ترجمات عبرية

هآرتس: الجيش الاسرائيلي اصبح مترهلا وفوضويا وعديم الانضباط، هذا يجبي حياة البشر

هآرتس 24/11/2024، يوسي ميلمانالجيش الاسرائيلي اصبح مترهلا وفوضويا وعديم الانضباط، هذا يجبي حياة البشر

يجب فحص في الحرب، وحتى في حرب عادلة، اذا كان موت جندي حدث عبثا. بالتأكيد هذا واجب مقدس اذا كانت الحرب استمرت بدون حاجة لاعتبارات سياسية وشخصية. هذه الامور تنطبق بشكل خاص على غور كاهتي، (20 سنة)، الذي قتل في يوم الاربعاء الماضي في جنوب لبنان. هذا كان موت زائد نتيجة الاهمال، الذي مصدره عدم الانضباط في الجيش منذ بداية الحرب في 7 اكتوبر.

لقد تم القاء على الرقيب كاهتي مهمة لم يتم ارساله من اجلها الى الحرب، حماية جولة لمواطن، عالم الآثار زئيف حانوخ ارليخ من مستوطنة عوفرا، الذي خطر بباله ورغب في فحص آثار قلعة قديمة في منطقة معارك. في مكمين لحزب الله قتل ايضا ارليخ (71 سنة) الذي كان برتبة رائد في السابق. من المثير التساؤل حقيقة أن الجيش في البداية قدم معلومات غير دقيقة وكأن ضابط قتل وليس مواطن عادي. ومن غير الواضح ايضا لماذا تم الاعتراف بآرليخ على الفور كشهيد من الجيش، في حين أن الجيش يصمم على عدم الاعتراف بالطيار اساف دغان الذي انتحر في الطريق الى خدمة الاحتياط (كما تقول عائلته)، ولم يعترف بالون شمريز الذي اختطف الى غزة وقتل بالخطأ على يد جنود الجيش الاسرائيلي.

ارليخ دخل الى منطقة عسكرية مغلقة، وهو يرتدي الزي العسكري ويحمل السلاح، بتصريح من رئيس قيادة لواء غولاني، العقيد (احتياط) يوآف يارون، الذي هو نفسه اصيب في الحادثة، وتبين أن هذه لم تكن المرة الاولى. المواطن العادي يمكنه الدخول الى منطقة المعارك فقط بمصادقة خاصة من ضابط برتبة جنرال. لم تكن لدى ارليخ هذه المصادقة. ليس جديدا دخول مواطنين عاديين بدون مصادقة الى لبنان، لكن يجب رؤية الاستخفاف بتعليمات الجيش في سياق واسع وعلى خلفية ظاهرة تسييس الجيش. الجنود والضباط رفعوا شعارات سياسية تدعو للاستيطان في غزة. وهناك من يضعون على الزي العسكري اشارات عن المسيح والهيكل. على الاغلب هذا تم اكتشافه من التوثيق الشخصي للجنود الذين يلتقطون الصور لانفسهم وينشرونها في الشبكات الاجتماعية. استخدام الهاتف المحمول في منطقة القتال، لا سيما لهذا الغرض، ليس فقط مخالف لتعليمات الجيش، بل هو ايضا يعرض حياتهم وحياة من حولهم للخطر، لأن العدو يمكنه معرفة مكان تواجدهم. احيانا التوثيق الشخصي يشبه ظاهرة مرضية، مثل التقاط الصور بجانب جثث المخربين، اطلاق شعارات الانتقام، سرقة بيوت الفلسطينيين وتفجير بيوت دون أن تكون حاجة الى ذلك. 

صحيح أن حالات استثنائية للاستخفاف والغطرسة، وحتى اكثر خطورة من ذلك مثل قتل أسرى حرب والسلب والنهب والطرد، حدثت دائما في الحروب – بدءا بحرب التحرير وحتى حروب لبنان. في حرب لبنان الاولى في 1982 قتل الجنرال (احتياط) كوتي آدم، الذي قررت حكومة مناحين بيغن تعيينه في منصب رئيس الموساد.

في الوقت الذي كان ينتظر فيه تسلم منصبه، وبدون تولي منصب عسكري أو تلقي مهمة، قرر بنفسه التجول في الميدان وقتل في مواجهة مع مخربين فلسطينيين. في تلك الحرب سمح ضباط كبار للمدنيين المقربين منهم، مثل الفنان حاييم طوبول، التجول في ارجاء لبنان. الجيش الاسرائيلي لم يتميز في أي يوم بالانضباط. فمنذ تشكيله هو يراوح بين قطبين: ارث الجيش البريطاني والامريكي، الذي يحرص على تنفيذ التعليمات. وارث التحلل من أي عبء، السائد لدى رجال البلماخ، الذي أحد رموزه كان “سرقة الدجاج” من الكيبوتسات.

لكن مشكلة عدم الامتثال للتعليمات آخذة في التفاقم. في الحقيقة رئيس الاركان قام بتعيين ضابط برتبة جنرال لفحص الظروف التي بسببها حدث الحادث المأساوي في جنوب لبنان. ولكن تجربة الماضي لا تضمن معاقبة المذنبين بالعقوبة الاقصى التي ينص عليها القانون. 

كان يمكن تقليص عدم الانضباط في الجيش، اذا لم يكن انهاءه، لو أن الجيش قام بفرض عقوبة شديدة على خارقي التعليمات. ولكن منذ سنوات قيادة الجيش، لا سيما القيادة العليا، اصبحت رحيمة. هي تفضل عدم فتح التحقيق حول خرق القانون، واذا تم فتح التحقيق فان الضباط أو الجنود الفاسدين يخرجون بعقوبة مخففة. احد اسباب ذلك يكمن في أداء رئيس الاركان، هرتسي هليفي، الذي قريبا ستكون قد مرت سنتان على وجوده في المنصب. منذ بداية الحرب، لا سيما في الفترة الاخيرة، يجد رئيس الاركان نفسه، الذي يتحمل الفشل الواضح، وقد اعترف ذلك، يواجه تحديا على جبهتين. جبهة الحرب بكل ساحاتها، هناك يوجد للجيش الاسرائيلي بقيادته انجازات لا بأس بها، لكنه ايضا يناضل ويديه مكبلة الى الخلف. والجبهة البداخلية التي فيها الوزراء واعضاء الكنيست من اليمين يتطاولون عليه وعلى اصدقائه في قيادة الجيش وجهاز الامن. بما أن ليفي يقول بينه وبين نفسه بأنه لا يمكنه فتح جبهة ثالثة داخلية امام اجزاء في الجيش، لا سيما رجال الاحتياط، والنضال بكل القوة ضد ظاهرة عدم الانصياع والاستخفاف، وغض النظر عن التعليمات. 

النتيجة كارثية. الجيش الاسرائيلي اصبح جيش مترهل، فوضوي وعديم الانضباط. وهليفي والقادة الكبار يجدون صعوبة، أو لا يريدون، استخدام كل صلاحياتهم على مرؤوسيهم. المسؤولية عن اهمال الانضباط الآخذ في الازدياد في الجيش الاسرائيلي في الاشهر الاخيرة، ملقاة كما قلنا في المقام الاول على رئيس الاركان، وهي تعزز ضرورة استقالته.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى