هآرتس: الاستيطان في غزة؟ هذا الأمر بدأ
هآرتس 12/9/2024، ميخال سيلع: الاستيطان في غزة؟ هذا الأمر بدأ
خطة توطين اسرائيليين يهود في المنطقة التي تسمى شمال قطاع غزة، التي تحدث عنها الوف بن (“هآرتس”، 9/9) ليست إلا تجسيد لخطة دافيد بن غوريون وقادة الاستيطان اليهودي، الاستيطان في كل ارض اسرائيل وطرد كل العرب، بأموال يهود امريكا. هكذا اقيمت في الاعوام 1936 – 1939 بطريقة “السور والبرج” 52 مستوطنة. كل ذلك من اجل الاضرار باقتراح حكومة بريطانيا اقامة دولة ثنائية القومية، وتقليص فضاء عيش الفلسطينيين. هكذا اقيمت في 1946، 11 بؤرة استيطانية في النقب، بما في ذلك نيريم وبئيري، كوسيلة تأثير على رسم خارطة تقسيم البلاد قبل النقاشات في الجمعية العمومية بعد سنة من ذلك.
الحرب، حرب الاستقلال أو النكبة، اوجدت المحفز والادوات للطرد والقتل وتوسيع المناطق اليهودية في ارض اسرائيل. قطاع غزة بقي، رغم استياء بن غوريون، في يد مصر، لكنه اصبح خلال فترة قصيرة الى مكان لطرد معظم الفلسطينيين اليه الذين يوجدون في المثلث الجغرافي بين يافا وبئر السبع وغزة. بن غوريون لم يهدأ بسبب أن قطاع غزة ليس تحت سيطرة اسرائيل. محاولة فرنسا وبريطانيا في 1956 منع تأميم قناة السويس على يد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، أسرت بن غوريون الذي تحمس لامكانية الانضمام وتحقيق الحلم: السيطرة على قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء حتى قناة السويس. وهو ايضا قام بوضع خطة لطرد جميع الفلسطينيين، حسب رأيه اعادة توطينهم في شبه جزيرة سيناء ومصر والعراق.
في هيئة الاركان كانت من العام 1954 توجد وثيقة “نابو” التي تتكون من 43 صفحة، خطة توسيع حدود اسرائيل، الحيوية من اجل البقاء. السيطرة على شبه جزيرة سيناء حتى قناة السويس، وتقسيم المملكة الاردنية بين اسرائيل والعراق، والتوسع الى ما وراء الصحراء السعودية والسيطرة على آبار النفط ورسم خط الحدود مع سوريا في جبال الباشان، وفي قطاع غزة اخلاء كل السكان (السيطرة وابادة السكان المعادين الذين يبلغ عددهم اكثر من 1.3 مليون شخص). “سياسة التخفيف” يمكنها حسب وثيقة “نابو” أن تندمج في جهد استيطاني كبير.
حدود الخط الاخضر لم تعتبر في أي وقت في دولة اسرائيل كحدود دائمة. بالعكس، الجيش تم اعداده لمدة 19 سنة من اجل احتلال كل المنطقة بين النهر والبحر، الوحدات القتالية التي درست الطبوغرافيا وحتى وحدات جمع الوثائق، كل شيء تم اعداده، بما في ذلك تفجير الجسر على الشارع السريع بين عمان والقدس في حرب الايام الستة.
يبدو أن بن غوريون استخف بقيمة الحياة التي ازهقت. في عملية ثأر قام بالاحصاء “لديهم ثمانية ولدينا ستة”. في سيناء كتب: قتل بالاجمال تقريبا 150. ما الذي تغير منذ ذلك الحين؟ فقط الوحشية، السخرية، دعم معظم اليهود في دولة اسرائيل للرأي الذي يقول بأن الفلسطيني هو قاتل ومثير للاشمئزاز، وأن القتل هو قيمة سامية لأن رسالة الله هي التدمير والتسوية بالارض والسيطرة وفقدان الصورة الانسانية. بعد ذلك تحدثوا عن الاستراتيجية. بعد قتل سكان من كفر قاسم اثناء عودتهم من العمل في الحقول، وضع القاضي بنيامين هليفي مفهوم “علم يرفرف عليه علم اسود”.
الآن باروخ غولدشتاين ويغئال عمير وعميرام بن اولئيل هم ابطال الثقافة. عندما يديرون عيونهم يتحدثون عن الارض المقدسة بين النهر والبحر. اليهود وليس الفلسطينيين. كل ذلك بعد 76 سنة من الطرد والتهجير والحرمان من مصدر الرزق والحكم العسكري بدون عوائق وخرق بنود اخرى في الاعلان حول حقوق الانسان الذي لم تنضم اليه اسرائيل.
أن نستوطن في غزة؟ هذا الامر سبق وبدأ. بعد حرب شبه جزيرة سيناء في 1956 استوطنت لفترة قصيرة مجموعات استيطانية. وبعد العام 1967 القصة معروفة. الآن في معظم المنطقة، لا سيما في شمال القطاع الذي طوله حوالي 40 كم، سبق وقامت الطائرات بالتسوية، وبعد ذلك جاءت الجرافات التي تحركت بين تلال الرمال التي ظهرت فجأة فوق انقاض المباني والبشر. لقد وضعوا مباني غير ثابتة لخدمة رجال الجيش، لكن مثلما هو التقليد في الضفة الغربية هذه ستنتقل بالتأكيد الى يد المستوطنين.
على المسجد الذي تم تدميره من اساسه وضعوا المازوزة. مجموعة من المجموعات اصبحت جاهزة كما وصفت مراسلة الصحيفة (6 ايلول) المجموعة التي استوطنت غابة اشكلون. لقد تطورت المعرفة من اجل أن يتم بين عشية وضحاها اقامة مستوطنات “سور وبرج”، مستوطنة غير قانونية، كما يسمونها الآن باللغة النظيفة السائدة منذ العام 1967.
عن الطرد والهدم والقتل والحكم العسكري الذي كان موجود ذات يوم، ابناء جيلي يعرفون ذلك من الحياة. بالنسبة للشباب لا يوجد ادنى مفهوم بأنهم وضعوا الناس في طابور في حقول عيلبون (هم لا يعرفون حتى أين ذلك) في 1948 واطلقوا النار عليهم وقتلوهم، وأنه في 1956 وضعوا في خانيونس اشخاص بجانب الحائط وقاموا بتصفيتهم، بابي يار بالنسخة الاسرائيلية.
ماذا في ذلك؟ قولوا شكرا لأن رئيس حكومة اسرائيل ومعظم مواطني اسرائيل اليهود هم طيبون ويسمحون بتجميع 2.5 مليون شخص (مع خصم الـ 40 ألف الذين تمت تصفيتهم) في خيام في قشرة جوز. أليس هذا جيدا بالنسبة لهم؟ اذا كان الجواب لا فلينهضوا ويذهبوا. في ارجاء الضفة الغربية هذا الامر يعمل بنجاح.