هآرتس: الآن يجب على يئير غولان الوقوف ضد كذبة “شعب كالاسد”

هآرتس 26/6/2025، ديمتري شومسكي: الآن يجب على يئير غولان الوقوف ضد كذبة “شعب كالاسد”
يئير اسولين تساءل في مقال نشره هل رئيس حزب الديمقراطيين يئير غولان سيتجرأ على خيانة قصة حياته (“هآرتس”، 29/5). وهل سيكون لديه الشجاعة الكافية لتطليق بصورة لا رجعة عنها الجهاز العسكري، ونظرية الامن الإسرائيلية، والروح الأمنية – العسكرية الإسرائيلية، التي تشكل العامل الأساسي في هويته الشخصية وصورته العامة.
هذه الأسئلة تؤطر “قصة حياة” غولان، ضمن اطار مفاهيم شامل ومجرد نسبيا، في قصة الامن القومي الإسرائيلية، وفي خضم ذلك فقدان قصة حياته الملموسة والواقعية. في نهاية المطاف في قصة حياته هذه قام غولان بخيانة، بشكل مكشوف واستفزازي وجريء، خطاب “إجراءاته” في الاحتفال بيوم الكارثة في 2016 عندما كان في حينه نائب رئيس الأركان والمرشح الأبرز لمنصب رئيس الأركان.
كيف كان يجب ان تكون مسيرة حياة غولان اذا لم تكن مثل رحلة شاؤول موفاز، موشيه (بوغي) يعلون، بني غانتس، غادي ايزنكوت وغابي اشكنازي (الذي ربما هو بالذات ما زال يتوقع ان يسمع ذات يوم صوت ذا صلة)؟. هذا صعود مستمر في السلم العسكري الى قمة رئاسة هيئة الأركان، ومن هناك الى السياسة، وظيفة مدنية رفيعة، من المفضل ان تكون هذه الرحلة بدون رؤية زائدة لانه توجد لرئيس الأركان بدلا من الرؤية “قصة حياة”.
ها هو غولان يحطم هذا الاطار المعياري في اللحظة الحاسمة، لحظة قبل الصعود الى القمة العسكرية، من خلال رفضه العلني لقواعد اللعب المهنية. إضافة الى ذلك حفل الوداع العلني لغولان من قصة حياة على صيغة “ليس لدي ما أقوله. فقد كنت رئيس الأركان”، وهذه مجرد مقولة فكرية قاطعة وواضحة، خدمته سواء كاداة لتحطيم قصة حياة مزيفة أو بمثابة دعوة أيديولوجية قوية جدا للعمل.
اسولين كتب انه من اجل التحول الى “زعيم للتغيير” فانه يجب على غولان إعادة النظر بشكل جذري في سيرته الذاتية والتشكيك بهويته. هنا يطرح سؤال مهم وهو هل الطريق الى التغيير الحقيقي في الواقع السياسي والاجتماعي تتطلب مراجعة شاملة وجذرية للماضي – على أي حال، الماضي القريب، الوطني والتاريخي، لمجتمع الدولة القومية – كما يعتقد اسولين؟. أو انه من اجل ان يكون التغيير قابل للتحقق يجب الدفع به قدما من خلال محادثة يقظة ودائمة مع المستويات العميقة للرواية الوطنية، التي تم الدفع بها الى الزاوية وسحقها وتشويهها كليا؟.
يبدو ان غولان قد اختار الطريقة الثانية. خطابه الراديكالي الذي لا هوادة فيه تجاه المسيحانية الانتحارية ينبع من أعماق “هويته الشخصية”، كجزء لا يتجزأ من المنظومة الأمنية الإسرائيلية، مثلما ان اشمئزازه من الاثنية، القومية المتطرفة، العنصرية والاستيطانية، ترضع من مصادر التراث المنسية والمقموعة للقومية الصهيونية الليبرالية.
أيضا خطاب غولان المؤسس في احتفال وداعه لـ “قصة حياته” في 2016، تساوق بشكل واضح مع التيارات التحت أرضية للوعي القومي اليهودي الحديث. منتقدو الخطاب (أنا من بينهم)، ركزوا على الإشكالية التاريخية للتناظر بين المجتمع الإسرائيلي في الوقت الحالي وبين النازية، ولكنهم اضاعوا الأساس. بروحية الخوف من إمكانية انه خلال تجسيد المشروع الصهيوني فان من شان الشعب اليهودي الذي بعث من جديد في ارض إسرائيل ان يتشابه مع من اضطهدوا اليهود على مر الأجيال، بهذه الروحية حذر غولان من الخطر الأخلاقي الكبير من انه نتيجة عملية الكهننة فان دولة إسرائيل يمكن أن تتحول الى شبيه المارق النازي. هكذا فان هذا الخوف والتردد المتجذر بعمق في الخطاب الصهيوني استبدل في هذه الأيام بالتطلع المكشوف الى تبني مسار حماس الابادي.
في نهاية المطاف اذا تبين ان الحرب الخاطفة لإسرائيل ضد ايران هي خدعة القرن فانه يتوقع ان يقف غولان امام “خيانة” مصيرية بشكل خاص. لأنه في الوقت الذي فيه رغبة ايران في الحصول على السلاح النووي لا يمكن القضاء عليها بالقوة، يتبين أنه يوجد لعملية “شعب كالاسد” أيضا اهداف غير مباشرة، مبالغ فيها اكثر، التي لا احد يتوقف عندها الان في ظل نشوة “تدمير المشروع النووي الإيراني”.
هذه الأهداف هي منع حل الكنيست (مثلما شهد على ذلك علنا المتحدث باسم نتنياهو عومر دوستري في مقابلة مع راديو “صوت حي”). وسيطرة نتنياهو على تعيين رئيس الشباك بذريعة “المصلحة الأمنية” (مثلما يمكن ان نعرف من طلبه من المحكمة العليا رفض موقف المستشارة القانونية للحكومة الذي يقول بانه لا يمكنه تعيين رئيس للشباك في اعقاب وجود تضارب مصالح).
يجدر ادراك مغزى العملية الأخيرة جيدا. الحديث لا يدور فقط عن دفن “قطر غيت”، بل أيضا بطريقة موثوقة القضاء على وجود انتخابات ديمقراطية بواسطة جهاز شباك سياسي ومسيحاني، ومن هناك استكمال الانقلاب النظامي.
إزاء كل ذلك لن تكون بعيدة اللحظة التي سيكون فيها على غولان ركل وخيانة بشكل علني كذبة حرب “شعب كالاسد” التي يقف وراءها الآن مثل رجل واحد اشد معارضي نتنياهو. هذا يمكن لغولان فعله بشكل مقنع فقط من خلال الإخلاص لقصة حياته الاصلية كمحارب وعسكري، واستراتيجي عسكري لامع، مثلما شهد على ذلك في حينه وزير الدفاع السابق افيغدور ليبرمان، الذي عمل معه.
بسبب ذلك ومن اجل ان يكون بامكانه انقاذ الدولة من الوحش البيبي في اللحظة التي يبدو فيها انه هزمنا بشكل نهائي ومطلق، فانه محظور على غولان خيانة قصة حياته.