ترجمات عبرية

هآرتس: الازمة في سوريا لا تهم الولايات المتحدة، وهي لن تتدخل فيها

هآرتس 9/12/2024، الون بنكاس: الازمة في سوريا لا تهم الولايات المتحدة، وهي لن تتدخل فيها

هناك امور اساسية يمكن قولها عن الولايات المتحدة وسوريا وسقوط نظام الاسد. الاول، الولايات المتحدة تفاجأت: المخابرات التكتيكية الامريكية لاحظت سيناريو هجوم منظمات المعارضة، لا سيما هيئة تحرير الشام التي تعتبر في امريكا منظمة ارهابية، خاصة بعد ضعف حزب الله في اعقاب الحرب ضد اسرائيل واحتلال حلب. ولكن المخابرات السياسية الاوسع لم تحل لغز الاشارات على الانهيار السريع والمبهر.

الثاني، رغم أنهم يميلون الى القاء في خلاط كبير الولايات المتحدة، روسيا، تركيا، ايران، اسرائيل، الاردن، العراق وحتى الصين، ورسم صورة لازمة دولية متدحرجة، إلا أنه لا يوجد لما يحدث في سوريا أي اهمية بالنسبة للولايات المتحدة. لا يوجد لسقوط الاسد تأثير فوري للمس بالمصالح الامريكية باستثناء مصلحة واحدة وهي اضعاف روسيا، التي يوجد لها مصالح تاريخية في المشرق حتى من فترة كاترينا الكبرى وحفيدها نيقولا الأول. ولكن الحرب الطويلة والفاشلة في اوكرانيا وانهيار اقتصاد روسيا وفقدان ذخر استراتيجي مثل سوريا، يمكن أن تخفف على ادارة ترامب فرض وقف اطلاق النار وتسوية في الحرب بين روسيا واوكرانيا.

السؤال الكبير الذي ستفحصه الولايات المتحدة في الفترة القريبة القادمة هو حول هوية النظام في سوريا. هل سوريا ستصبح ملعب اقليمي يؤثر على الدول المجاورة؟ هل سيكون هناك نظام مركزي أو تجزئة على شاكلة البلقان، مناطق تحت سيطرة تركيا والاكراد ومنظمات جهادية مختلفة؟ في مثل هذه الحالة الولايات المتحدة ستعارض امكانية اعادة اقامة داعش وتهديد حلفائها، اسرائيل، الاردن والعراق. وهي حتى ستقف امام تدخل تركيا، العضوة في الناتو ولكنها ليست بالضبط حليفة لامريكا.

حتى الآن في هذه المرحلة الولايات المتحدة تكتفي بـ “المتابعة الملاصقة للاحداث ومخازن السلاح الكيميائي لنظام الاسد”. في اللغة الدبلوماسية يمكن القول “حتى الآن لا توجد لنا سياسة ومن غير المؤكد أن تكون”. المتحدثون المشوشون بلسان الادارة الامريكية شرحوا بأنه لا توجد أي نية للولايات المتحدة للتدخل. الرئيس المنتخب دونالد ترامب كتب في الشبكات الاجتماعية بأنه “لا يوجد للولايات المتحدة أي مصلحة أو علاقة بما يحدث في سوريا. هذه ليست حربنا. يجب علينا السماح لها بالتطور وحدها. محظور علينا التدخل”.

من ناحية الولايات المتحدة فان الهجوم الكبير لمنظمات المتمردين ضد نظام الاسد وانهياره المطلق كان “بجعة سوداء”. حدث له تداعيات كبيرة كان بصورة مفاجئة. ولكن بأثر رجعي يتم تفسيره كأمر مفهوم ومنطقي. يصعب التوقع مسبقا سقوط نظام مع تأثيره الجيوسياسي المتراكم، ليس بسبب عدم امكانية حدوث ذلك، بل لأن من ينشغلون في هذه الامور توجد لهم آراء مسبقة. تفكير القطيع وجمود فكري. هكذا يمكن رؤية احداث 7 اكتوبر من ناحية اسرائيل، وبدرجة كبيرة غزو روسيا لاوكرانيا.

