ترجمات عبرية

هآرتس – التهديد الحقيقي على استقرار الاردن ،  ليس العائلة المالكة بل الضغط الاقتصاد

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 5/4/2021

” المخاوف من الانقلاب هي أمر روتيني في الاردن. وعلى خلفية الشكوك بين أبناء العائلة المالكة من الجدير أخذ الاتهامات الحالية بالتآمر بحذر. وتأثير الكورونا على الاقتصاد في الاردن يمكن أن يكون هو التهديد الحقيقي على استقرار المملكة “.

       قبل سنتين تقريبا، في أيار 2019، نشرت صحيفة “القبس” الكويتية نبأ مفزع يقول إن شخصية مقربة من الملك عبد الله خططت لمؤامرة استهدفت تقويض استقرار المملكة الاردنية. وبعد فترة قصيرة أقال الملك رئيس جهاز المخابرات، عدنان الجندي، وقبل ذلك أقال عدد من المستشارين والمقربين كجزء مما سماه “اعادة تنظيم البلاط الملكي”.

       في حينه كان يبدو أن الملك أحبط محاولة انقلاب حقيقية في اللحظة الاخيرة. ولكن المحللين العرب اعتقدوا أن هذه الخطوات الصاخبة استهدفت بالذات تهدئة الرأي العام في الاردن بعد فترة من المظاهرات الكبيرة التي طالب فيها المتظاهرون ليس فقط توفير أماكن عمل لهم وخفض الضرائب ومحاربة الفساد، بل ايضا اطلقوا نداءات ضد الملك وطالبوا برحيله.

       الآن ايضا تفضل وسائل الاعلام في الاردن والتي يسيطر عليها النظام، الرواية الرسمية التي تقول إن اعتقال 20 شخصية رفيعة من العائلة المالكة والنخبة العسكرية والسياسية استهدفت احباط محاولة انقلاب خططها الامير حمزة، شقيق الملك من والده، هو والمستشار السابق باسم عوض الله وابن عم الملك الشريف حسن بن زيد، بمشاركة عدد من رؤساء العشائر. موقع “عربي 21” المصري الذي يحظى بدعم قطر ذهب بعيدا وقال استنادا الى مصادره بأن السعودية واتحاد الامارات كانتا شريكتان ايضا، وربما حتى بادرتا الى محاولة الانقلاب.

       هذه التقديرات يجب أخذها بحذر. العلاقات بين الامير حمزة والملك تضعضعت في السابق في العام 2004 عندما قرر الملك عزل الامير من منصب ولي العهد من اجل تعيين ابنه في هذا المنصب، الامير حسين، الذي تم تعيينه بعد اربع سنوات على ذلك. حمزة الذي هو الآن رهن الاقامة الجبرية هو ابن الملكة نور، الزوجة الرابعة للملك حسين. وبالنسبة لها عزل ابنها كولي للعهد كان ضربة قاسية ما زالت تؤثر عليها حتى الآن.

       على سبيل المثال، عندما في شهر آب نشر الامير علي، الاخ غير الشقيق لعبد الله (إبن الملكة علياء) تغريدة شديدة تدين اتفاق السلام بين اسرائيل ودولة الامارات خلافا لسياسة الملك منع توجيه الانتقاد، شاركت الملكة نور التغريدة في حسابها في تويتر. الآن قامت نور بالتغريد بأنها تأمل بانتصار الحقيقة والعدالة بالنسبة لجميع ضحايا هذا التشهير. أي أن الملكة نور لا تصدق رواية محاولة ابنها القيام بمحاولة انقلاب ضد شقيقه. حمزة اعلن بعد عزله بأنه مخلص للملك وهو يعتبر نفسه جندي في خدمته. والامير علي قام بحذف تغريدته ضد اتفاق السلام. ولكن محبة كبيرة  لا تسود بين أبناء العائلة.

       ايضا العلاقة بين الشخصية الرفيعة التي تم اعتقالها، د. باسم عوض الله، وبين الملك عانت من التقلبات. عوض الله شغل منصب مستشار كبير للملك حتى عزله من منصبه في 2010، هو ورئيس المخابرات في حينه محمد الذهبي، الذي اتهم وحكم عليه بتورطه في الفساد. عوض الله الذي يحمل الجنسية السعودية الى جانب الجنسية الاردنية، تقرب كثيرا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان واصبح المستشار الاقتصادي المقرب له، حتى أنه شارك في تخطيط مدينة المستقبل “نيؤوم”. في نفس الوقت، قام بنسج علاقة وثيقة مع ولي عهد اتحاد الامارات، بل وتم تعيينه عضوا في مجلس ادارة جامعة دبي. هذه العلاقة هي التي تثير الآن الشكوك في أن السعودية ودولة الامارات متورطتان في المؤامرة. هما، بالمناسبة، سارعتا الى نشر بيان تأييد مؤثر للملك عبد الله والمملكة.

       اسلوب عمل روتيني

        صحيح أن العلاقات بين الاردن والسعودية ودولة الامارات ليست في ذروتها، لكن الاكثر من ذلك هو أن الملك عبد الله يشتبه بأن السعودية تريد أن تسلب منه السيطرة على الاماكن المقدسة في القدس، لا سيما في منطقة الحرم، التي فيها حسب اتفاق السلام مع اسرائيل توجد مكانة خاصة. السعودية يوجد لها حساب مفتوح مع الملك عبد الله على عدم سماحه برحلات طيران هجومية تنطلق من المملكة ضد سوريا، وهي السياسة التي أدت الى تجميد طويل للمساعدة السعودية للاردن.

        اتحاد الامارات اعتبرت حليفة مقربة من الاردن، والعلاقة بين عبد الله ومحمد بن زايد وثيقة. ولكن التوقيع على اتفاق السلام بين الامارات واسرائيل والذي لم يكن الملك في دائرة المشاورات بخصوصه، قوض استراتيجية الاردن التي تربط بين حل النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين وبين توسيع دائرة السلام العربي مع اسرائيل. قضية زيارة نتنياهو في دولة الامارات التي تم الغاءها في اعقاب رفض الاردن فتح سمائه امام طائرة الامارات التي كان من المفروض أن تنقل نتنياهو الى أبو ظبي، خلقت كما يبدو توتر بين الدولة الخليجية والاردن. ولكن في نهاية المطاف خدمت بشكل جيد حاكم أبو ظبي كمخرج للهرب من مناورة كان يمكن أن تورطه في الانتخابات الاسرائيلية.

       المخاوف من عمليات الانقلاب هي أمر يميز معظم الممالك والامارات في الشرق الاوسط. وتطهير الصفوف وعزل شخصيات رفيعة واجراء تغييرات حكومية هي وسيلة روتينية حتى في دول استبدادية غير ملكية. على هذا الصعيد، السعودية تعتبر قدوة في كل ما يتعلق بالتطهير واحباط المؤامرات العائلية. محمد بن سلمان لم يتردد في ادخال والدته الى الاقامة الجبرية واعتقال أمراء وحكام مناطق واقصاء “مشتبه فيهم” بالتآمر ضده.

       في الاردن الاسلوب مختلف. فبعد فترة قصيرة على تتويج الملك عبد الله في العام 1999، صرح أنه لا ينوي تبني سياسة والده وتغيير الحكومات مثلما يغير الجوارب. هذا التصريح تم انتقاده بسرعة عندما بدأ بتعيين رؤساء حكومة ووزراء بوتيرة أسرع من والده الملك حسين. وقد مرت منذ ذلك الحين اكثر من 20 سنة، والملك الذي كان رمزا للجيل الشاب من الحكام العرب، هو وملك المغرب وحاكم قطر والرئيس السوري الذين تم تتويجهم في نفس الفترة، اصبح ملك بالغ وله تجربة، حيث نجح ليس فقط في البقاء في الحكم، بل في أن يجمع حوله تحالف عربي ودولي مؤيد.

        ولكن نجاحه الشخصي لم يجلب معه انجازات كبيرة للمملكة. ففي نهاية شهر آذار حصل الاردن على ثناء متحفظ من صندوق النقد الدولي الذي توقع زيادة في الناتج القومي الخام الاجمالي بنسبة 3.6 في المئة في السنة القادمة. ولكن هذه الزيادة تعتمد بدرجة حاسمة على المساعدات الخارجية وعلى الهبات. الكورونا كان لها تأثير كبير على اقتصاد الاردن وعلى ميزانية الدولة، آلاف المصالح التجارية اغلقت ونسبة البطالة الرسمية قفزت الى اكثر من 25 في المئة والمليون و300 ألف لاجيء يساهمون في دورهم الكبير في العبء الاقتصادي وفي الشوارع تستمر المظاهرات، حتى لو كانت بدرجة اصغر بكثير من التي ميزت العام 2019.  في هذه المظاهرات، وليس في مؤامرات الانقلاب، يكمن التهديد الحقيقي على استقرار الاردن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى