشق في 2016 بأمر من قائد “قوة القدس” قاسم سليماني. قبل سبعة اسابيع تقريبا قامت اسرائيل بتصفية فؤاد شكر بقصف جوي في الضاحية، والآن عقيل. الوحيد الذي بقي من هؤلاء الخمسة هو طلال حمية، رئيس جهاز العمليات الخارجية في الحزب، ومعه شخص رفيع آخر هو علي الكركي، قائد منطقة الجنوب.
في حزب الله تم القيام بعملي جماعي منظم، اجراءات عمل ووضع خطط وتسلسل قيادي واضح. في الواقع عمليات التصفية تنزل بالحزب ضربة معنوية، احيانا صعبة. ولكن نجاعة هذه العمليات وتأثيرها محدود زمنيا. والدليل على ذلك هو أنه رغم تصفية الشخصيات الكبيرة إلا أن حزب الله يستمر في الأداء، وأمس زاد مدى اطلاقه.
يبدو أنه في الاسبوع الماضي تبنت اسرائيل نظرية “الضربات العشرة”. هذه بدأت، حسب المنشورات، بعملية تفجير اجهزة البيجر. ومن غير الواضح اذا كان قرار تفعيلها كان الخشية من أنه تم اكتشافها، كما سرب لوسائل الاعلام، أو أن رئيس الحكومة بالتشاور مع رئيس الموساد ورئيس الاركان هو الذي أمر بذلك بدون أي صلة. ايضا على فرض أنه لم يكن لدى اسرائيل أي خيار من اجل أن لا تذهب جهود عشر سنوات والاموال الطائلة التي انفقت عبثا، أنا متشكك في ذلك، كان يجب أخذ في الحسبان القاعدة الفولاذية لعالم العمليات وهو خطر الانكشاف قبل الوقت المناسب.
لأن اسرائيل توجد في حالة حرب منذ 7 تشرين الاول الماضي فانه كان يجب عليها ان تكون مستعدة لكل لحظة معطاة كي تفعل في موازاة “عملية اجهزة البيجر” ايضا عملية عسكرية لآلاف الطلعات الجوية واعداد احتياطي بري لعملية اولى خلال ساعات، كل ذلك كي تزيد الى الحد الاقصى المفاجأة وتخلق الصدمة لدى العدو. لم يحدث أي شيء من ذلك.
بعد عملية اجهزة البيجر جاءت تصفية عقيل ومرؤوسيه وهجمات شديدة لسلاح الجو. المنطق الذي يوجه نظرية “الضربات العشرة” لاسرائيل يفترض أنه، مثلما في ضربات مصر التي في نهايتها سمح فرعون لابناء اسرائيل بالتحرر من العبودية، هكذا ايضا حسن نصر الله سيستسلم. ولكن حسب ردود حزب الله، الذي يزيد من وتيرة الاطلاق ويوسعها كي تصل الى مناطق ابعد، فانه يبدو أن حزب الله لا ينوي الاستسلام. حتى يحيى السنوار، رغم أن حماس تمت هزيمتها كمنظمة شبه عسكرية، يواصل محاربة اسرائيل ويدير ضدها حرب استنزاف.
في هذه الاثناء حزب الله يحاول الحفاظ على مبدأ معادلة اللكمات. فالحزب امتنع عن اطلاق الصواريخ بعيدة المدى، القادرة على الوصول الى تل ابيب وتل ابيب الكبرى ومطار بن غوريون، وحتى أنه لم يطلق على حيفا المليئة بالمصانع وعلى الميناء فيها.
اذا استمر منطق التصعيد فانه في القريب سيحدث ذلك، وفي اعقابه سيتم رفع كل القيود والمعيقات من قبل الطرفين. الجيش سيغزو بريا للمرة الثالثة خلال الـ 42 سنة الاخيرة، ومع هجمات شديدة لسلاح الجو، سيحول اجزاء كبيرة في لبنان، بما في ذلك بيروت والميناء والمطار ومحطات الطاقة والبنى الاستراتيجية الاخرى، الى انقاض.
لكن مصيبة الكثير من اللبنانيين لا تعتبر عزاء لمواطني اسرائيل. فالثمن الذي ستدفعه اسرائيل بحياة الجنود والمواطنين والممتلكات سيكون باهظ جدا. وحتى اكبر من الثمن الذي جبته الحرب في غزة. وكل ذلك دون الاشارة الى الخوف من أن تسمح ايران لحليفها وموقع قيادتها المتقدم في البحر المتوسط بأن يتم تدميره وهزيمته. منطق “الضربات العشرة” يمكن أن يعمل فقط اذا كانت ترافقه رؤية استراتيجية، العمل على انهاء الحرب بتسوية سياسية. هذه التسوية محتملة في الوضع الحالي فقط من خلال تطبيق خطة الرئيس الامريكي، جو بايدن، التي هي عمليا خطة بنيامين نتنياهو: وقف اطلاق النار في قطاع غزة، اطلاق سراح المخطوفين وسجناء فلسطينيين، استبدال حكم حماس بسلطة فلسطينية اخرى ووقف اطلاق النار في لبنان، الذي سيؤدي الى ابعاد حزب الله عن الحدود واعادة المخلين في منطقة الشمال الى بيوتهم.