ترجمات عبرية

هآرتس: الحرب في غزة أصبحت عبئا على ايران التي تتصدى الان لمشاكل من نوع آخر

هآرتس6/9/2024، تسفي برئيل: الحرب في غزة أصبحت عبئا على ايران التي تتصدى الان لمشاكل من نوع آخر

حسب معطيات معهد الابحاث التابع للبرلمان فان التقدير هو أنه في جهاز التعليم يوجد تقريبا مليون طالب تسربوا في العام 2023. يضاف الى ذلك عدد آخر الذي بحسبه فانه في هذه السنة سينقص حوالي 176 ألف معلم، وفي وزارة التعليم في ايران يحاولون في اللحظة الاخيرة تجنيد المتقاعدين أو الطلاب الذين يتعلمون التعليم ولم ينهوا تأهيلهم حتى الآن.

معطيات اخرى نشرتها لجنة التعليم في البرلمان تدل على أن حوالي 14 مليون ولد يعيشون في عائلات تجد صعوبة في توفير احتياجات الحياة الاساسية، وجزء كبير منهم يضطر الى الخروج الى العمل بدل الذهاب الى المدرسة. ايضا وزارة الصحة لا توجد لديها بشرى سارة. فمنذ 2 آب يجري في معظم المدن في ايران اضراب للممرضين الذين يطالبون تحسين ظروف حياتهم وتحسين رواتبهم لتلائم التضخم الذي بلغ 40 في المئة، وزيادة القوة البشرية والحصول على أجر على الساعات الاضافية وتعويض نفقات المواصلات. حسب المجلس الاعلى للممرضين فانه في كل شهر يهاجر من الدولة 150 – 200 ممرض وممرضة، و20 في المئة من طلاب الاقسام في كليات التمريض عبروا عن نية مغادرة الدولة.

هذه فقط امثلة حاسمة تؤثر بشكل مباشر، ليس فقط على جودة حياة موظفي الدولة في ايران، بل على مستقبل الجيل الشاب. الممرضون والممرضات، المعلمون والمعلمات، واصحاب المهن الاخرى، القضايا السياسية الكبيرة أو خطة الثأر من اسرائيل بسبب تصفية اسماعيل هنية، لا تعنيهم. صحيح أن الاضرابات أو تسرب الطلاب من المدارس لا تخرج الناس الى الشوارع في مظاهرات كبيرة مثل المظاهرات بسبب قتل الفتاة مهاسا اميني على يد شرطة الاداب قبل سنتين. ولكنها تهز الرواية الوطنية التي تفيد بأن الثورة الاسلامية والنظام الذي اقامته هي افضل بكثير من نظام الشاه. 

بزشكيان الذي تم انتخابه بدعم الاصلاحيين يعرف بشكل جيد حقل الالغام السياسي الذي دخل اليه مباشرة، وهو يسير فيه بحذر كبير، هذا الدخول الذي منحه اياه دعم خامنئي العلني. من غير الواضح ماذا كان وزن توسله لخامنئي بـ “ضبط النفس” في الرد على اسرائيل بسبب تصفية هنية. ولكن حقيقة أن خامنئي صادق مسبقا (كما قال بزشكيان نفسه) على الـ 19 شخص من اعضاء حكومته، تدل على التنسيق والتفاهم السائد بين الزعيمين الكبيرين في الدولة. 

لا يقل عن ذلك اهمية هو قرار حكم خامنئي الذي بحسبه “يجب التشكيك في العدو (القصد هو الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص)، ولكن لا يوجد ما يمنع اجراء الاتصالات معه اذا كانت تخدم مصالح الدولة”. هذا التصريح تم تفسيره كضوء اخضر من الرئيس ومن الحكومة للدفع قدما بخطوات يمكن أن تؤدي الى تخفيف أو رفع العقوبات. وهكذا فانه في فترة ولايته القصيرة تمكن بزشكيان من ارسال اشارة عن نيته اجراء حوارات مع دول الغرب وحتى مع الولايات المتحدة، في الوقت الذي يتضح فيه أن ايران يجب عليها عرض خطة تكون مقبولة على الغرب بشكل عام وعلى الدول الستة الموقعة على الاتفاق النووي بشكل خاص. ما هي الخيارات التي تخطط لها ايران، وهل ستكون مستعدة لاستئناف المفاوضات حول الاتفاق النووي، بخصوص ذلك هي ترسل عدة اشارات التي ما زال يصعب استنتاج أي شيء منها عن خطوات عملية. وزير الخارجية عباس عيراتكتشي قال مؤخرا إن استئناف الاتفاق النووي لم يعد هدف ولا صلة له. ولكنه اضاف بأن ايران تنوي طرح استراتيجية جديدة، امنية ودبلوماسية، من اجل التوصل الى تفاهمات جديدة على رفع العقوبات.

عيراكتشي لم يشرح القصد من ذلك، لكن مجرد تعيينه كوزير للخارجية بمصادقة خامنئي يعتبر اشارة مهمة بحد ذاتها. ولأنه يتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة وتوجد له علاقات ودية مع محدثيه الامريكيين اثناء اجراء المفاوضات على استئناف الاتفاق النووي، فانه يتم اتهامه من قبل المحافظين باعتباره “يعمل ضد مباديء الثورة”. أي أنه شخص مستعد للتراجع امام الولايات المتحدة. وليس فقط هو الذي يشغل الآن منصب رفيع، ايضا محمد جواد ظريف الذي تم تعيينه في البداية من قبل الرئيس ليكون نائبه للشؤون الاستراتيجية، استقال من المنصب احتجاجا على قائمة الوزراء التي عرضها بزشكيان من اجل مصادقة البرلمان عليها، وعاد في الاسبوع الماضي الى المنصب. 

يبدو أنه اذا حدث أي تغيير في سياسة ايران فان ظريف وعيراتكتشي يمكن أن يبعثا الحياة في الحوار مع الغرب حول الاتفاق النووي اذا قرر خامنئي ذلك. ربما أن رسائل واضحة اكثر سيسمعها بزشكيان عندما سيأتي للمشاركة في اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة الذي سيعقد في نيويورك بعد اسبوعين تقريبا.

في نفس الوقت ايران تقوم بفحص بتشكك وقلق التطورات في الشرق الاوسط وتتبع خط عمل حذر يهدف، على الاقل حسب بياناتها، الى تجنب الحرب الشاملة، التي يمكن أن يتطور مركزها في لبنان. ايران ترى كيف أن “حلقة النار” التي اوجدتها من اجل بناء لنفسها سور دفاع، يمكن أن تصبح سهم مرتد يضر ليس فقط لبنان، الذخر الاستراتيجي الاقليمي الاكثر اهمية بالنسبة لها، بل بها هي نفسها، دون أن يكون لديها طوق نجاة يتمثل بدولة عظمى، مثل طوق النجاة الامريكي لاسرائيل. الصين هي في الحقيقة الشريكة التجارية الاكثر اهمية بالنسبة لايران، لكنها ليست حليفة عسكرية. ايران ايضا غير واثقة من موقف روسيا التي تعتبر حليفتها.

اتفاق جديد للتعاون الاستراتيجي بين الدولتين، الذي سيحل محل الاتفاق الذي وقع قبل عشرين سنة، ما زال يتلكأ، حيث أنه في هذه الاثناء روسيا اثارت غضب ايران عندما اعلنت عن تأييدها لتأسيس “ممر زنغزور” الذي سيربط اذربيجان بالجيب الاذري نحتشيبان الذي يوجد في اراضي ارمينيا.

هذا الممر للمواصلات، الذي يمر على طول الحدود بين ارمينيا وايران، سيمكن من المرور بحرية بدون معبر حدودي بين اذربيجان وتركيا. وحسب اتفاق السلام الذي كان روسيا الوسيطة فيه بين اذربيجان وارمينيا فان روسيا واذربيجان هي التي ستراقب المعبر وليس ارمينيا كما طلبت ايران، التي تخشى من أن هذا الممر سيقطع عليها الطريق للوصول الى ارمينيا ومن هناك الى اوروبا، وهي تعتبر هذا الممر كنوع من “محور فيلادلفيا” خاص بها. وبالتحديد في قضية استراتيجية مهمة جدا، روسيا ليست الى جانبها. من اجل اظهار عدم الرضى فان ايران ارسلت في الشهر الماضي تهنئة لاوكرانيا بمناسبة يوم الاستقلال، وهذه بادرة حسن نية اثارت حفيظة روسيا التي هي في الواقع تشتري من ايران الصواريخ والمسيرات الهجومية، لكنها في نفس الوقت تعتبر دولة تهدد مصالح ايران في منطقة القوقاز وتسمح لاسرائيل بالمهاجمة في سوريا وتميل الى اتحاد الامارات في قضية السيطرة في جزر طمب الصغرى وأبو موسى التي توجد في خليج هرمز، التي تدعي ايران ملكيتها لها. 

في هذا الاسبوع نشر عضو البرلمان السابق علي مطهري في صفحته في تويتر رسالة موجهة للرئيس بزكشيان جاء فيها “روسيا لم تأخذ في الحسبان في أي وقت مصالح ايران، خاصة الآن عندما هي متورطة في حرب مع اوكرانيا”. 

عندما يكون الغطاء الاستراتيجي الايراني مثقوب وعندما احتياجاتها الاقتصادية الضرورية تدفعها الى الدفع قدما بالحوار مع الدول الاوروبية، دول الخليج وربما امريكا، فان الحرب في غزة وفي لبنان اصبحت عبئا يهدد استراتيجيتها السياسية والاقتصادية التي تطمح طهران الى دفعها قدما. ولكن لا يوجد في هذه الاثناء لايران أي استراتيجية للخروج من معادلة الرد التي قامت بهندستها مع حزب الله وكل امتداداتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى