ترجمات عبرية

هآرتس: الحفرة التي تم فتحها لا تخبرنا عن القتل في مجدل شمس، فقط في الملعب يظهر حجم المأساة

هآرتس 29/7/2024، جدعون ليفي: الحفرة التي تم فتحها لا تخبرنا عن القتل في مجدل شمس، فقط في الملعب يظهر حجم المأساة

دراجات كهربائية وتراكترون صغير، جميعها محترقة، هذا ما تبقى، هذا الاسطول الصغير كان يجب أن يعيد الى البيوت ركابه، اطفال مجدل شمس الذين جاءوا أول أمس مثل كل يوم للتدرب في ملعب كرة القدم البلدي. بقايا هذا الاسطول الصغير رميت أمس قرب الملجأ الذي كتب عليه “تم التبرع به مع الحب لحماية مواطني اسرائيل” من قبل منظمة “حلم لاسرائيل”. هذا هو الملجأ الصغير الذي حاول بعض الاطفال في دخوله من اجل النجاة، لكن لا أحد منهم تمكن من ذلك. حسب الشهادات مرت فقط 3 ثوان بين اطلاق صفارة الانذار وسقوط الصاروخ القاتل.

الصاروخ سقط أول أمس قبل المساء قرب الجدار الفاصل بين الملعب الصغير وبين حديقة الالعاب للاطفال ومحطة الوقود التي توجد في الاعلى. الآن الجدار احترق وهو مدمر والملجأ الصغير مهجور وحفرة غير كبيرة، لا تشير حتى الى حجم عملية القتل المثيرة للاشمئزاز هنا، فتحت هنا. فقط عند الانتقال الى الملعب الكبير، الذي يوجد فيه عشب اخضر حقيقي ونشاهد الصخرة المرتجلة التي اقامها السكان للاطفال الـ 12، يمكن فهم حجم الكارثة. 12 كرسي باللون الاسود، مغطاة بقماش اسود، والواح سوداء تحتها، ذكرى للاطفال الـ 12 الذين قتلوا هنا قرب مرمى الهدف. على شباك الهدف علقت أول أمس اشلاء جثث ليس اقل من طفلين. رائحة الحريق كانت موجودة أمس في الهواء. شباب القرية تجولوا في الملعب بصمت الذي اصبح ساحة قتل لاصدقائهم. الهدوء تم اختراقه فقط من قبل المراسلين الاجانب الذين جاءوا الى المكان لكتابة التقارير، وضباط قسم المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي الذين جاءوا لالتقاط بعض التفسيرات هنا. ولكن الهدوء ظهر اكثر من أي شيء آخر. 

هذان ملعبان لكرة القدم تم الاعتناء بهما جيدا، لا يمكن ايجاد فيهما عقب سيجارة أو ورقة على الارض، العشب الاخضر الحقيقي تم الاعتناء به بشكل جيد، لونه اخضر وتم قصه بشكل مرتب. هكذا ايضا مجدل شمس التي اصبحت في السنوات الاخيرة قرية رائعة عندما تم افتتاح الكثير من الفنادق فيها. أمس هذه القرية كانت في الحداد، وتم اغلاق المحلات التجارية وجميع السكان ارتدوا الملابس السوداء. في قرية مسعدة القريبة تم تعليق الاعلام السوداء في الشارع الرئيسي. في مجدل شمس كانوا ما يزالون في حالة صدمة، بالضبط مثلما كانوا في حالة صدمة من تزيين الكراسي السوداء التي وضعت عليها صور الاطفال القتلى. الصور لم تظهر أمس في أي مكان في القرية، ولا حتى في بيوت العزاء.

الحداد في مجدل شمس كان أمس منضبط. فالعائلات الـ 12 الثكلى جلست في البيت بعد الجنازة الكبيرة، وفقط عدد من الاشخاص وصلوا الى البيوت الثاكلة. في بيت عزاء عائلة الطفل يزن أبو صالح، 11 سنة، لم يكن اكثر من ستة رجال، جلسوا على الكراسي البلاستيكية في ساحة البيت، وحاولوا تغزية الأب الثاكل الذي لم يكف عن البكاء. مجدل شمس كانت أمس في الحداد على طريقتها. ففي زوايا الشوارع تجمع الشباب ونظروا بصمت الى ما يحدث. الصدمة كانت تظهر على وجوه الجميع، تقريبا الجميع شاهدوا أول أمس الصور الفظيعة التي يصعب تحملها. لم يكن بالامكان تشخيص أي طفل تقريبا، الآباء بحثوا عن اولادهم وهم يصرخون، والاخوة بحثوا عن اخوتهم، والاصدقاء بحثوا عن الاصدقاء، ولم ينجحوا في تشخيص أي واحد. كل القرية وقفت خارج الملعب وشاهدت بذهول ما يحدث. في معظم الحالات مرت فترة طويلة من اجل اجراء الفحوصات في قسم التشخيص الجنائي في الشرطة في العيادة المحلية، الى أن تم تشخيص القتلى، وتم اعطاء البشرى الصعبة للآباء الذين لم يتعرفوا على جثث أولادهم.

التناقضات الكثيرة في هوية وتعريف مجدل شمس طفت على السطح، بالذات في وقتها الصعب. في العالم اعتبروها قرية محتلة، أو قرية في منطقة محتلة تم ضمها. ولكن معظم السكان الذين تحدثنا معهم أمس، بالاساس الشباب، قالوا بأنهم يعتبرون انفسهم اسرائيليين. نصف اعضاء الحكومة جاءوا أمس للتعزية. المراسلون الاجانب وجدوا صعوبة في الشرح للمشاهدين من هم هؤلاء القتلى، ليسوا فلسطينيين، هم محتلون. وليسوا يهود أو من عرب اسرائيل، مع ذلك هو من مواطني الدولة. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي ووسائل الاعلام الاسرائيلية الذين منذ بداية الحرب في غزة لم يظهروا حتى جزء قليل من الصدمة على قتل الاطفال هناك، سارعوا أمس الى اظهار وجوه مصدومة وتسمية الاطفال الذين قتلوا في مجدل شمس باسرائيليين وقتلى. فقط بعضهم كان كما يبدو معهم الجنسية الاسرائيلية. فقط حاولوا اطلاق على اطفال غزة الموتى اسم قتلى.

لكن السياسة هي الامر الوحيد الذي كان أمس يهم سكان مجدل شمس. في ملعب كرة القدم وفي الشوارع وفي الازقة وعلى مداخل الحوانيت المغلقة والبيوت، سادت الصدمة وغطت كل شيء. اكليل زهور من حزب “يوجد مستقبل” وضع قرب اكليل من وكالة تأمين محلية بجانب الدراجات المحترقة. الكرة البيضاء، الكرة التي لعب فيها الاطفال اللعبة الاخيرة، كانت مرمية بجانب الكراسي السوداء. راهب بردائه الاسود كان من بين من ساروا في الجنازة، الجميع هنا يعرفون بعضهم البعض، وحجم الحداد كان وفقا لذلك. “هم اولادنا جميعنا”، قال سمير أبو جابر (63 سنة)، الذي كان من الاوائل الذين وصلوا الى مكان الكارثة. أمس وقف بجانب دكان أبو جبل جولان حسن التي توجد امام الملعب، وهو في حالة صمت مع عدد من كبار السن.

سمير كان في بيته بجانب الملعب عندما سمع صوت الانفجار الضخم الذي هز جدران البيت. على الفور بعد ذلك شاهد الدخان والغبار ترتفع في الهواء. هو واولاده الكبار ركضوا الى الملعب، في محطة الوقود شاهد اطفال وجوههم مغطاة بالدماء، لكنه ادرك أن الكارثة الكبيرة في الملعب. ذهب باتجاه الحفرة التي فتحت في الملعب والمنظر كان مخيف. “لا يمكنني حتى الآن استيعاب ما رأيته. ولد بنصف رأس، اطفال بترت ايديهم وارجلهم. جميعهم متفحمون، لم أمكن من تشخيص أي طفل”.

سمير قال إنه شاهد تقريبا 20 طفل ملقى على العشب الاخضر في الملعب الصغير، معظمهم اموات. زوجته اغمي عليها بسبب المنظر الفظيع واضطر الى أن يأخذها الى العيادة. التراكترون الصغير كان مشتعل. “حتى الآن عقلي لا ينجح في فهم ما شاهدته”، قال. ابنة سمير، الممرضة في مستشفى بني تسيون في حيفا  عادت الى البيت في منتصف الليل وذهبت لتقديم الاسعاف للمصابين الذين لم يتم نقلهم الى المستشفى، سواء بالمروحيات أو في سيارات الاسعاف. سمير لم يتمكن من النوم في الليل. “أعتقد أنني بحاجة الى طبيب نفسي”، قال. 

باسل أبو جعبر، الذي كان يقف جانبا، يعيش في “تلة الصراخ” التي لم تعد موجودة. ابنه ايوان (17 سنة) كان في زمن الانفجار قرب المركز الثقافي الذي يبعد 50 متر تقريبا عن مكان سقوط الصاروخ. ايوان بدأ يبحث بهستيريا عن ابنه عمله ابن الـ 8. اتصل مع والده وقال له أن يبلغ عمه وعمته كي يأتيا بسرعة للبحث عن الطفل. وبحث ايضا عن اصدقائه، الاخوين امير وجوليان (15 و16 سنة). امير كان ملقى وهو ميت على شباك الهدف، وشقيقه كان ملقى على العشب الاخضر وقد بترت قدمه. عشرات الآباء وصلوا الى الملعب وبدأوا يصرخون بأسماء أولادهم. 

غير بعيد عن هناك، في ساحة البيت، جلس الرجال من عائلة أبو صالح وهم يبكون. يزن (11 سنة) كان يتوقع أن يترفع الى الصف السادس. هو كان الابن الوحيد لوالديه نايف ونسرين، له أختان. نايف لم يتمكن من التحدث، كل جملة تجعله يبكي، وصهره تحدث باسمه. نايف سمع الانفجار وهو في البيت وقفز بسرعة وذهب الى الملعب. هو كان يعرف أن يزن هناك. فقد تعود على التدرب في الملعب كل يوم. أبناء العائلة  بحثوا تقريبا مدة ساعة عن الطفل بين الاطفال القتلى والمصابين ولكنهم لم يجدوه. فقط بعد نقل الجثث الى العيادة شخص رجال مختبر التشخيص الجنائي التابع للشرطة يزن، وأبلغوا الأب.

في الاسبوع الماضي عزف يزن على الطبل في حفل زفاف ابن عمه وكان مسرورا. أمس تم دفنه. “خلال اسبوع واحد كان لدينا حفل زفاف ودفنا ابننا”، همس الأب، ومرة اخرى لم ينجح في التوقف عن البكاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى