ترجمات عبرية

هآرتس: الحقيقة الاستراتيجية وراء هدم إسرائيل المتعمد لشمال غزة

هآرتس 2023-11-10، بقلم: الوف بنالحقيقة الاستراتيجية وراء هدم إسرائيل المتعمد لشمال غزة

العملية الاستراتيجية الرئيسة لإسرائيل في الحرب ضد حماس هي طرد، حتى لو بشكل مؤقت، سكان غزة إلى جنوب القطاع وهدم المدينة.

إحاطات المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي التي تركز على الخطوات التكتيكية، عدد من الأهداف التي تم قصفها وعدد المخربين الذين قتلوا والأنفاق التي أغلقت، وخطابات رئيس الحكومة المليئة بالشعارات الفارغة، كل ذلك يطمس الصورة الأكبر للحرب وهي احتلال شمال القطاع وتطهير المنطقة بالتدريج من قوات حماس. هذه هي القصة.
طرد السكان الفلسطينيين وتحويل بيوتهم إلى أكوام من الركام وتقييد دخول الوقود إلى القطاع، كانت الخطوة الكاسرة للتوازن التي استخدمتها اسرائيل في المواجهة الحالية، خلافا لكل جولات القتال السابقة في الجنوب.

المذبحة في 7 تشرين الأول التي نفذتها حماس في بلدات الغلاف واختطاف مئات الاسرائيليين إلى غزة منحت إسرائيل الشرعية الداخلية والدعم الدولي لاستخدام القوة غير المسبوقة في إطلاق النار ومدة العملية.

وحتى لو أعلن في القريب عن وقف معين لإطلاق النار بضغط من أميركا فإن إسرائيل لن تسارع إلى الانسحاب والسماح بعودة السكان إلى شمال القطاع. لأنه إذا عادوا إلى أين سيعودون. فلا توجد لهم بيوت أو شوارع أو مؤسسات تعليم أو محال تجارية أو بنى تحتية لمدينة حديثة.

المفكر العسكري البريطاني، ليدل هارت، الذي تربت أجيال من قادة الجيش الإسرائيلي على نظريته، كتب بأن هدف الحرب هو التأثير على عقول قادة العدو وليس فقط قتل جنوده. حسب رأيه، الاستراتيجية هدفت إلى هزيمة العدو من خلال التوفير في القوة وليس إدارة معارك دموية.

إسرائيل تعمل على ضرب قوات حماس المتحصنة في الأنفاق وهي ستحاول اصطياد قادتها، يحيى السنوار ومحمد ضيف. ولكن العملية التي هدفت إلى تدمير “المنظمة وتفكيك قدرتها عبر السيطرة على غزة”، هي ما تسبب لمليون شخص من سكان شمال غزة بالتجمع بشكل مكتظ في الجزء الجنوبي.

عدم اليقين بخصوص إمكانية استطاعتهم العودة إلى بيوتهم هو العملية النفسية التي وصفها ليدل هارت والتي تهدف إلى حرمان العدو من الحرية في العمل.

حماس لا يمكنها أن تفرض على إسرائيل بالقوة إعادة السكان. وخلافا للسابق فإنها تجد صعوبة في تجنيد الضغط الدولي على إسرائيل “لمنع أزمة إنسانية” والانسحاب دون شروط من القطاع.

وحتى لو نجح الفلسطينيون في إلحاق الخسائر بالجيش الإسرائيلي وإسرائيل قامت بسحب القوات البرية، أو معظمها، إلى داخل الخط الأخضر، فهي يمكنها أن تمنع بوساطة القصف الجوي عودة السكان.

لا توجد لحماس أي طريقة للدفاع عنهم، وفي الأصل حتى هي لا تحاول ذلك، وهي تفضل أن تجبر الخسائر المدنية في القطاع دول الغرب ومصر والأردن على كبح إسرائيل.

حتى الآن نحن لا نعرف، وربما لن نعرف، كيف قدر السنوار والضيف رد إسرائيل عندما قاما بإصدار الأمر لتنفيذ المذبحة في 7 تشرين الأول.

من المرجح أنه مثل زعماء إسرائيل وقادة الجيش الإسرائيلي، هما استعدا للحرب السابقة: قصف شديد وربما دخول بري متردد ووقف لإطلاق النار سيتم التوصل إليه نتيجة الضغط الدولي وتعب إسرائيل من الخسائر والقلق على المخطوفين.

يمكن التخمين بأنه مثلما في إسرائيل لم يتخيلوا خطة “النكبة العكسية” لحماس ضد مستوطنات الغلاف، أيضا في قبو السنوار لم يفكروا بأن إسرائيل ستطرد رداً على ذلك نصف سكان القطاع وستدمر بيوتهم بذريعة أن هذه خطوة إنسانية هدفت إلى الدفاع عن حياتهم.

الحرب غير قريبة من نهايتها وهي يمكن أن تمتد إلى استنزاف طويل ودموي، في الوقت الذي فيه أيضا يجب على إسرائيل أن تهتم بشؤون اللاجئين في الداخل في الجنوب وفي الشمال، الذين من غير الواضح متى سيمكنهم العودة إلى بلداتهم، وبالطبع أن تهتم بمئات المخطوفين والمفقودين. ولكن في الحروب الطويلة فإن علاقات القوى العددية والاقتصادية والدبلوماسية هي التي تحدد، والتي تميل إلى جانب اسرائيل. لكن عندما تكون غزة مدمرة وخالية من معظم سكانها فإن حماس لن تستطيع العودة وحكم القطاع كما كان في الـ 16 سنة الأخيرة.

وإسرائيل لن توافق على الانسحاب وإعادة السكان والسماح بإعادة إعمار المدينة طالما أن المفاتيح سيتم تسليمها لحماس. الصور القاسية التي سنشاهدها في مخيمات اللاجئين في خان يونس ودير البلح ورفح وفصل الشتاء والوحل وخطر انتشار الأوبئة القريب، يمكن أن تضغط على المجتمع الدولي والدول العربية من أجل العثور على من سيتسلم غزة بدلاً من السنوار. هذا هو التنبؤ الجوي للشتاء القادم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى