ترجمات عبرية

هآرتس: الإخفاق الأكبر هو التفكير بأنه يمكن مواصلة الاحتلال الى الأبد

هآرتس 30/5/2025، زهافا غلئون: الإخفاق الأكبر هو التفكير بأنه يمكن مواصلة الاحتلال الى الأبد

58 سنة من الاحتلال. 58 سنة من الكذب الفظ والهستيري، الذي من قاموا به اخذوا منا كل ما وافقنا على إعطائه لهم، وما زالوا يريدون المزيد. 58 سنة ونحن نقول لانفسنا باننا نحتفظ بالمناطق لأنه “لا يوجد امامنا خيار” و”من اجل الامن”. سنة تلو أخرى أمننا يتبدد اكثر، واصبح نكتة وغالي بدرجة مخيفة. بطريقة ما أيضا الآن، بعد المذبحة الفظيعة في 7 أكتوبر، وبعد سنتين على حرب خاسرة في غزة، مع عمليات يومية في الضفة، ما زال نفس المحتالين يبيعوننا نفس الكذب المستهلك.

هذا من اجل الامن! يعلن بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. نتنياهو من ناحيته يدفع قدما بامن الائتلاف، وشكاءه يحاولون الدفع قدما بامن غوش قطيف المستقبلي، وامن البؤر الاستيطانية الفظيعة التي أقامها أصحاب القمصان باللون البني لهم في المناطق. في البداية اوضحوا ان كل ذلك “من اجل المخطوفين”، والآن المبرر هو “من اجل الامن”. لا امن ولا مخطوفين، هذا قتل لعشرات آلاف المدنيين، بما في ذلك الأطفال، مقابل العقارات في غزة وفي جبال لبنان. كل شيء اصبح مكشوف، وفقط بين حين وآخر يعملون على تجميل الكذب للناس الساذجين بيننا، الذين لم يعرفوا بعد ماذا باعوهم.

نحن نستحق ذلك لأنه كان يمكننا المعرفة مسبقا. نحن اعتقدنا اننا نستطيع خداع التاريخ، والتهرب من مصير المستعمرين الاخرين، والنجاح في التظاهر بانه توجد هنا بلاد بدون شعب لشعب بدون بلاد. ولكن يوجد هنا شعب. وفي محاولة تجاهله وطرده ومحوه من البلاد التي عاش فيها وتشكل، فقد محونا أنفسنا.

صور الجمهور الجائع في غزة، الذي ينقض على أماكن توزيع المساعدات، هي دليل مخيف على ذلك. لا يوجد أي يهودي من الذين نجوا من الكارثة لا يعرف عن ماذا اتحدث. والدي عرفا ماذا يعني التجويع، وهربا عندما تمكنا من ذلك. امام هذه الصور يقف وزراء الحكومة ويضربون على صدورهم بتفاخر ويقولون: هذا نحن فعلناه! نعم، هم فعلوا، وعلى ذلك يتفاخرون، على الأطفال الجائعين الذين تم سحقهم حتى الموت في محاولة الحصول على علبة تونا. هكذا يتفاخرون أيضا بالشباب، الذين يضربون في يوم القدس على أبواب العرب وهم ينشدون “لتحترق قريتكم”، البعض منهم قام في السابق باحراق قرية أو قريتين في الضفة. تفاخر إسرائيلي، تفاخر يهودي، تفاخر عالمي.

كان هناك من عرف مسبقا. يشعياهو لايفوفيتش مثلا كتب في مقال نشره في 1968: “خلال فترة قصيرة ستقطع العلاقة الروحية والنفسية بينها (إسرائيل) وبين الشعب اليهودي، أيضا العلاقة الروحية والنفسية بينها وبين المضامين التاريخية لشعب إسرائيل واليهود”. نعم، بدلا من اليهودية حصلنا على لفتات يهودية فارغة مثل قبعة على رأس كهاني، ونجمة داود يقوم رجال الشرطة برسمها على وجه احد السجناء.

“كل مضمون الوحش الذي يسمى “ارض إسرائيل الكاملة” لن يكون إلا وجود الجهاز الحكومي – الإداري لها”، قال لايفوفيتش. “الدولة التي تسيطر على مجموعة سكانية معادية عددها 1.4 – 2 مليون اجنبي ستكون بالضرورة دولة شين بيت (شباك)، مع كل ما يترتب على ذلك من التداعيات على روح التعليم وحرية التعبير والتفكير وعلى النظام الديمقراطي. انقلاب نظامي؟ بذوره تم غرسها في السابق في حينه”.

فساد؟ حسنا. “الفساد المرافق لأي نظام استعماري سيرافق دولة إسرائيل أيضا. الإدارة ستضطر الى التعامل مع قمع حركة عصيان عربية… هناك خوف من ان الجيش الإسرائيلي أيضا – الذي كان حتى الان جيش شعبي – سيتدهور هو الآخر ويصبح جيش احتلال، وقادته سيصبحون حكام عسكريين، مثل نظرائهم لشعوب أخرى.

مرت سنتان، لكن الشعور هو أنه مر عقد. شعور معظم الإسرائيليين، بالطبع، ليس شعور من يمثلون الاحتلال الذين يجلسون في الحكومة. بالنسبة لهم الحديث يدور عن فترة معجزة. لم يكن في أي يوم واقع الدولة شفاف الى هذه الدرجة فيما يتعلق بما ترفض الدولة رؤيته. ففي حين تم تشريد مئات آلاف الإسرائيليين من بيوتهم، والمدن احترقت ودمرت في الشمال وفي الجنوب، كان احد الوزراء في الحكومة مسرور ببناء عدد من البؤر الاستيطانية الكهانية على أراضي فلسطينية في جنوب جبل الخليل. 

هذا ليس بالصدفة. ففي الـ 56 للاحتلال كتبت هنا بان إسرائيل ليست دولة محتلة، بل احتلال له دولة. السنتان الاخيرتان اخذتا هذه المقاربة حتى النهاية. عندما اختفت الدولة بالنسبة لمئات آلاف الإسرائيليين، بالتحديد حينئذ كانت هي موجودة هناك بالنسبة للعنيفين والحالمين جدا في أوساط المستوطنين. وبينما كان الإسرائيليون يشاهدون انهيار أعمالهم التجارية ويحاولون الحفاظ على زواجهم في غرف الفنادق بعيدا عن بيوتهم ومجتمعهم، احتفلت اوريت ستروك وسموتريتش بعالم فيه كل شيء مسموح ومباح.

نحن استخففنا بإمكانية التسوية السياسية. فقد اعتبرت هذيان في حين أن ابناءنا تم ارسالهم للموت في شوارع مدن اجنبية، ومواطنونا ماتوا في شوارع مدننا. ولكن حل الدولتين في اطار اتفاق إقليمي لا يعتبر هذيان. هو الاحتمالية الواقعية الوحيدة التي في اطارها يمكننا العيش وإعادة تاهيل انفسنا، والبناء ومعالجة الجراح والسعي الى الحرية والسلام. هذه هي الطريق الوحيدة لتخليص عنقنا من حبل المشنقة الذي قمنا بلفه عليها. وعندما ينتهي كل ذلك سننظر حولنا باستغراب ونقول: كيف سمحنا لهذا الكابوس السام بالتواصل خلال سنوات كثيرة؟.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى