هآرتس: الإساءة شائعة هنا إلا إذا كنت يهوديا
هآرتس 9-5-2024، بقلم جدعون ليفي: الإساءة شائعة هنا إلا إذا كنت يهوديا
عندما أراد اليكس ليباك الخروج من السيارة، سأله الجندي: هل أنتم يهود؟ لا مكان في العالم يشرعن فيه سؤال كهذا؛ فهو يتجاوز الحدود المقبولة والواضحة للخصوصية والعنصرية. لا مكان في العالم يسأل فيه شخص عن أصله ودينه أو قوميته لمعرفة كيفية التعامل معه. هنا فقط، على حاجز عناب الذي يخنق طولكرم، كان سؤالاً مشروعاً! عندما يطرح جندي إسرائيلي هذا السؤال الوقح، يظهر للجميع بأنه يحق له أن يسأل، بالضبط كما يحق له أن يسجن أو ينكل أو يوقف وأحياناً يطلق النار بدون سبب.
الإثنين الماضي، مساء، قبل بضع ساعات من ذلك ظهر نفس الجندي ووقف بصمت في ذكرى الستة ملايين من أبناء شعبه، يوم الكارثة. تصعب معرفة ما الذي فكر فيه بعقله المغسول عند إطلاق الصافرة، ربما فكر بما علموه أن يفكر فيه في هذه اللحظة. يصعب الافتراض أنه وجد علاقة بين ما علموه إياه عن الكارثة وبين “خدمته المهمة” في الجيش الإسرائيلي: الوقوف على حاجز في الضفة، والفتح والإغلاق والعكس، الفتح بشكل فظ، على الأغلب حسب ما يقرر أو حسب مزاجه.
عشرات السائقين “غير اليهود” الذين انتظروا ساعات بدون فائدة لم يسمعوا الصافرة ولم يفكروا بالكارثة. أرادوا الوصول إلى بيوتهم بسلام، هذا فحسب. سألَنا الجندي الإسرائيلي: أأنتم يهود؟ عرف بأننا مراسلون من خلال البطاقات التي أعطيناه إياها. ولكنه أراد أن يعرف إذا كنا يهوداً. ربما وجد صعوبة في التصديق بأن اليهود يمكنهم الخروج بسلام من طولكرم. في نهاية المطاف، هذا ليس ما قالوه له عن طولكرم. رد عليه ليبال، قائلاً: “هل تريد الفحص؟”. وركب السيارة مرة أخرى.
كنا في طريق العودة من طولكرم، حيث حققنا في قتل طفل يركب دراجة، كان الجنود أطلقوا النار عليه من بعيد. حاجز عناب يفتح لبضع ساعات فقط في اليوم منذ اندلاع الحرب. مفتوح، مغلق، الآن مغلق. لا يوجد لطولكرم مخرج إلا هذا الحاجز. في الصباح عندما ذهبنا إلى المدينة، اجتزنا الحاجز الذي كان مغلقاً في حينه، وسافرنا في طريق ترابية بين القرى وحقول الزيتون. ولكن بعد الظهر، عندما أردنا العودة من نفس الطريق الترابية، أشار لنا السائقون الفلسطينيون الذين سافروا في الجهة المقابلة: “ممنوع”. الجنود أغلقوا بوابة قرية شوفة، في آخر الطريق، التي دخلنا صباحاً من خلالها، ولم يعد بالإمكان الخروج من طولكرم. هذا هو الوضع الروتيني.
هذا هو الآن واقع الحياة في الضفة الذي لا أحد يتحدث عنه: العيش دائماً في شبه حظر التجول، دون أي قدرة على معرفة ما سيحصل في اليوم. قررت إسرائيل التنكيل أكثر من العادة في ظل الحرب. وإذا تمكن الشخص من السفر في الطرق الترابية والوصول إلى نفس المكان الذي يوصل إليه الشارع الرئيسي، فهذا ليس له أي صلة بـ “الأمن المقدس”. تنكيل من أجل التنكيل، بدون قناع وبرعاية الحرب.
هذا التنكيل لا يعني أحداً في إسرائيل؛ فهو لا يتم الإبلاغ عنه ولا يعتبر مقلقاً، ولا أحد يفكر بتداعياته. المهم أن يرضى المستوطنون. هذا هو دور الجيش الإسرائيلي الرئيسي هنا، إرضاء المستوطنين. سيكون لهم الآن أيضاً قائد منطقة مستوطن. ولكن الحياة في الضفة في الأشهر السبعة الأخيرة، لا يعرف عنها أي يهودي إسرائيلي شيئاً. الشوارع في الضفة شبه خالية، وباستثناء المستوطنين، لا أحد يمكنه الوصول إليها.
وقف جنديان وضابط على حاجز عناب في يوم الكارثة. قافلة طويلة من الشاحنات توقفت على الشارع، السائقون انتظروا بلا فائدة. ثمة ظاهرة سائدة في الحياة في الضفة، وهي أنك لن تعرف شيئاً أبداً: متى سيفتح ومتى سيغلق. وقت هؤلاء السائقين، مثل كرامتهم وحياتهم، لا شيء. قال لنا الضابط والجنديان إن الحاجز مغلق. كيف سنعود؟ لا يعرفون.
عندها سألونا إذا كنا يهوداً أم لا.