ترجمات عبرية

تسفي برئيل / التعاون بين اسرائيل وروسيا – يجعل الاسد شريكا استراتيجيا

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 3/7/2018

في بداية العام 2012 بلورت وزارة الخارجية توصيات بخصوص الموقف المرغوب فيه لاسرائيل تجاه الرئيس السوري بشار الاسد. حسب تقرير في صحيفة “هآرتس”، اعتقدوا في وزارة الخارجية أنه يجب التنديد بالقتل في سوريا والدعوة الى تنحية الاسد عن منصبه. هذا على ضوء مخاوف اسرائيل أن تكون هي الدولة الوحيدة في الغرب التي لم تقم بادانة الاسد. ومن شأنها أن توقظ نظرية المؤامرة التي تقضي بأن القدس معنية بالحفاظ على نظام المجرم في دمشق. افيغدور ليبرمان الذي كان في حينه وزير الخارجية تبنى التوصيات.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عارض ذلك، لكنه أدان المذبحة والجيش السوري، وقال بشكل حاسم إنه “لا يوجد لزعماء مختلفين أي عوائق اخلاقية في قتل جيرانهم وأبناء شعبهم”، لكن للأسف لم يذكر لا كمسؤول ولا كمن يجب تنحيته. سفير اسرائيل في الامم المتحدة، رون بروشاور، ذهب ابعد من ذلك واعلن أنه “لا يوجد للاسد حق اخلاقي في قيادة شعبه”.

المراوغة الدبلوماسية الاسرائيلية والخلاف بين ليبرمان ونتنياهو فقط عززت نظرية المؤامرة. قادة في مليشيات المتمردين كانوا على قناعة بأن اسرائيل معنية باستمرار نظام الاسد، وهم كانوا محقين. الآن على خلفية تحسين سيطرته على معظم اجزاء سوريا وادارة المعركة الاخيرة ضد المتمردين في الجنوب يتولد الانطباع المضلل بأن اسرائيل تقوم الآن فقط بصياغة سياسية جديدة تقضي بأنها “تسلم بنظام الرئيس بشار الاسد”. قبل عدة اسابيع وردت تقارير تقول إن اسرائيل اوضحت لروسيا بأنها لن تعارض بقاء الاسد وكأن القرار يوجد في أيديها أو أن لديها رافعة تأثير على طبيعة النظام الذي سيقوم بعد انتهاء الحرب. اسرائيل ليس فقط “سلمت” بنظام الاسد، بل هي تخشى من امكانية أن تنجح المليشيات المختلفة في ازاحته وبهذا تبدأ حرب اهلية جديدة بين القوات المنتصرة.

في اوراق موقف كتبت في الجيش الاسرائيلي ووزارة الخارجية في السنتين الاخيرتين لم يظهر تأييد جدي للاسد. ولكن من مجمل التقديرات يظهر أن كل الجهات ترى في استمرار حكم الاسد خيار مفضل، وحتى ضروري لأمن اسرائيل. التعاون العسكري الوثيق بين اسرائيل وروسيا الذي منح اسرائيل  يد حرة في ادارة حرب محددة ضد قواعد حزب الله وقوافل السلاح واهداف ايرانية، ضم اسرائيل الى تحالف غير رسمي مع الدول العربية التي تؤيد بقاء حكم الاسد.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى في 2015 مع رئيس الاستخبارات السوري علي مملوك، وفي نفس السنة اعلن الاسد أن “مصر وسوريا توجدان في نفس القارب”. وفود مصرية زارت مؤخرا دمشق رغم حقيقة أن سوريا طردت من الجامعة العربية. وحتى أن السيسي اعلن في مقابلة أجريت معه في 2017 أن “مصر تدعم جيوش دول مثل جيوش ليبيا والعراق وسوريا”، وليس المتمردين. الملك الاردني عبد الله الذي كان من اوائل الزعماء الذين ادانوا الاسد وطلبوا تنحيته، انضم ايضا الى الموقف المصري، وبسبب ذلك صعد الى مسار التصادم مع السعودية. مؤخرا في اعقاب عدة محادثات اجراها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع القيادة الروسية، اصبحت الرياض لا تتحدث ضد بقاء الاسد.

التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي بدأ في العام 2015 تم تقديره في حينه في اسرائيل كتدخل غير ناجع مصيره الفشل. فعليا روسيا ليس فقط احدثت ثورة في مكانة الاسد الداخلية بل ايضا اوجدت تحالف متعدد الجنسيات مع ايران وتركيا وحيدت التدخل في الساحة السورية لدول عربية مثل قطر والسعودية واتحاد الامارات. اسرائيل بقيت كما يبدو مع اقل الامور سوء بعد أن قطعت الولايات المتحدة نفسها عن الساحة قبل ذلك. ولكن يتبين أن التحالف الروسي لا يتضمن روابط محبة. لقد حدثت خلافات بين ايران وروسيا في موضوع السيطرة على المناطق الامنية. وتركيا التي قامت بغزو المناطق الكردية في شمال سوريا تهدد استراتيجية دولة سوريا الموحدة التي تسعى اليها روسيا.

على خلفية ذلك، اذا كان هدف اسرائيل هو طرد ايران من سوريا، فان روسيا، وليس الولايات المتحدة أو الدول العربية، هي التي تستطيع القيام بذلك. روسيا هي الدولة العظمى الوحيدة التي تستطيع تقييد نشاطات ايران في سوريا، وربما حتى جعلها تنسحب من سوريا. الاعتماد الكبير للاسد على روسيا، حتى اكثر من اعتماده على ايران، يخلق معادلة سهلة بالنسبة لاسرائيل. حسب هذه المعادلة فان سياسة سوريا الخارجية بما في ذلك سياستها العتيدة تجاه اسرائيل، ستمر بمصفاة الكرملين وبذلك سيتم ضمان على الاقل التنسيق مع اسرائيل وتقليل التهديد من هذا الاتجاه.

هذه ليست معادلة احادية الجانب، لأن اسرائيل ملتزمة في المقابل بعدم المس بنظام الاسد.  اضافة الى ذلك، عندما تتحدث اسرائيل عن أن اتفاق الفصل من العام 1974 ما زال ملزما للاطراف، أي أن اسرائيل لن تسلم بادخال قوات سورية الى مناطق من شأنها أن تكون منزوعة السلاح في هضبة الجولان، من الافضل أن نذكر أن الذي اشرف على تنفيذ الاتفاق هو قوة مراقبي الامم المتحدة. وفعليا  من حرص في الجانب السوري على عدم خرق الاتفاق كان نظام الاسد الذي حافظ على حدود هادئة خلال عشرات السنين. اسرائيل التي لا تحترم بشكل كبير قدرات مراقبي الامم المتحدة استغلت ميزان الردع العسكري من اجل التوضيح للاسد بأنه من الافضل له احترام اتفاق الفصل.

في الوقت الحالي ستنضم لقوات المراقبة (اذا وعندما يعود الى هضبة الجولان) روسيا ايضا، التي ترى بنفس المنظار مع اسرائيل الحاجة الى الحفاظ على حدود هادئة. حسب موقف اسرائيل، يجب عليها تمني نصر ساحق للاسد وأن تطول ايامه. حيث أنه عندما يهدد وزراء في اسرائيل كرسي الاسد اذا سمح لقوات ايرانية بالتمركز قرب الحدود في اسرائيل فانهم بذلك يهددون ايضا روسيا وبصورة مباشرة يهددون التعاون الاستراتيجي الجديد لاسرائيل الذي يجلس في قصر الرئاسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى