ترجمات عبرية

هآرتس: التقدم نحو مركز غزة: السياق والإحداثيات

هآرتس 2023-11-10، بقلم: عاموس هرئيل: التقدم نحو مركز غزة: السياق والإحداثيات

رغم تقدم قوات الجيش الإسرائيلي نحو مركز مدينة غزة فإن قوة المواجهات العسكرية بينها وبين المنظومة الدفاعية لحماس كانت في الأيام الأخيرة متدنية أكثر مما توقعوا في الجيش الإسرائيلي.

هذا ينبع كما يبدو من القوة التي استخدمها الجيش الإسرائيلي. حجم القوات المدرعة التي تعمل في غزة كبير جداً، والمساعدة الجوية التي تتلقاها على الفور وبشكل كثيف، إلى درجة أن حماس فضلت في البداية الانتظار في الأنفاق والامتناع في معظم الحالات عن المواجهات المباشرة.

وسيلة القتال الرئيسة التي تستخدمها حماس هي قذائف الـ “آر.بي.جي” التي يطلقها “المخربون” الذين يخرجون من فوهات الأنفاق.

منظومة “معطف الرياح”، التي تقوم بحماية الآليات المدرعة، اعترضت مئات الصواريخ والقذائف، التي بعضها كان مزوداً برأس متفجر مطور، ومنعت إصابات شديدة.

هذا كان بعد الحادثة الاستثنائية التي قتل فيها عشرة جنود من جفعاتي بسبب تفجير ناقلة الجنود المدرعة “النمر” في بداية العملية البرية.

في إسرائيل قدروا أن حماس تدرك نسبة القوة على الأرض، وركزت على محاولة قضم ذيل وحدات الجيش الإسرائيلي، في حين أبقت معظم قوتها في الأنفاق.

أمس (أول من أمس) كان يبدو أن حماس قد بدأت في تغيير طبيعة عملها، وربما شددت معارضتها كلما اقترب الجيش الإسرائيلي من مراكز ثقلها.

وقد ثار في الأيام الأخيرة الاهتمام الكبير بمستشفى الشفاء في غرب مدينة غزة.

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد دانييل هاجري، ذكر في الأسابيع الأخيرة استخدام حماس للمستشفيات.

في المنظومة تحت الأرضية التي توجد تحت المباني يوجد “المخربون” والقيادات والسلاح. الآلاف من المدنيين وجدوا الملجأ في المستشفى ومحيطه، إضافة إلى المرضى والجرحى الذين يتم استغلالهم كدروع بشرية لرجال حماس.

يساعد الوقود الذي تم إعداده لمولدات الكهرباء في مستشفيات القطاع أيضا منظومة التبريد في أنفاق حماس.

من مستشفى الشفاء تخرج أنفاق تتشعب إلى كل أجزاء المدينة وتنضم بعد ذلك أيضا إلى أجزاء أخرى في القطاع. من غير المستبعد أن عددا من المخطوفين يتم احتجازهم في الأنفاق.

إلى جانب التركيز على المستشفى فإن إسرائيل تقوم بفحص أفكار لتخفيف الأزمة الصحية الشديدة في القطاع.

الأردن واتحاد الإمارات وتركيا يرسلون معدات طبية ويستعدون لإمكانية إقامة مستشفيات ميدانية في جنوب القطاع أو البحر المتوسط أمام شواطئ غزة. مصر استوعبت في السابق عددا صغيرا من الجرحى من القطاع.

تعمل قوات الجيش الإسرائيلي الآن بشكل واسع قرب مستشفى الشفاء وفي مخيم اللاجئين القريب، الشاطئ.

هذا محيط مأهول ومكتظ، ويتكون جزء منه من بنايات متعددة الطبقات، ما يصعب تقدم القوة المهاجمة.

وحتى لو لم يكن يحيى السنوار وزمرته يوجدون في المنطقة، فإن السيطرة على منطقة مستشفى الشفاء ستعتبر نجاحاً لإسرائيل. ولكن هنا يوجد شرك مزدوج. أولا، هذا مقرون بمخاطرة لقوات الجيش الإسرائيلي، التي يمكن أيضا أن تؤدي إلى تعقيد دولي إذا تم قصف المستشفى نفسه. ثانيا، حتى النجاح هناك لن يمحو انطباع الفشل من بداية الحرب.

تقدم القوات يتم على تكتكة الساعة الدولية المُلحة – الرئيس الأميركي، جو بايدن، قال أمس (أول من أمس) بأنه طلب من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إعطاء هدنة إنسانية لثلاثة أيام في القطاع من أجل الدفع قدما بإطلاق سراح عدد من المخطوفين.

نتنياهو قال أمس إنه لن يكون أي وقف لإطلاق النار دون إطلاق سراح المخطوفين. مصادر في مصر وفي قطر قالت إنه توجد على الأجندة صفقة جديدة بوساطة قطر لإطلاق سراح 15 مخطوفا من أسرى حماس مقابل وقف النار لبضعة أيام.

في إسرائيل ما زالوا يتشككون. قبل أسبوعين، عشية بداية العملية البرية، انتظروا هنا بشرى من قطر حول صفقة أكبر لإطلاق سراح المخطوفين. وعندما تبين أن قيادة حماس غير جدية وأنها فقط تريد كسب الوقت، تخلت إسرائيل عن الاتصالات وقامت بإدخال القوات إلى القطاع.

صحيفة “نيويورك تايمز” نشرت أمس مقالا طويلا وممتعا عن الطريقة التي ترى فيها حماس هذه الحرب.

جهات رفيعة في حماس قالت للصحيفة إن الدمار الشديد وغير المسبوق في القطاع لا ترى فيه حماس أي نتيجة لتقدير خاطئ من ناحيتها.

بالنسبة لها هذا هو الثمن الضروري للإنجاز الكبير وهو ضعضعة الوضع الإقليمي الراهن وبداية فصل جديد في النضال ضد إسرائيل.

خليل الحية، أحد رؤساء حماس الموجود في قطر، تفاخر أمام مراسل الصحيفة وقال: “نحن نجحنا في إعادة القضية الفلسطينية إلى الطاولة. والآن لا أحد في المنطقة يشعر بالهدوء”. عضو آخر من المنظمة قال إنه يأمل بأن وضع الحرب على طول حدود اسرائيل يصبح أمرا دائما وأن تنضم إليه الدول العربية.

حماس وبحق حققت انتصارا فظيعا. لكن يصعب القول في هذه المرحلة إن الأمر يتعلق بانتصار استراتيجي.

السنوار أنزل على الفلسطينيين في القطاع بالتأكيد كارثة غير مسبوقة منذ العام 1948.

وإذا كان يأمل بأن الإنجاز العسكري سيورط في الحرب إيران وحزب الله فإنه حتى اليوم حقق فقط إنجازاً محدوداً.

إيران تقوم باستخدام المليشيات وحزب الله يطلق النار على الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان، ولكنهما امتنعا حتى الآن عن تحويل المواجهة إلى حرب إقليمية.

بشكل استثنائي وصل أمس (أول من أمس) كابينيت الحرب لزيارة في قيادة المنطقة الوسطى في القدس، المسؤولة عن الضفة الغربية.

حتى الآن زار أعضاء الكابينيت قيادة المنطقة الجنوبية مرة واحدة، وتم عقد الجلسات في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب.

وحتى الآن لم يكن لديهم الوقت للقيام بجولة في الجبهة الثانية من حيث الأهمية حتى الآن وهي قيادة المنطقة الشمالية. ولكن نتنياهو صمم على عقد الجلسة في قيادة المنطقة الوسطى.

سبب ذلك، ليس للمرة الأولى أثناء الحرب، هو سياسي في جوهره. في الجلسة حدد نتنياهو أيضاً موعداً لعقد اجتماع مع رؤساء المستوطنين. ومن جهة أخرى، رؤساء البلدات والمجالس المحلية في الغلاف، الذين تعرضت مستوطناتهم لأضرار قاتلة في الهجوم الإرهابي في 7 تشرين الأول، لم يحظوا بوقت ممتع مع رئيس الوزراء منذ اندلاع الحرب. ولكن حتى في الحرب هناك أشخاص متساوون وهناك متساوون أكثر، أولويات نتنياهو واضحة للجميع. أمس إزاء الانتقاد وعد بأن يتفرغ في القريب أيضا لسكان الغلاف.

نتنياهو خاضع لضغوط شديدة من الجناح اليميني المتطرف في الحكومة برئاسة الوزير بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.

الأول يقوم بوضع عقوبات أمام تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية. عمال الضفة الغربية لا يدخلون إلى المستوطنات وإلى داخل الخط الأخضر بسبب الخوف من تنفيذهم عمليات إرهابية على خلفية الحرب.

والآن تمت إضافة طلب للمستوطنين والوزراء وهو منع الفلسطينيين من قطف أشجار الزيتون التي توجد قرب المستوطنات.

في جهاز الأمن يحذرون من أن التوتر في الضفة يزداد وأن أي إدارة غير حذرة للحكومة يمكن أن تؤدي هناك إلى فتح جبهة أخرى أكثر اشتعالا.

يبدو أن زيارة كابينيت الحرب استهدفت تهدئة أحزاب اليمين المتطرف قليلاً، رغم أن أعضاءها هم أعضاء فقط في الكابينيت العادي، الذي يمتنع نتنياهو عن عقده منذ أسبوع. في موضوع الضفة تتفق مواقف نتنياهو مع مواقف الجنرالات الثلاثة المتقاعدين في كابينيت الحرب، الوزير يوآف غالانت وبني غانتس وغادي أيزنكوت.

بالنسبة له يجب إبقاؤها كساحة ثانوية وعدم إغضاب الإدارة الأميركية. أدان نتنياهو “الثلة الصغيرة جداً” للمستوطنين “الذين يأخذون القانون في أيديهم”.

كان يجب على الحكومة فعل أكثر من ذلك، وأيضا الجيش الإسرائيلي. بشكل خاص في الأسبوع الأول بعد المذبحة كان في الضفة الغربية هياج للجيش الإسرائيلي، بالأساس للمستوطنين، الذي في جزء منه مصدره هو الخوف الحقيقي من الفلسطينيين. ولكن رافقته أيضا الرغبة في استغلال هذه الفرصة من خلال وضع اليد على الأراضي وفرض الرعب على سكان القرى.

الجيش الإسرائيلي لا يظهر الحزم الكافي في هذا الشأن رغم الأخطار الواضحة.

في استمرارية مباشرة لذلك فإن الجيش يظهر التسامح تجاه السلوك السياسي منفلت العقال لليمين حول القتال في غزة.

المثال الأخير على ذلك هو الفيلم الذي ظهر فيه جندي احتياط وهو يقوم بغرس شجرة على انقاض مستوطنة نتساريم، بدعوة منه لتحرير “كل أسرى صهيون”، ومن بينهم المخرب اليهودي عميرام بن أوليئيل، الذي قتل عائلة دوابشة.

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي اكتفى برد خفيف بحسبه الصورة “لا تتلاءم” مع قيم الجيش.

تضاف هذه الحادثة إليها تصريحات لرجال الاحتياط حول النية في استغلال الحرب من أجل إعادة الاستيطان في غوش قطيف.

إسرائيل انطلقت إلى الحرب في غزة، مع تضامن مثير من قبل جنود في الخدمة النظامية وفي الاحتياط، مع الشعور العميق بأن هذه حرب عادلة. يمكن الافتراض بأن أغلبية ساحقة من الاسرائيليين لم تدعم الأبناء والبنات عند الخروج إلى المعركة بسبب الاعتقاد بأن الأمر يتعلق بمعركة لتحرير غوش قطيف.

وحتى عندما فرضت علينا حرب قاسية فإن هيئة الأركان يجب أن تحافظ على الروح الرسمية، وإلا فإن هذه ستكون أخطاء سندفع ثمناً باهظاً عنها فيما بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى