هآرتس: التسونامي السياسي يصل

هآرتس 21/5/2025، يونتان ليس وليزا روزوفسكي: التسونامي السياسي يصل
تسلسل الاحداث السياسية التي عرفتها اسرائيل أمس كانت استثنائية بكل المعايير. “الوضع في غزة لا يطاق”، قال للصحيفة دبلوماسي غربي مطلع على الاجراءات ضد اسرائيل. “لقد حان الوقت للتوقف. صور الاطفال الذين يناضلون على الحصول على صحن من الارز والتقارير عن جوع حقيقي، وحقيقة أن اسرائيل لا تفعل بما فيه الكفاية من اجل ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع، كل ذلك لا يمكن أن يسمح لنا بالوقوف اكثر مكتوفي الايدي”.
منذ يوم الاثنين توجد ازمة تلو ازمة: زعماء فرنسا، بريطانيا وكندا، اعلنوا بأنهم سيفحصون فرض عقوبات على اسرائيل؛ 25 دولة غربية نشرت بيان تعبر فيه عن القلق من الوضع في غزة؛ الحكومة البريطانية اعلنت عن تجميد المفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة مع اسرائيل؛ وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي اعلن عن فرض عقوبات على المستوطنين؛ السفيرة الاسرائيلية في بريطاني تسيبي حوطوبلي، تم استدعاءها لمحادثة في وزارة الخارجية البريطانية. في موازاة ذلك وزيرة خارجية السويد، ماريا ملمار ستانرغراد، اعلنت نيتها الدفع قدما بفرض عقوبات على وزراء اسرائيليين، وهي الخطوة التي تم وقفها بعد ذلك، في حين أن وزير الخارجية الفرنسية جان نوئيل بارو، اعلن أمس بأنه يؤيد فحص الغاء اتفاق الشراكة بين الاتحاد الاوروبي واسرائيل. بعد بضع ساعات بمبادرة وزير خارجية هولندا، التقى وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل لمناقشة الغاء هذا الاتفاق.
17 دولة من بين الـ 27 دولة في الاتحاد الاوروبي قررت المصادقة على اعادة النظر في الاساس القانوني للاتفاق الرئيسي بين الاتحاد واسرائيل، اتفاق الشراكة. من اجل الغاء كل الاتفاق فانه مطلوب اجماع، وفي هذه الحالة لا يمكن الغاءه. مع ذلك، باغلبية ساحقة يمكن الغاء اجزاء في الاتفاق، مثل اتفاق التجارة الحرة الذي يسمح لاسرائيل بالتصدير الى الاتحاد الاوروبي بدون جمارك، أو خطة “الهورايزون”، التي تسمح لاسرائيل بالتعاون مع الاتحاد في مجال العلوم والتكنولوجيا.
في اسرائيل تفاءلوا من أن دول مثل ايطاليا والمانيا واليونان وقفت في التصويت في الممثلية الى جانب اسرائيل. في وزارة الخارجية في هذه المرحلة يتشككون من امكانية الغاء اتفاق الشراكة، لكنهم اعترفوا بأن قرار اعادة النظر فيه هو اشارة تحذير مهمة. مصدر سياسي قال للصحيفة بأن هذه الخطوة كانت متوقعة. “اعلان كلاس هو حدث مؤسف، لكن كان يمكن أن يكون اسوأ. فقد كانت كل التحركات في الـ 24 ساعة الاخيرة مخطط لها، شرك مخطط له كنا نعرف عنه. كانت سلسلة من الاحداث التي مهدت للنقاشات بين وزراء الخارجية في بروكسل، من خلال العمل المشترك بين السفراء ووزراء الخارجية استطعنا ادارة هذه الخطوة”.
“الرصاصة انطلقت من فوهة البندقية”، قالت في المقابل، الدكتورة مايا سيئون تصدقياهو، من معهد متافيم في الجامعة العبرية”، “نحن لا نعرف الى أين سيؤدي وماذا سيكون رأي المستشار القانوني. هذه خطوة تدهور بشكل اكبر مكانة اسرائيل كدولة منبوذة، تفقد عدد من الاصدقاء في اوروبا. هذا السيل حدث بسرعة في الاسابيع الاخيرة، والقرار يمكن أن يشجع على التسونامي السياسي”.
وزير الخارجية جدعون ساعر تحدث مؤخرا مع 10 وزراء خارجية في اوروبا واستمع للانتقاد الكبير لدولهم. في جلسة الكابنت في يوم الاحد اوضح للوزراء بأن الانتقاد الاوروبي يمكن أن يكون معزز بالافعال ايضا. المستوى الامني أكد في النقاشات على أنه حسب منظومة الرقابة الاسرائيلية فان الوضع الانساني في غزة وصل الى الخط الاحمر، وأنه توجد حاجة فورية لادخال المساعدات. رئيس الحكومة نتنياهو، بالتنسيق مع الادارة الامريكية، قرر بأنه سيتم ادخال المساعدات على الفور. وبعد بدء الشاحنات بالدخول الى غزة فان مصادر سياسية سارعت الى التوضيح للنظراء بأن اسرائيل تعمل وبحق على تقليل الجوع وأنها لا تكتفي بالتصريحات فقط. مصدر مطلع قال ان نتنياهو يخطط لاصدار في الغد بيان رد على الخطوات الاخيرة للدول الغربية ضد اسرائيل.
لكن خطوة اسرائيل المستعجلة كانت بعيدة عن تكون مرضية للمجتمع الدولي. في عدد من الدول الاوروبية عبروا عن الانتقاد للخطة الجديدة لتوزيع المساعدات التي ستبدأ بالعمل خلال اسبوعين. “هذه هستيريا”، قال اول امس دبلوماسي اوروبي في محادثة مع “هآرتس”. “لا توجد أي امكانية لأن يعمل ذلك. اسرائيل تقوم باغلاق 400 موقع لتوزيع المساعدات في غزة وتستبدلها بـ 4 – 5 مواقع. سيكون 6 آلاف شخص سيأتون للحصول على الغذاء في كل موقع. وأنا آمل جدا أن لا يقوموا بهذا الخطأ. هذا سيكون أمر فظيع”.
في اسرائيل حددوا نقطة الازمة القادمة. ففي شهر حزيران يتوقع أن تعقد فرنسا والسعودية مؤتمر في نيويورك، يتم الاعلان فيه عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. حسب بعض المصادر فان الحديث يدور عن مبادرة سعودية استهدفت منحها انجاز سياسي، الذي يعكس القلق على الشعب الفلسطيني. ولكن جهات سياسية قدرت بأن منظمي المؤتمر يعملون على زيادة عدد الدول التي ستعترف بالدولة الفلسطينية. رئيس الدولة اسحق هرتسوغ الذي شارك في يوم الاحد في احتفال اداء البابا لليمين في الفاتيكان، سافر من هناك بشكل مفاجيء الى باريس. رئيس الدولة الذي يقوم احيانا بمهمات دبلوماسية دولية، التقى مع الرئيس عمانويل ميكرون بشكل لم يتم التخطيط له. اضافة الى اعادة طرح قضية المخطوفين، طرح الرئيس ايضا خوف اسرائيل من المؤتمر الفرنسي – السعودي. وحسب التقديرات فان اسرائيل ستجد صعوبة في افشال هذه الخطوة، التي ستحقق كما هو مخطط له.