هآرتس: الجميع يطلقون النار على الجميع
هآرتس 17/5/2024، رفيت هيخت: الجميع يطلقون النار على الجميع
الحادثة الفظيعة في جباليا، التي قتل فيها خمسة من المظليين بقذائف دبابة، هي جزء صغير من الواقع الصادم، لكن أيضا هي دليل على مكونات كثيرة للكارثة المستمرة التي نحن عالقون فيها. قواتنا تقوم باطلاق النار على قواتنا، في منطقة تم احتلالها في السابق، وبكابوس سيزيفي يواصل جباية ثمن بالدماء بدون أي جدوى. وبتطوير مخيف للتصريح الرائع لمدرب كرة القدم دافيد شفايتسر، “الجميع يخدع الجميع”، يمكن القول بأنه هنا في هذا المكان، الجميع يطلقون النار على الجميع.
إسرائيل تتم مهاجمتها من قبل ايران وأذرع إسلامية أصولية. وإسرائيل تحدث ضرر وقتل شديد في غزة. في الضفة السلطة الفلسطينية ضعيفة. نسبة العمليات في الذروة. المستوطنون يفعلون كل ما يخطر ببالهم. جهاز الامن يهاجم رئيس الحكومة الذي تحركه الدوافع السياسية. وهو يقوم برد الهجوم في الوقت الذي فيه يلقي عليه كل التهمة والمسؤولية عن كل الإخفاقات. بنيامين نتنياهو يحارب ضد الولايات المتحدة، التي إسرائيل تعتمد عليها. الولايات المتحدة تحارب ضده وتفرض عليه عقوبات متحدية. الساحة الدولية معادية لإسرائيل التي تتدهور بسرعة الى حالة روسية. الجبهة الداخلية الديمغرافية فيها، يهود العالم، يبدو أنها تعرضت للتهديد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.
في داخل كل هذه الفوضى من الجدير التوقف بالذات عند الحرب الداخلية، لأنها ذات التأثير الأكبر على كل المتغيرات. خطوط تطورها وتصاعدها ستحدد وبحق اذا كانت إسرائيل ستبقى على قيد الحياة أم لا.
الاحتكاك الصارخ وغير المسبوق بين المؤسسة الأمنية ورئيس الوزراء، حتى في فترة الحرب، يرفع حرب المعسكرات الى ذروة جديدة، التي دخلت الى مرحلة علنية وزادت ليس مع الانقلاب النظامي أو عند صعود اليمين المتطرف أو حكومة التغيير السابقة، بل في 2015 عند إعادة انتخاب نتنياهو وتقديم الملفات الجنائية ضده وبداية رحلته لاغتيال الرسمية الإسرائيلية (دولة إسرائيل) بعد تشخيصها من قبله بأنها تعرض حكمه للخطر.
يوجد قاسم مشترك واحد بين هذه المعسكرات وهو الشعور العميق بالفشل منذ 7 أكتوبر فصاعدا. ولكن هذا القاسم المشترك ليس فقط غير موحد، بل هو يعمل كالوقود لتسريع النزاع. بخصوص الخلافات فانها غير قابلة للحل أو التسوية. اليمين الكهاني، البيبي والحريدي، يطالب بالترانسفير، واحيانا حتى أكثر من ذلك. اليسار – الوسط يطالب بوقف الحرب وبلورة حل سياسي ينطوي على تنازلات جغرافية، حتى لو أنه هذه الاثناء من غير الواضح مع من. القلق الحقيقي على مصير المخطوفين والمطالبة باعادتهم الفورية مشمول في رؤية اليسار والإنسانية، لكن أيضا هو يستخدم كأداة ضغط لفرض وقف الحرب.
خلال السنين حاول نتنياهو امساك العصا من الطرفين: خطاب بار ايلان، الوعد بالضم، مصافحة ياسر عرفات وأبو مازن، التقلب في قضية اليئور ازاريا وشرعنة الكهانيين. الوضع الآخذ في تطويقه يثبت أنه لم يعد هناك أي مكان لمواصلة الامتناع عن اتخاذ القرارات أو تأجيلها.
للوهلة الأولى تمثيله المتفوق في الحكومة، والسيناريو الديمغرافي، يبدو أن يد اليمين الكهاني، البيبي والحريدي، هي العليا. ولكن من غير الواضح أن هذا هو الوضع. وعدم جدوى الحرب يتسرب الى الأجزاء الرخوة في البيبية، التي ما زالت تعرف نفسها بأنها تكره النخب واليساريين، لكنها ليست شريكة في هستيريا استيطان قطاع غزة والاعتماد على حلول خلاصية. في نهاية المطاف هذه المجموعة، التي هي غير نشطة بشكل خاص وعلى الاغلب تفصل نفسها عن المشاركة السياسية، يمكن أن تختار بضاعة المعسكر الليبرالي، لسبب بسيط وهو أنها تطرح حياة أفضل بكثير من الحياة الموجودة في دولة أصولية متخلفة. انظروا الى شعوب المنطقة، وعلى رأسهم الفلسطينيين الذين يقودهم الآن همجي أصولي حكم عليهم بالقتل والتهجير.
السؤال المطروح الآن هو: ما هو حجم المعاناة التي سنجتازها في الطريق واذا كنا سننجح في ذلك.