الولايات المتحدة منحت الرعاية لعملية سياسية بين اسرائيل وسوريا بضع مرات: في فترة حكومة رابين 1993؛ في اواخر التسعينيات في فترة حكومة نتنياهو؛ في الاتصالات المباشرة في فترة ولاية اهود باراك؛ في مؤتمر شبردزتاون الذي استضافه الرئيس بيل كلينتون في كانون الثاني 2000. ولكن في 2011 عند اندلاع الحرب الاهلية في سوريا بقيت الولايات المتحدة في الخارج، في اطارالانفصال بالتدريج عن الصراعات في الشرق الاوسط.

في المرحلة الاولى للحرب وحتى العام 2014، ايدت الولايات المتحدة منظمات المعارضة وحتى أنها اعتبرتها جزء من الربيع العربي واضعاف النظام. في 2013 حذر الرئيس براك اوباما الاسد من أن السلاح الكيميائي هو تجاوز للخطوط الحمراء، لكن الولايات المتحدة امتنعت عن الرد عندما استخدم الجيش السوري هذا السلاح ضد المدنيين. بعد ذلك بدأت امريكا ترى المعارضة كجزء من داعش، وحتى أنها اصبحت جزء في ائتلاف غريب شمل روسيا وايران واسرائيل. نظريا هذا كان تحالف ضد داعش، وعمليا هذا كان تحالف لحماية نظام الاسد من اجل “الاستقرار”، والخوف من أن تكون بديل اسوأ.

تدخل روسيا العسكري في سوريا في 2015 عزز الاسد. والولايات المتحدة اكتفت بعملية “سقوط شجرة الجميز” لـ سي.آي.ايه، وهي تسليح قوات “مؤيدة للديمقراطية” وتدريبها. في 2017 قام ترامب بالغاء العملية بناء على طلب من فلادمير بوتين. وفي 2019 قام بسحب القوات الامريكية من سوريا، وبقي فيها حوالي 900 “مستشار فني” امريكي لشؤون الجيش، عملهم هناك يعتبر لغز.

يبدو أن الولايات المتحدة تربح من الوضع الذي تكون فيه روسيا ضعيفة بسبب فقدان ذخر جغرافي على شاطيءالبحر المتوسط، وهو وضع تضررت فيه ايران لأنها فقدت القدرة على المناورة وبث قوة جيوسياسية وقوة ردع. ولكن، بشكل متعمد، لا يوجد للولايات المتحدة أي سياسة منظمة وشاملة في الشرق الاوسط، لأنها توصلت الى الاستنتاج قبل عشر سنوات بأنه لا توجد لها أي مصالح حيوية للدفع بها قدما (أو الحفاظ عليها) في المنطقة؛ لأن التدخل في الحرب في افغانستان وفي العراق والتوتر مع ايران لا يخدمها.

لا أحد يعرف أي سياسة في الشرق الاوسط ستبلورها ادارة ترامب. فهو توجد لديه المرشحة لهيئة المخابرات القومية، تولسي غفارد، التي قالت إن الاسد لم يستخدم في أي يوم السلاح الكيميائي، وأنه شاب لطيف؛ والمرشح لوزارة الخارجية، الذي هو غير ضليع في شؤون المنطقة؛ والمرشح لوزارة الدفاع، الذي ينشغل بصد اتهامه بالتحرش الجنسي. ترامب، كما يقول الشعار: “غير خبير، لا يهتم وغير متوقع”.

يبدو أن ترامب سيكون خاضع لتأثير السعودية، قطر ودولة الامارات، اكثر من التأثر بعباقرة السياسة الخارجية في واشنطن، بالذات بسبب ذلك، بعد ستة أو سبعة اشهر سننظر الى الوراء ونقول إن سقوط نظام الاسد كان المحفز لاتفاق نووي جديد مع ايران. نتنياهو سيتحدث كالعادة عن فرصة لتقويض النظام في ايران. ومن غير الواضح اذا كان سيكون في البيت الابيض من سيستمع.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى