ترجمات عبرية

هآرتس: الإصلاح بدأ، السؤال هو هل سيستمر

هآرتس 20/1/2025، عاموس هرئيلالإصلاح بدأ، السؤال هو هل سيستمر

عند مشاهدة صور الفوضى في غزة أمس، حيث الجمهور الفلسطيني الهائج احاط بالسيارة التي تحمل المخطوفات الاسرائيليات الثلاثة، وردت بالتأكيد فكرة أنه ربما نحن نشاهد بداية النهاية. من خلال الحرب الملعونة، التي هزت حياة الاسرائيليين والفلسطينيين منذ المذبحة في 7 اكتوبر، تظهر الآن طريق خروج محتملة. المرحلة الاولى في صفقة التبادل انطلقت وهي يمكن أن تنتهي بنجاح بعد ستة اسابيع. من الواضح أن الانتقال الى المرحلة الثانية سيكون اصعب. من غير الواضح اذا كان يوجد لزعماء الطرفين أي مصلحة في ذلك. وحتى الآن ربما نكون صعدنا امس على مسار استكمال الصفقة وانهاء الحرب، بتشجيع دونالد ترامب الكبير الذي سيؤدي اليمين في هذا المساء كرئيس للولايات المتحدة.

حماس خرجت أمس في عملية استعراض قوة على خلفية انسحاب الجيش الاسرائيلي من بؤر الاحتكاك في القطاع، وتسليم المخطوفات الثلاثة الاوائل – دورون شتاينبرغر وايميلي دماري (كيبوتس كفار عزة)، وروني غونين من حفلة “نوفا” – الى الصليب الاحمر في مركز مدينة غزة. على بعد بضعة كيلومترات من المكان الذي عملت فيه قوات الجيش الاسرائيلي قبل بضعة ايام ظهر أمس مئات النشطاء المسلحين. يبدو أن حماس عرضت بذلك ايضا قوة عسكرية وعلامات سيطرة مدنية. ولكن هذا حتى الآن ما زال حقيقة غير ثابتة؛ على الاجندة يجب أن تكون خلال بضعة اشهر ترتيبات اخرى لمستقبل القطاع.

الاعصاب المشدودة استمرت أمس حتى اللحظة الاخيرة. لا يوجد أي سبب للافتراض بأن الامور ستكون مختلفة في الاسابيع القادمة، سواء بسبب صعوبات اعلامية داخلية تنبع من القتال أو من خلال الرغبة في الاستمرار بالتنكيل النفسي لعائلات المخطوفين، حماس لم تلتزم بالجدول الزمني الذي تم تحديده ولم ترسل في منتهى السبت اسماء المخطوفات اللواتي يتوقع اطلاق سراحهن. عندما استمر التأخير حتى صباح أمس اعلنت اسرائيل بأنها لن تحترم وقف اطلاق النار الذي كان يمكن أن يدخل الى حيز التنفيذ في الساعة 8:30. في نهاية المطاف الاسماء تم ارسالها بعد ساعتين، والجيش الاسرائيلي قام بوقف اطلاق النار بعد ذلك بقليل. حتى ذلك الحين قصف سلاح الجو عدة قوافل انتصار لرجال الذراع العسكري في ارجاء القطاع، وتم الابلاغ عن 14 قتيل على الاقل.

قوافل المسلحين ظهرت في البداية في جنوب القطاع. رجال حماس ركبوا في سيارات “تيوتا” التي اشتهرت يوم المذبحة واطلقوا النار في الهواء كعلامة على السرور. حماس تبذل الكثير من الجهود لترسيخ رواية النصر في نظر سكان القطاع رغم المعاناة التي مرت عليهم في الـ 15 شهر الاخيرة. في هذه المرحلة يبدو أنه حتى الآن لم تبدأ حركة جماهيرية للسكان في مناطق اللجوء في المواصي الموجودة على الشاطيء الجنوبي باتجاه شمال القطاع لأن الجيش الاسرائيلي لم يقم باخلاء بعد بصورة كاملة، مثلما هو مخطط له، ممر نتساريم.

في المقابل، يتم الشعور الآن بحركة داخلية في شمال القطاع، بين مدينة غزة وجباليا وبيت حانون، وهي الاحياء التي قام الجيش الاسرائيلي بالانسحاب منها في نهاية الاسبوع. ومن اللحظة التي سيتم فيها اخلاء ممر نتساريم نهائيا سيبدأ تدفق الجمهور نحو الشمال – حسب التقديرات اكثر من مليون شخص. بعد ذلك، حتى لو انهار الاتفاق في الاسابيع الستة القادمة، فان الجيش سيجد صعوبة في استئناف القتال.

النقاشات حول استئناف الحرب، التي يمكن أن تجري بعد انتهاء النبضة الاولى للصفقة بعد ستة اسابيع، هي في هذه الاثناء نظرية في اساسها. مفتاح ذلك يوجد في يد ترامب. الوعود الكثيرة التي وعد بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للوزير بتسلئيل سموتريتش كي يضمن بقاء حزب الصهيونية الدينية في الحكومة حتى انتهاء المرحلة الاولى ستصطدم فيما بعد بطلبات ترامب. اذا صمم الرئيس على أنه يجب انهاء الحرب في غزة، فان نتنياهو سيجد صعوبة في فرض ارادته. 

في غضون ذلك بدأت تظهر تفاصيل كل التنازلات التي قدمتها اسرائيل في الصفقة. اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الكثيف يثير ردود عامة شديدة، على الاقل بسبب العدد الكبير، والاكثر بسبب هوية بعض المحررين – المخربون المشاركون في عمليات قاسية قتل فيها الكثير من الاسرائيليين في التسعينيات وفي الانتفاضة الثانية.

لكن كل من تابع الوضع في القطاع ولم يتم خداعه بتصريحات نتنياهو والاعيب اقواقه، كان يمكنه التخمين من فترة طويلة بأن هذه ستكون نتيجة الحرب. الحقيقة البائسة هي أن اسرائيل خسرت بدرجة كبيرة الحرب في 7 اكتوبر. وكل ما فعلته منذ ذلك الحين كان تقليص الاضرار ولو قليلا. من اجل استكمال الصفقة لتحرير جميع المخطوفين كان مطلوب منها تقديم تنازلات كبيرة، والقسم الثاني في الصفقة سيشمل سجناء اثقل، اكثر قتلا من المحررين في القسم الاول من الصفقة.

السبب الرئيسي للوضع الذي وصلنا اليه ينبع من رفض نتنياهو المستمر لمناقشة أي حل يتناول اليوم التالي لحماس في قطاع غزة، لا سيما أي تدخل للسلطة الفلسطينية في غزة. ربما أن خطط ترامب، التي تندمج بصفقة امريكية – سعودية – اسرائيلية ستؤدي الى محاولة فرض اتفاق آخر على نتنياهو. لأنه بالنسبة لاتباعه غير متهم أو مسؤول عن أي شيء، فانه يتم بذل جهود كبيرة لحرف الانتباه، الذي يهدف الى جسر الهوة بين وعوده والوضع الفعلي. عندما يذكرون السجناء الذي سيطلق سراحهم، في اليمين يتهمون على الفور اليسار و”احتجاج كابلان”، وكأنهم هم الذين يمسكون بأيديهم هذا التأثير.

الآن بدرجة اكبر، ايضا يشخصون الجيش الاسرائيلي بأنه يفشل كما يبدو الحكومة في الطريق الى النصر المطلق. تسريع اقالة رئيس الاركان هرتسي هليفي تم طرحه مؤخرا في المحادثات بين اعضاء الليكود وسموتريتش والوزير ايتمار بن غفير في اطار محاولة اقناعهم بالبقاء في الائتلاف. سموتريتش وصف هليفي في مقابلة مع وسائل الاعلام  بأنه “رئيس اركان تقدمي” وضابط دفاعي. يبدو أن الرسالة للجمهور هي – نحن سنستغل وقف اطلاق النار لتطهير قيادة الجيش الاسرائيلي من الانهزاميين، وبعد ذلك يمكننا استئناف الحرب بقيادة جديدة. عمليا، هذه جهود لتشويش المواطنين. اذا كان الضباط في الجيش هم المذنبون بما حدث، فعندها الحكومة التي بلورت استراتيجية غبية واستخفت بالخطر الذي تشكله حماس فانه يمكنها الاستمرار في جهود الكبح ضد المبادرة المطلوبة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية.

حتى الآن أمس كان يوم جيد، بالتأكيد مقارنة مع ايام اخرى في السنتين الاخيرتين. وقف اطلاق النار في غزة، ثلاثة مخطوفات يلتقين مع عائلاتهن بعد معاناة كبيرة، واستقالة وزير الامن الداخلي – هذا محصول معقول اذا اخذنا في الحسبان ما تعودنا عليه مؤخرا. الامر الاهم والاساسي جدا، الذي تصدع في يوم المذبحة وفي معالجة الحكومة الفاشلة لازمة المخطوفين فيما بعد، هو شعور التضامن بين الدولة والمواطنين، الذين تم التخلي عنهم ليموتوا في غلاف غزة. ربما أمس بدأت، بتأخير واضح، عملية الاصلاح. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى