ترجمات عبرية

هآرتس: الحكومة أبعدت إدارة ترامب وأثارت غضب كل العالم ضدها

هآرتس 20/5/2025، يوسي فيرتر: الحكومة أبعدت إدارة ترامب وأثارت غضب كل العالم ضدها

حتى المؤيدون المتعصبون لحكومة اليمين اضطروا امس الى الاعتراف، بينهم وبين انفسهم، بأن مجموعة متحايلين كهذه لم تكن لتنتخب لادارة بقالة. فالصورة التي عالجت فيها الحكومة قضية ادخال المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة هي مثال على التحايل عندما يقابل الغباء: لا توجد أي استراتيجية، الامر الذي يؤدي الى اكبر قدر من الضرر، وتنتهي بتراجع كبير ومشهد من الأفلام والخطابات الصبيانية لواضعي السياسات عندنا.

على سبيل المثال، وزير المالية (الذي لا يهتم بالاقتصاد) بتسلئيل سموتريتش، الذي قبل اقل من شهر هدد بـ “على جثتي الميتة اذا دخلت حبة أخرى من المساعدات الإنسانية الى غزة”، تلوى امس مثل فتاة مطاطية وهو يشرح لماذا نحن مضطرين الى ادخال المساعدات. أو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي قبل شهرين ونصف قرر عدم ادخال المساعدات الى غزة بذريعة أن “حماس لا توافق على خطة ويتكوف”. وأمس، حيث لم يتغير أي شيء، اعلن بأنه لا يوجد خيار، المساعدات يجب أن تدخل لأن هناك خوف من التجويع، وأن “سناتورات أصدقاء لإسرائيل” الذين يعرفهم شخصيا، يتوسلون اليه من اجل فعل ذلك.

كم من الالتفافات قام بها على ظهر إدارة جو بايدن وظهر المنتخبين الديمقراطيين الذين طلبوا منه هذه الأمور بالضبط. كيف تبجح نتنياهو بأن رئيس الحكومة يجب عليه أحيانا ان يقول “لا” حتى للاصدقاء الأمريكيين.

سياسة إسرائيل لم يتم اتهامها في أي يوم بأنها صنف عالي، لكن كانت فترات رؤساء الحكومة حظر عليهم فيها التدخل في الاعتبارات سياسية وفي مواضيع الامن القومي. عند نتنياهو في السنوات الأخيرة بشكل خاص فان هذا قبل أي شيء آخر هو السياسة والائتلاف والبقاء الشخصي، وبعد ذلك كل ما تبقى. بعيون مفتوحة سار بشكل حثيث نحو الكارثة السياسية لأن سموتريتش وبن غفير طلبا ذلك وهددا بحل الحكومة. قرار وقف المساعدات الإنسانية لغزة تم اتخاذه في الكابنت في 2 آذار الماضي. المنطق من وراء هذا القرار هو أن الإدارة الامريكية الجديدة ستكون غير مبالية بالنتائج الفظيعة. والآن تبين أنه حتى الرئيس ترامب (الإنساني حسب اقوال ستيف ويتكوف) مصاب بالصدمة مما يشاهده في التلفزيون ولا يتوقف عن التحدث عن المعاناة وعن الناس الذين يموتون بسبب الجوع؛ وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اليميني جدا، يتصل بنتنياهو ثلاث مرات خلال في اليوم من اجل المساعدات؛ وبالطبع، السناتورات الأصدقاء هم يمينيون متعاطفون، لكن يتبين أنهم غير متعشين للدماء مثل اليمين المتطرف – المسيحاني في الحكومة.

الى درجة أن نائب الرئيس جي دي فانس، الذي كان يتاهب للذهاب الى إسرائيل، كجائزة ترضية بسبب قفز ترامب عنها في الأسبوع الماضي، قام بإلغاء زيارته، كما يبدو بسبب استئناف الحرب وغياب صفقة التبادل. أمس نشر في “واشنطن بوست” نقلا عن مصدر مجهول، بأن رجال ترامب هددوا منذ فترة نتنياهو بأنهم “سيتخلون عنه” اذا لم ينه الحرب في القريب. وبالضبط بالتوازي نشر بيان مشترك غير مسبوق في شدته لكندا وفرنسا وبريطانيا، الذي فيه هددت باتخاذ خطوات اذا لم يتم وقف الحرب. هذه الدول أيضا تشجب “اللغة البغيضة” لبعض وزراء الحكومة. سقوط سياسي حقيقي، الى هذا قادنا الزعيم الأعلى. لا يوجد لحماس في غزة وفي الخارج أسباب كثيرة للفرح في هذه الأيام، لكن هذا بالتأكيد سبب للفرح.

الى جانب تحويل واشنطن الجمهورية الى توأم لادارة بايدن واثارة غضب كل العالم المتنور، وضمن ذلك الدول الأوروبية المتعاطفة جدا مثل المانيا والتشيك، لن تحقق إسرائيل أي شيء. معقول الافتراض أن مخصصات الغذاء الضئيلة للمخطوفين تقلصت أكثر. والآن عند استئناف العملية فان التنكيل بهم يزداد.

لم يتم اطلاق سراح أي مخطوف في هذه الأيام الثمانين من وقف المساعدات. اطلاق سراح عيدان الكسندر كان بادرة حسن نية من حماس لترامب. وربما أن فتح المعابر أمس هو بالتحديد المقابل، الذي تم نفيه في وسائل اعلام اليمين. أيضا ما دخل الى القطاع أمس وما سيدخل اليوم، يصل في معظمه الى ايدي حماس، وهي ستقوم ببيعه للسكان بأسعار عالية، ويدخل قدر لا بأس به من الأموال الى خزينتها التي فرغت. 

19 شهر رفض فيها نتنياهو تقديم أي بديل لحماس في القطاع. الآن هو والوزراء سيضطرون الى صك الاسنان مرة أخرى، ورؤية رؤساء حماس التي قتلت الإسرائيليين في 7 أكتوبر وتقوم باحتجاز 58 مخطوف، احياء واموات، يسيطرون مجددا على المساعدات الإنسانية. التاطير الإعلامي للاعمال الفظيعة التي تجري في القطاع المدمر هو وصمة أخرى لإسرائيل. أيضا عندما تبث قنوات التلفزيون مرة كل بضعة اشهر تحقيق عن الغزيين المساكين فان العنوان هو “الضغط الدولي على إسرائيل يزداد”. لا يوجد تطرق للواقع المخيف: اكوام جثث ممزقة لاطفال ونساء وشيوخ؛ أطفال أبناء 5 – 6 سنوات يتم سحقهم؛ يلوحون بالطناجر في نقاط التوزيع على أمل ان يحصلوا على عدة مغارف من العصيدة؛ أطفال في حالة سوء تغذية، بصور تذكر بـ بيافرا في الستينيات. المعسكر “الإنساني” في معظمه لم يعرض عليه أي شيء (باستثناء الذين يستهلكون الاعلام الأجنبي أو يقرأون صحيفة “هآرتس”)، والمعسكر القومي المتطرف لا يهتم بأي شيء؛ معاناة الآخر، بالأساس اذا كان عربي، تسره.

الإنجازات العسكرية والاستخبارية للجيش الإسرائيلي، الشباك والموساد، تتبدد بصورة ممنهجة على يد الحكومة الأكثر فشلا وضررا التي كانت لنا في أي وقت مضى. في هذه الاثناء السخرية تحطم ارقام قياسية: أمس التقى وزير الدفاع مع نظيره الاذربيجاني زاكر حسانوف وهو يرتدي زي مموه. ماذا قال يسرائيل كاتس للجنرال؟ “ان مضاعفة التصويت في مسابقة الاورفزيون هي الدليل الحقيقي على الصداقة بين الحكومات والشعوب”. وبما أن نتنياهو الذي يعيش في الطابق الـ 14 في مبنى وزارة الدفاع يحب إعطاء التوجيهات للجيش الإسرائيلي، ربما سيكون مسرور أيضا “بقيادة” مسابقة غنائية.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى