هآرتس: الحرب يجب أن تنتهي، لأنها حرب تدمير وليس لأي سبب آخر

هآرتس 25/5/2025، جدعون ليفي: الحرب يجب أن تنتهي، لأنها حرب تدمير وليس لأي سبب آخر
لا يوجد أي شخص صالح في سدوم. يوجد في اسرائيل سياسيين وشخصيات عامة لا بأس بها التي تدعو الى انهاء الحرب. هناك كثيرون يناضلون بشجاعة على تحرير المخطوفين. هناك كثيرون يأملون في اسقاط الحكومة. هناك ايضا من يخشون على مكانة اسرائيل التي اصبحت دولة منبوذة. كثيرون يقلقون من تداعيات النبذ وثمنه المستقبلي على الاقتصاد والمجتمع.
لا يوجد أي احد صالح في سدوم. في الخطاب العام لا يوجد تقريبا من يهتمون ليس فقط بصورة اسرائيل والثمن الذي تدفعه، سواء بمكانتها أو بصورتها الاخلاقية، بل قبل أي شيء آخر بمصير سكان غزة. لا يوجد شخصيات عامة يصعب عليها النوم بسبب الاطفال الذين يصرخون بسبب الخوف والالم في المستشفيات، والشيوخ الذين يتم نقلهم على العربات التي تجرها البهائم، والعائلات الكاملة التي شطبت من السجلات، واحدة تلو الاخرى. ألم غزة هو ضجة ثانوية في الخطاب العام، ضجة خلفية في نقاش مختلف كليا. ايضا الطيبون جدا في اوساطنا يقلقون فقط من تداعيات الحرب على اسرائيل.
الصوت الانساني غير موجود، الانسانية ماتت. هذا الصوت غائب تماما عن الساحة السياسية. معظم المثقفين صمتوا في هذه الحرب. وفي وسائل الاعلام لا يوجد أي ذكر له. لا يوجد يشعياهو لايفوفيتش أو يانوش كورتشاك أو برتراند راسيل واحد ليصرخ: كفى، بأي ثمن، كفى بسبب غزة. كل المجتمع ينقصه الاساس الانساني الاساسي، الذي يمكنه أن يصاب بالصدمة من معاناة الضحايا الفظيعة جدا.
الصدمة الانسانية بسبب ما حدث في 7 اكتوبر لم تستبدلها صدمة مشابهة في اسرائيل بسبب ما تفعله في غزة. لماذا في الحقيقة؟ هل لأننا يهود وهم غير يهود؟ هل الانسانية لا يمكن أن تجتاز الحدود وتطمس القوميات ازاء التدمير؟ من فضلكم عدم الازعاج، نحن ما زلنا في 7 اكتوبر، لكن منذ ذلك الحين ارتكبنا ألف 7 اكتوبر، ولكن ذلك لا ينجح في أن يلامس قلب الاسرائيليين.
صحيح ان وسائل الاعلام الخائنة تساعدهم في عدم الرؤية، لكن ايضا بدونها يمكن معرفة انه في غزة توجد كارثة مخيفة من صنع ايدينا. صرخة احتجاج ضدها لم تسمع هنا. الاسباب كثيرة والمبرر غير موجود. من الواضح أن فقراء مدينتنا أولا، ويكفي ان كل شعب يهتم أولا وقبل أي شيء آخر بابنائه. ولكن الى متى؟ عندما قمت قبل بضعة ايام بعرض على صديقة لي فيلم رعب من غزة سالت بشكل تلقائي: “هل انت واثق من ان هذا غير مفبرك؟”. لا شيء يمكن ان يخترق السور الواقي الذي قام الاسرائيليون ببنائه لانفسهم. لا شيء في غزة يثير لديهم الشعور بالذنب. لا يوجد لدينا حتى احتجاج مثل الذي هز الولايات المتحدة لسنوات طويلة ضد الحرب في فيتنام. وحتى لا يوجد يوجين مكارثي الذي ترشح باسم معارضة الحرب.
انظروا مثلا الى المقال الرائع الذي نشرته اورنا رينات (“هآرتس”، اول أمس)، ربما يعتبر النص الاكثر صعوبة وصدمة الذي نشر في اسرائيل عن الحرب. هل اثار أي صدى؟ اين هو الرجل الذي سيصعد على المنصة ويقول ان هذه الاعمال الفظيعة يجب وقفها قبل أي شيء بسبب معاناة الغزيين.
لتذهب الى الجحيم كل الاعتبارات الحكيمة الاخرى. رئيس الحكومة السابق اهود باراك وأحد المحتجين، نشر أول امس مقال لاذع آخر في الصحيفة عن الحاجة الى وقف الحرب. أنا قرأت المقال مرتين. لا يوجد فيه أي ذكر للرحمة او الانسانية تجاه غزة. الامر الاخير الذي يهم باراك هو معاناتها. توجد له مبررات كثيرة لوقف الحرب. وهو حتى ذكر الحاجة الى “المساعدات الانسانية” بالاساس من اجل ارضاء العالم. ولكن اين الصرخة ضد التدمير. مقال اهود اولمرت في نفس العدد كان شجاع واكثر انسانية. في جنوب افريقيا، في عهد الابرتهايد، تجند يهود بيض ليقاتلوا، نعم ليقاتلوا، مع السود. وقد اصيبوا وسجنوا لسنوات، وايضا قتلوا. اما في اسرائيل فلا يوجد حتى من يصرخ بسبب ألم الضحية.
الحرب يجب أن تتوقف، قبل أي شيء آخر لأنها حرب تدمير، التي تتسبب بألم غير انساني لغزة. في اسرائيل لا يوجد أحد يقول ذلك بهذه الصورة.