ترجمات عبرية

هآرتس: الجيران يخافون من سيطرة اسرائيل

هآرتس 2/7/2025، اوفير فنتر واميرة اورونالجيران يخافون من سيطرة اسرائيل

وقف اطلاق النار بين اسرائيل وايران استقبل بارتياح في مصر وفي الاردن. سيناريوهات حذرت منها القاهرة وعمان – الاول، حرب شاملة متعددة الجبهات، الثاني، التدهور الى حرب استنزاف طويلة سرافقها ركود اقتصادي وازمة طاقة. هذه السيناريوهات تم تجنبها حتى الآن. اضافة الى ذلك، حتى لو لم تعترف بذلك علنا، الدولتان لا تقلقان من المس بالمشروع النووي الايراني الذي يشكل ايضا تهديد استراتيجي لهما.

مع ذلك، رافق هذا الارتياح قلق متزايد من تغيير ميزان القوة الاقليمي لصالح اسرائيل، ومن السياسة التي يتوقع أن تنتهجها الحكومة الاسرائيلية في اعقاب الحرب. حسب التنبؤ السائد في مصر وفي الاردن فان الانجازات العسكرية لاسرائيل يمكن أن تمنحها الشعور بـ “الانتصار المبالغ فيه” وأن تؤدي الى النشوة والثمل بالقوة، وتشجع قيادتها على تبني مقاربة استقوائية تشمل فرض “نظام اقليمي جديد” بدعم الادارة الامريكية، التي تعتبر منحازة لها. حسب رأي مصر والاردن فان هذه الظروف يمكن ان تحث اسرائيل على تصعيد سياستها العنيفة في قطاع غزة وفي سوريا، وحتى محاولة اسقاط النظام في ايران. الى جانب النشاطات التي تقوض النظام الاقليمي فان الخوف الرئيسي الملموس هو استغلال زخم الحرب من اجل الدفع قدما بخطوات احادية الجانب في الساحة الفلسطينية، مثل ضم مناطق ونقل السكان الى دول جارة وتدمير الوضع الراهن في القدس. هذه الخطوات تعتبر في مصر والاردن خطر على الاستقرار الداخلي فيهما، وتهديد بتصفية القضية الفلسطينية على حسابهما، باعتبار ذلك مناقض لمواقفها المبدئية التي تطالب بايجاد مسار لتسوية النزاع بين اسرائيل والفلسطيني حسب حل الدولتين.

تجدر الاشارة الى ان خوف العرب من الهيمنة الاقليمية لاسرائيل غير جديد. احد الاشخاص الاوائل الذين اشاروا الى الحاجة الى كبح مكانة اسرائيل في المنطقة هو وزير الخارجية المصري والامين العام السابق للجامعة العربية، عمر موسى، الذي في منتصف التسعينيات قام بصياغة رد على هذه القضية بالسياسة الخارجية المصرية. المفهوم الذي صكه هو “تحجيم”، أي تقليص وتصغير دور اسرائيل بحيث لا يتجاوز الوزن المطلوب. في المقابلة التي اجراها عمر موسى بمناسبة مرور سنة على الحرب الحالية، كرر الادعاء بان اسرائيل تريد فرض سيطرتها على المحيط العربي.

نسبة الخوف في مصر وفي الاردن من سيطرة اسرائيل ارتفعت جدا في اعقاب نتائج الحرب بين اسرائيل وايران. محللون وكتاب اعمدة في وسائل الاعلام الرسمية في الدولتين بدأوا في اسماع تعبيرات مثل “العصر الاسرائيلي الجديد”، “الحصرية الاسرائيلية”، “تغيير خارطة الشرق الاوسط”، “خطر وجودي على دول المنطقة”و”اخضاع المنظومة العربية”.

الصحافي والعضو في مجلس النواب المصري، مصطفى بكري، قدر بان “هزيمة ايران ستمهد الطريق الى سيطرة الصهيونية على كل العالم العربي… الامر الذي سيمكن من تجسيد حلم ارض اسرائيل الكاملة”. محرر صحيفة “الشروق” المصرية، عماد الدين حسين، قال ردا على تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو حول اعادة رسم الشرق الاوسط، بأنه في ظل غياب ردع ايران فان هذا السيناريو يمكن أن يتحقق. رئيس لجنة الخارجية في البرلمان المصري السابق، مصطفى الفقي، حذر من أن محاولة اسرائيل تشكيل المنطقة لوحدها ستصعب على قبولها بين جيرانها العرب.

في نفس الوقت محللون وكتاب اعمدة كثيرون في الاردن اشاروا الى ان مواقف الحكومة الحالية في اسرائيل هي عامل يزيد المخاوف. وعبروا عن القلق من أن تقوم باعمال تهدد مباشرة المصالح الوطنية للاردن. مثلا كاتب الاعمدة فهد الحيطان قدر في عموده في صحيفة “الغد” بان نتائج الحرب ستعطي اليمين المتطرف في اسرائيل الفرصة لتوسيع سياسة الاستيطان والتهويد في الضفة الغربية بهدف افشال اقامة الدولة الفلسطينية، وهي خطوة ستؤدي الى المزيد من العنف والتطرف وستمنع الدفع قدما بالسلام في المنطقة.

مثقفون في مصر وفي الاردن يعتبرون الولايات المتحدة واسرائيل شركاء في “المؤامرة”، ويعتبرون نتنياهو وترامب “زعماء نرجسيون”، معنيون بفرض الهيمنة بقوة السلاح. في مقالات في صحيفة “المصري اليوم” المصرية كتب ان واشنطن والقدس تريدان توزيع بينهما كعكة السيطرة في الشرق الاوسط وفي العالم. رئيس رابطة الصحافيين السابق عبد المحسن سلامة تساءل أي شرق اوسط يطمح الى تشكيله ترامب ونتنياهو، هل هو شرق اوسط يخضع لسيطرة اسرائيل واملاءاتها وعدوانها وتوسعها أو شرق اوسط يتمتع بالسلام الحقيقي والعادل ويشمل الاعتراف بحق الفلسطينية بالدولة المستقلة؟.

مقابل تهديد اسرائيل المتزايد تظهر في مصر وفي الاردن نداءات لسياسة عربية منسقة، تخلق وزن مضاد امام اسرائيل، وتستغل تاثير دول الخليج في واشنطن والعواصم الاوروبية. عضو مجلس الاعيان في مصر عبد المنعم سعيد، طالب في عموده في صحيفة “المصري اليوم” الدفع قدما بالحلم العربي للسلام في الشرق الاوسط، وعبر عن الامل بان هذه المبادرة ستوضح لاسرائيل بان تغيير خارطة الشرق الاوسط برئاستها فقط سيعمل على تخليد الحروب.

شبيها بذلك، كتاب اعمدة في الاردن طالبوا الدول العربية بالتعاون من اجل “قطع طريق قطار اسرائيل”، وخلق “نظام عربي جديد” يمكنه مواجهة البنية الجديدة للمنطقة، ويوقف “سيطرة اسرائيل”. الوزير الاردني السابق محمد أبو رومان حذر من ان “هيمنة اسرائيلية اقليمية لن تجلب السلام أو الاستقرار، بل هي فقط ستزيد الازمات والمواجهات والفوضى”.

التخوفات التي تسمع بعد انتهاء الحرب في القاهرة وفي عمان تظهر المعضلة التي تقف امام اسرائيل. فمن جهة، اضعاف ايران والمحور الراديكالي يعطي اسرائيل فرصة حقيقية لزيادة الضغط على حماس من اجل التوصل الى اتفاق على انهاء الحرب وتحرير المخطوفين، وتجنيد الدول العربية المعتدلة للمساعدة في استقرار واعادة اعمار قطاع غزة، وتوسيع دائرة التطبيع الاقليمية. ومن جهة اخرى، تجنيد شركاء عرب في هذه الخطوات سيجبر اسرائيل على الاعتراف بموقفهم واعطاءه الاهمية.

في الخطاب الذي القاه للجمهور الاسرائيلي بعد انتهاء الحرب، عبر نتنياهو عن الامل في فتح “محور سلام وازدهار مع شعوب المنطقة”. المفتاح لتحقيق هذا التطلع لا يكمن فقط في استعراض القوة العسكرية أو فرض الاملاءات، بل بالذات في الامتناع عن السياسة التي يتوقع أن تعتبر في الدول الجارة سياسة متغطرسة أو استقواء. اسرائيل ستحسن صنعا اذا عملت على استئناف الحوار وتعزيز الثقة مع مصر والاردن، مع أخذ في الحسبان احتياجاتهما وتخوفاتهما، والعمل على صياغة سياسة متفق عليها معهما، بما في ذلك في القضية الفلسطينية.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى