هآرتس: التنمر على رعاة الاغنام في الضفة يلقى تعبيرا آخر في سرقة خرافهم
هآرتس 21/4/2024، عميره هاس: التنمر على رعاة الاغنام في الضفة يلقى تعبيرا آخر في سرقة خرافهم
في صباح يوم الاحد 14 نيسان، عماد أبو علية من المغير، رد أخيرا على الهاتف. من صوته كان يمكن الفهم بأنه كان من بين المصابين في الهجوم الذي قام به اسرائيليون على القرية في شمال شرق رام الله في نهاية الاسبوع الماضي. “أنا في المستشفى منذ يوم الجمعة”، قال ولم يتحدث عن اصابته، بل انتقل على الفور الى اغنامه. “لقد سرقوا قطيعي، 120 رأس من الاغنام”. عندما سرق الاسرائيليون في بداية آذار رأسين من الاغنام ثار غاضبا. لم يكن من الصعب تخمين بماذا يشعر الآن. “ماذا سأفعل من دونها؟”، تساءل بوهن. “يجب أن أعيدها”.
أبو علية ليس الوحيد. ففي الاشهر الاخيرة وصلت الى هآرتس تقارير عن اسرائيليين مسلحين، الذين احيانا كانوا يرتدون الزي العسكري، وبشكل عام لهم ملامح اليهود المتدينين، القبعات المنسوجة والسوالف والاهداف، الذين قاموا بسرقة الاغنام من الفلسطينيين. هذه التقارير وصلت من مناطق ازدادت فيها في العقد الاخير بؤر مزارع الاغنام الاسرائيلية غير القانونية وغير الشرعية، لكن المزدهرة.
في نهاية نفس اليوم في مستشفى في رام الله قال أبو علية “في يوم الجمعة قمنا بالصلاة بسرعة لأننا عرفنا أن المستوطنين يحيطون بالقرية. هذا فقط عندما عرفنا أن هناك فتى مستوطن اختفى. أنا اضع الاغنام في حظيرة بدأت في اقامتها في سهل القرية. خرجت من المسجد وشاهدت جمهور من المستوطنين. ورأيت أن بعضهم يقومون باقتحام الحظيرة ويخرجون الاغنام. أردت أخذ الحمار كي أركب عليه واقوم بجمع الاغنام. المستوطنون انقضوا علي مثل وابل الامطار”. لقد قاموا بضربه بالحجارة والعصي ، هو يتذكر، وبعد ذلك فقد الوعي. لم يقم أحد بتوثيق ما حدث بسبب الخوف أو لأن الجميع كانوا ينشغلون بانقاذ بعضهم البعض وانقاذ انفسهم. كان هناك شعر في احد الضلوع وانتفاخ في الوجه وصعوبة في الكلام والتهاب في الاذن اليمنى وألم في الرأس، كل ذلك هو الدليل على ما حدث. والبيت والحظيرة، و20 بيت وسيارة قام الغزاة باحراقهابحضور جنود الجيش الاسرائيلي. في وقت لاحق وجد 20 جدي ميت باطلاق نار في حظيرة احد سكان القرية.
حسب السكان فان الاسرائيليين الغزاة قاموا باطلاقالنار الحية على من حاولوا صد الاقتحام والدفاع عن بيوتهم. جهاد أبو علية (25 سنة) اطلقت النار عليه وقتل متأثرا بجراحه. وقد قالوا في القرية إن اسرائيلي اطلقالنار عليه وليس جندي. شقيقة عماد وابن شقيقه وأبناء عائلة آخرين هم من بين الـ 22 شخص الذين اصيبوا باطلاق النار. بسبب الحواجز الترابية التي وضعها الجيش على الطرق التي تربط القرية بقرى اخرى وبسبب بوابة الحديد المغلقة على المدخل الشرقي لشارع الون، فان انقاذ المصابين في سيارات الاسعاف تأخر نحو ساعتين. لولا هذا التأخير لربما كان يمكن انقاذ جهاد.
عماد (48 سنة) وأغنامه، التقيت معه للمرة الاولى في نهاية شهر آذار، على سفح تلة خضراء ترتفع بلطف فوق تضاريس القرية المنبسطة. من الشرق يوجد شارع الون. وحسب أبو عليه فانه في 5 آذار الماضي سرق منه اربعة من الاسرائيليين (اثنان بالزي العسكري واثنان بملابس مدنية) كبش ونعجة، بالضبط امام ناظريه وبتهديد السلاح، اثناء الرعي على تلك التلة. هم نزلوا من سيارة “تويوتا” وكمنوا له بين اشجار الزيتون واقتربوا منه وطلبوا منه رؤية بطاقة هويته، وهددوه بالبندقية وقاموا باختطاف الاغنام. كبش ونعجة هذا أقل بكثير من الـ 29 رأس من الاغنام التي تمت سرقتها قبل يوم، 4 آذار، من الاخوة الاربعة في عائلة غنيمات، والجار من كفر مالك. حوالي 14 اسرائيلي، من الجنود والمدنيين، كمنوا لهم عند رعي القطعان على سفح الجبل غرب شارع الون. بالضرب ستة من الذين كانوا يرتدون الملابس المدنية نجحوا في ابعاد 350 رأس من الاغنام عن اصحابها، قال عبد الكريم غنيمات. ولكن هو وشقيقه والجار نجحوا في استعادتها وعادوا الى المنطقة المأهولة في القرية.
البيوت في كفر مالك تنتشر على عدد من التلال المرتفعة جنوب قرية المغير. ومثل هذه القرية ايضا توجد لقرية كفر مالك اراض شرق شارع الون. وكما نشر اكثر من مرة في “هآرتس” فان الاعتداء والتهديد من قبل سكان البؤر الاستيطانية قلص مناطق الرعي التي يستخدمها الفلسطينيون في الضفة الغربية، قبل اقامة دولة اسرائيل بفترة طويلة. عائلات اضطرت الى بيع القطعان بسبب منع الوصول الى مناطق الرعي وارتفاع اسعار الاعلاف التي يتم شراءها. بضغط من هذا العنف الممنهج، وتجاهل السلطات، فانه في 2021 – 2022 غادر اكثر من 12 تجمع للرعاة الخيام في المنطقة التي تقع شرق شارع الون. هناك توجد مستوطنات ريمونيم وكوخاف هشاحر والبؤر المتزايدة. في أيار 2023 غادر تجمع آخر للرعاة الخيام التي عاشوا فيها عشرات السنين في عين سامية. هؤلاء هم نفس الاخوة الرعاة من عائلة غنيمات والجار. الاعتداء الجديد الآن يعطيهم اشارة بأنه “ايضا غرب الشارع لن تعرف الراحة”.
عند اندلاع الحرب فان عنف المستوطنين المسلحين، الذين في مرات كثيرة يرتدون الزي العسكري، فرض على نحو 18 تجمع للرعاة في الضفة الغربية مغادرة مناطقهم الثابتة، من بينها 5 تجمعات في مناطق الرعي التقليدية شرق المغير وكفر مالك. لقد سبق حالة واحدة من طرد تجمع فلسطيني في الفترة الاخيرة سرقة الاغنام. في 11 تشرين الاول سرق اسرائيليون 150 رأس من الاغنام من تجمع للرعاة في القانوب في محافظة الخليل. بعد ذلك العائلات الثمانية في هذا التجمع اضطرت الى المغادرة بضغط العنف المتزايد.
في نهاية تشرين الثاني قام اسرائيليون باقتحام قرية المعرجات البدوية في شمال اريحا (بذريعة أنه تمت سرقة اغنامهم)، وقاموا بسرعة 20 رأس من الاغنام، كما نشرت هاجر شيزاف. في 10 شباط الماضي نشر بأن اسرائيليين قاموا بسرقة 6 من الاغنام في قرية قراوة بني حسان وفي سلفيت. قبل يوم من ذلك، في 9 شباط، سرق اسرائيليون 200 رأس من الاغنام لرياض الشلالدة (32 سنة) من قرية كوبر في شمال غرب رام الله. من بين الرعاة الذين تمت سرقة اغنامهم هو الاول الذي التقيت معه بعد تسعة ايام على الحادثة. النشر عن الاعتداء عليه وسرقة اغنامه تأخر بسبب التقارير من قطاع غزة.
المتحدث بلسان الجيش حصل على تفصيل كامل عن رواية الشلالدة وعما سمي بالتأخير. وهو لم ينف التأخير الطويل الذي كان قرب نحلئيل. وبشكل غير مباشر أكد على أن الامر يتعلق بمستوطنين من المنطقة، الذين تم تجنيدهم للاحتياط في اطار الدفاع القطري. “منذ اندلاع الحرب قوات دفاع قطرية كثيرة تعمل في لواء فرقة يهودا والسامرة من اجل حماية المواطنين، ضمن امور اخرى، ايضا في كتلة تلمونيم“، كتب. وحسب اقواله فانه حتى 23 آذار الماضي “ظروف الحادثة ما زالت قيد الفحص. وأي شكوى يتم الحصول عليها حول سلوك غير مناسب لجنود الجيش الاسرائيلي، بما في ذلك اثناء النشاطات العملياتية أو تجاه معتقلين، سيتم فحصها كما هو سائد وسيتم علاجها وفقا لذلك”.
السكرتير العام لـ “أمانة”، زئيف حيفر، أكد قبل ثلاث سنوات ما استخلصه الفلسطينيون ونشطاء اليسار منذ فترة طويلة من الحقائق المتراكمة على الارض: هناك اسلوب ومنطق ومؤسسات تقف من وراء مزارع الرعاة العبريين المتزايدة. هي (واعمال العنف الذي لم يتحدث عنها حيفر)، طريقة مجربة من اجل السيطرة بسرعة على اكبر قدر من اراضي الفلسطينيين. اكبر من المناطق التي نجحت بيوت المستوطنين في السيطرة عليها خلال سنوات. نحن لا نعرف اذا كانت سرقة الاغنام في الفترة الاخيرة هي مجرد عملية تقليد غير منظمة أو أن الامر يتعلق بتطور واع للاسلوب. على أي حال، باستثناء عمليات القتل، من بين جميع الهجمات العنيفة فان سرقة الاغنام تتسبب بالضرر الاكبر للرعاة وعائلاتهم. فالتكلفة المرتفعة للخروف أو الحمل (2000 – 6000 شيكل) هي نتيجة سنوات الرعاية والاستثمار فيها منذ الولادة. الرعي هو نمط حياة يتم الحفاظ عليه وانتقاله من جيل الى جيل، وهو مصدر دخل وحساب توفير لكل عائلة تريد أن يكمل ابناءها المسيرة، أو أن يحصلوا على التعليم العالي. أي سرقة للاغنام هي بمثابة محو لكل ذلك.