هآرتس: الاتفاق مع لبنان يخدم نتنياهو، الذي لا يظهر أي اشارة على صفقة في القطاع
هآرتس 26/11/2024، عاموس هرئيل: الاتفاق مع لبنان يخدم نتنياهو، الذي لا يظهر أي اشارة على صفقة في القطاع
صوت ضجة الابواق بشر كالعادة باتجاه القرارات، منذ اللحظة التي بدأ فيها الكثير من المراسلين في وسائل الاعلام المتماهية مع رئيس الحكومة في هذا الاسبوع في التحدث عن مباركة الاتفاق الذي يلوح في الافق مع لبنان، كان من الواضح أن الحكومة تعمل على وقف اطلاق النار في الساحة الشمالية. حتى الآن بقيت عدة اجراءات بيروقراطية، على رأسها عقد الكابنت في يوم الثلاثاء وتوضيحات اخيرة يجب على اسرائيل أن تنهيها مع الوسطاء الامريكيين، لكن هناك احتمالية عالية في أن التوقيع على الاتفاق سيكون في الايام القريبة القادمة.
اذا لم يحدث أي تغيير في اللحظة الاخيرة فيبدو أن التفاؤل الذي حرصت ادارة بايدن على نثره خلال اشهر أخيرا اصبح قريب من التحقق. بعد تقريبا 14 شهر على القتال تقف اسرائيل امام انهاء المواجهة مع حزب الله. وما لا يقل اهمية عن ذلك هو أن غزة بقيت تقريبا وحدها كجبهة رئيسية اخيرة، وحماس لم تعد تحصل على دعم ناجع من حزب الله.
في هذه النقطة يتوقع أن يتطور خلاف آخر في اسرائيل بين الذين يطالبون بالنصر المطلق على حماس وبين الذين يقولون بأنه يجب بلورة صفقة ايضا في غزة. الاوائل يؤيدون بالفعل حرب بلا نهاية في القطاع، في حين أن الاخيرين يعتقدون بأنه اذا انهت اسرائيل الحرب في الشمال بدون هزيمة العدو الاكثر قوة فهي بالتأكيد يمكن أن تسمح لنفسها بالموافقة على صفقة في القطاع، التي يمكن أن تنقذ حياة نصف المخطوفين، الذين حسب التقديرات ما زالوا على قيد الحياة.
وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير حرص على ابعاد نفسه عن أي خوف من الاتهام بالانهزامية، واعلن امس بأنه اوصى نتنياهو بالاستمرار في الحرب في الشمال الى حين هزيمة العدو بشكل مطلق. ولكن عمليا، حتى بن غفير، لا يهدد بالانسحاب من الائتلاف اذا تحقق الاتفاق. مثلما في قضية صفقة المخطوفين الاولى قبل سنة بالضبط فان بن غفير يتملص من المسؤولية عن النتائج – لكن ليس بثمن التنازل عن الكرسي. معظم الوزراء في الكابنت يتوقع أن يؤيدوا الاتفاق، رغم أن الجمهور الصورة لديه معقدة اكثر، بالتأكيد في اوساط سكان الحدود الشمالية. كثيرون منهم من مصوتي اليمين الذين يخشون من أنه لا يكفي ما تم فعله للقضاء على تهديد حزب الله.
تاريخ انتهاء الصلاحية
من بين اقوال الابواق في صفحة الرسائل التي يتم املاءها عليهم، يفضل الاستماع الى العميد احتياط آفي ايتام، وهو من المستشارين غير الرسميين لنتنياهو. فقد وصف الاتفاق الآخذ في التبلور بـ “هدنة مؤقتة لستين يوم”، التي بعدها يجب علينا رؤية ما الذي سيحدث. في مقابلة مع “كان” تطرق ايتام الى المرحلة الاولى في الاتفاق، التي يمكن أن يحدث فيها في نفس الوقت ببالتدريج انسحاب للجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان، ومغادرة حزب الله للمناطق التي تقع في جنوب نهر الليطاني، ودخول الجيش اللبناني بالتدريج الى المنطقة. ايتام برر سعي نتنياهو لعقد الاتفاق بالذات في هذا الموعد بالذات بسبب العلاقة مع الامريكيين. ادارة بايدن، حسب قوله، تستخدم الآن بالفعل حظر جزئي للسلاح لاسرائيل. في نفس الوقت هي تفحص الامتناع عن استخدام الفيتو على قرارات مناهضة لاسرائيل في مجلس الامن.
حسب ايتام فان اسرائيل بحاجة الآن الى تقليص اخطار الحرب والامتناع عن التصادم الزائد مع الرئيس التارك وانتظار دخول الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، الى البيت الابيض عند أداء اليمين في 20 كانون الثاني القادم. من المهم المعرفة بأن ايتام امتنع عن توصية سكان مستوطنات المنطقة الشمالية بالعودة الى بيوتهم بعد التوقيع على الاتفاق. فقد اقترح الانتظار بضعة اشهر الى حين اتضاح الصورة. وهو لم يستبعد استئناف الحرب بعد تتويج ترامب. وحسب قوله فان الحرب ما زال يمكن أن تمتد لسنتين الى حين توجيه الضربة القاضية لحزب الله.
في المقابل، مؤخرا قدرت بعض الجهات الرفيعة في جهاز الامن بأن هناك احتمالية جيدة لعدم استئناف الحرب في الشمال. في محادثة مع الصحيفة قالت هذه الجهات بأنه في السنوات القريبة القادمة سيحاول حزب الله وايران ترميم قدرة الحزب العسكرية التي تضررت بشكل كبير، وسيفضلون الامتناع عن مواجهة مباشرة مع اسرائيل، كما كان واضح منذ اشهر فان الاتفاق النهائي المقترح يشبه بشكل كبير قرار مجلس الامن رقم 1701 الذي انهى حرب لبنان الثانية في 2006.
تطبيق غير انتقائي
اسرائيل تأمل أن تكون في هذه المرة محاولة دولية حقيقية لتنفيذ الاتفاق. الفرق المهم للافضل يتعلق بدور الولايات المتحدة في تنفيذه. ليس فقط أن الولايات المتحدة سترسل لاسرائيل رسالة مرفقة بالاتفاق، تعترف بحقها في مهاجمة لبنان في حالة الخرق من ناحية حزب الله. ايضا الامريكيون سيقومون بدور رائد في اجراءات التنفيذ والرقابة على الاتفاق. هذا يبدو بداية جيدة، وهي ستكون مدعومة بالتزام اعلى من دول اوروبا الغربية.
امتحان اسرائيل سيكون في التصميم على تنفيذ الاتفاق في الاشهر القادمة، وحتى في السنوات القادمة. هذا الامر يتعلق ليس فقط بمنع الاعتداء المباشر من الحدود، بل أي محاولة لحزب الله من اجل التمترس مجددا في جنوب لبنان، أو تهريب السلاح من سوريا الى لبنان.حتى اندلاع الحرب قامت اسرائيل بضبط النفس ازاء معظم العمليات التي نفذها حزب الله، باستثناء نقل قوافل السلاح التي هوجمت في سوريا، لأنها فضلت الحفاظ على الهدوء على الحدود الشمالية تقريبا بأي ثمن.
هذه المعضلة ستزداد مع مرور الوقت بعد وقف اطلاق النار. فاثناء احتلال قرى جنوب لبنان تم الكشف عن المنظومة الضخمة التي قام حزب الله ببنائها استعدادا لهجوم مفاجيء على الحدود. بعد كشفها كل الحكومة الاسرائيلية ستجد صعوبة في ضبط النفس ازاء محاولة اعادة بناء هذه المنظومة من جديد.
في الخلفية يوجد بين نتنياهو والقيادة العسكرية العليا، المنقسمة حول قضايا كثيرة، التقاء مصالح بفضل التوقيع على الاتفاق مع لبنان. في هيئة الاركان يقلقون من تآكل القوات النظامية وقوات الاحتياط بعد حرب طويلة. نتنياهو معني بالدفع قدما بقانون الاعفاء من الخدمة بضغط من الاحزاب الحريدية، الشريكة في الائتلاف. واذا استمرت الحرب في الشمال فانه سيبقى هناك عبء لا يحتمل على المنظومة القتالية، وربما ستكون حاجة الى تجنيد قوات اخرى في الاحتياط. هذه العملية ستظهر الظلم الكامن في ترتيبات اعفاء الحريديين، وحتى يمكن أن يوقظ الاحتجاج ضد الحكومة من سباته. في المقابل، وقف اطلاق النار في الشمال سيقلل بالتدريج العبء، وربما يمكن الجيش من ارسال قوات نظامية الى الجنوب، حيث هناك رئيس الحكومة في هذه الاثناء لا يظهر أي اشارة على أنه يسعى الى وقف اطلاق النار وعقد صفقة التبادل، بل هو معني بمواصلة الحرب لفترة طويلة ضد حماس.