ترجمات عبرية

هآرتس: الآن لم يعد ممكن الحديث عن “ضغط عسكري”

هآرتس 1/9/2024، عاموس هرئيل: الآن لم يعد ممكن الحديث عن “ضغط عسكري”

في الطريق الطويلة المتواصلة نحو الاسفل يصعب احيانا تشخيص كل علامات التحذير. ولكن في جلسة الكابنت في مساء يوم الخميس كان لم يعد من الممكن تجاهل علامات التحذير. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قام بانقلاب في اللحظة الاخيرة ومرر مشروع قرار يقول بأن اسرائيل لن تغادر محور فيلادلفيا على الحدود بين القطاع ومصر. وزير الدفاع يوآف غالنت كان الوحيد من بين الوزراء الذي اعترض. نتنياهو تجاهل اقوال رئيس الاركان هرتسي هليفي الذي قال بأن الجيش الاسرائيلي سيعرف كيفية اعادة احتلال محور فيلادلفيا اذا اقتضى الامر ذلك بعد الانسحاب من اجل تنفيذ صفقة المخطوفين.

المشاركون في الجلسة وصفوها كنقطة حضيض تاريخية، وحتى في سجلات الحرب الحالية. تحذيرات وزير الدفاع بأن القرار يعني دفن الصفقة وموت المخطوفين الذين ما زالوا على قيد الحياة لم تساعد. الخلاف بينه وبين رئيس الحكومة وصل الى درجة الصراخ. نتنياهو، كما يتبين من كل تصريحات في الفترة الاخيرة ومن بينها المحادثة الغريبة مع المخطوفان اللواتي رجعن من الاسر في نهاية الاسبوع الماضي، لا يريد الصفقة الآن. ربما هو يعتقد بأن استمرار الضغط على حماس سيجعلها تتنازل في المستقبل. الضائقة هي أنه حتى الآن لا توجد أي علامات تشير الى أي مرونة في مواقف حماس، وفي هذه الاثناء ربما يموت عدد آخر من المخطوفين.

هذا الخوف هو خوف فعلي وليس نظري. مساء أمس اعلن الجيش الاسرائيلي عن العثور على عدد من الجثث في القطاع. قبل عشرة ايام تقريبا تم انقاذ جثث ستة مخطوفين في خانيونس، اربعة من سكان كيبوتس نير عوز واثنان من كيبوتس نيريم. هؤلاء الاشخاص كانوا على قيد الحياة حتى شهر شباط أو آذار الماضيين. على اجسادهم كانت آثار اطلاق النار. أي أنه من المرجح الاعتقاد بأنه تم قتلهم على يد آسريهم، ربما لأنهم خافوا من اقتراب الجيش الاسرائيلي لانقاذهم. هذا الخطر ما زال يهدد حياة مخطوفين آخرين. في جهاز الامن قالوا إن المخطوفين ما زالوا يعيشون في الوقت الضائع، وأن الخوف يزداد من المس بهم من قبل الخاطفين في كل عملية انقاذ. الادعاء بأنه فقط الضغط العسكري سيعيد المخطوفين لم يكن في أي وقت صحيح. والان أصبح لا اساس له من الصحة حقا.

من يتحدث الآن عن هزيمة حماس، بعد أن عمل الجيش الاسرائيلي بصورة منهجية في كل منطقة في القطاع باستثناء مخيمين للاجئين في الوسط، النصيرات ودير البلح، هو يدرك في الحقيقة بأن هناك احتمالية كبيرة لموت عدد آخر من المخطوفين بشكل متعمد على يد حماس، أو بالخطأ على يد الجيش الاسرائيلي، خلال هذه العمليات. من الجدير ايضا القول للجمهور: “ما هو الامر الذي نريد تحقيقه في القطاع؟ وما الثمن الذي سيتم دفعه مقابل ذلك؟”.

الاستطلاعات، الاخير من بينها الذي نشر في نهاية الاسبوع الماضي، تستمر في الاشارة الى دعم كبير من قبل الجمهور للاتفاق، اضافة الى عدم الثقة باعتبارات نتنياهو ورغبة كبيرة في رؤيته يخرج من الحياة السياسية، رغم ضعف المعارضة الواضح. واذا لم تتم ترجمة هذه المواقف مرة اخرى الى احتجاجات في الشوارع فان المخطوفين الباقين سيموتون. في اللافتات الموجودة تقريبا في كل شوارع الدولة يظهر المزيد من الاشخاص الذين لم يعودوا على قيد الحياة، أو الذين يمكن أن ينضموا لهذه القائمة في القريب. هذا هو الاستنتاج الواضح من جلسة الكابنت الاخيرة.

تسريبات عديمة الجدوى

في هذه الاثناء لا يوجد أي سبب للتعامل بجدية مع التسريبات حول تقدم محادثات الطواقم التي تعمل على تقدم الصفقة. النقاشات حول اسماء السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم والنسبة بين السجناء الفلسطينيين وعدد المخطوفين، اصبحت محادثات عبثية، طالما أن نتنياهو يلمح بأنه لا ينوي الانسحاب من محور فيلادلفيا وممر نتساريم. من الواضح أن رئيس الحكومة يريد الحفاظ على اشتعال الحرب بشكل دائم في القطاع، دون السعي الى حسم قريب (باستثناء الجهود المتواصلة من اجل اغتيال رئيس حماس يحيى السنوار). هذا هو التفضيل الاول بالنسبة له. الاثمان الباهظة الاخرى مثل الموت المتوقع لمزيد من الجنود وتآكل الوحدات النظامية والاحتياط لا تقلقه بشكل خاص. 

بعد عملية الرد الفاشلة لحزب الله قبل اسبوع تقريبا عادت الحدود الشمالية الى تبادل اللكمات بقوة أقل. في الضفة الغربية يظهر ارتفاع في التوتر (في ليلة الجمعة تم احباط عملية لتفجير عبوة ناسفة مزدوجة في غوش عصيون، وجرى قتال شديد في جنين). ولكن طالما أن ايران وحزب الله لا يشاركان في حرب متعددة الساحات بشكل شامل فان نتنياهو يبدو أنه مستعد لأخذ المخاطرة على مسؤوليته. على اقل تقدير سيكون دائما قادر على الادعاء بأنه لم يتم تحذيره من قبل رجال الامن، وجزء كبير من الجمهور سيصدقه.

رواية بديلة

المنشورات، التي كان موضوعها رئيس المعارضة، يئير لبيد، شهادته المباشرة امام لجنة التحقيق المدنية في اخفاقات 7 اكتوبر وتفاصيل اخرى من المحادثات التي اجراها مع ننتنياهو ومع رئيس الشباك رونين بار قبل اندلاع الحرب، التي تحدث عنها نداف ايال في “يديعوت احرونوت”، اثارت في نهاية الاسبوع الماضي عاصفة اخرى في اوساط الجمهور. التفاصيل تقشعر لها الابدان: لبيد وصف محادثة له مع نتنياهو شارك فيها ايضا سكرتير نتنياهو العسكري آفي غيل، الذي حذر من أن الخطر الامني يزداد على خلفية التحليلات التي تقدمها المنظمات للازمة الداخلية العميقة في اسرائيل. في “يديعوت احرونوت” نشر أن بار حذر نتنياهو من “اندلاع حرب” على خلفية مشابهة، اثناء المواجهة السياسية حول ذريعة المعقولية قبل بضعة اسابيع. لبيد ايضا تم ابلاغه بذلك. هذه كانت خلفية التحذير العلني والاستثنائي الذي نشره قبل فترة قصيرة من اندلاع الحرب.

هذه المنشورات تسببت كما هو متوقع بهجمات مضادة للابواق. الهدف منها هو الاثبات بأن بار، مثل رئيس قسم الابحاث في “أمان” العميد عميت ساعر قبله، لم يقدم أي تحذير ملموس حول الحرب في غزة (السلوك الروتيني وحتى اللامبالي للجيش والشباك على الحدود مع القطاع لا يدل على أنهم قاموا بترجمة التخوفات الى الافعال المطلوبة). ولكن حول ذلك لم يكن هناك أي نقاش على الاطلاق: معروف وواضح أن التخوفات لم تكن متعلقة بشكل محدد بساحة غزة، وأن رجال الاستخبارات كانوا قلقين اكثر من التطورات في لبنان وفي الضفة الغربية. ايضا ليس هناك من يمكنه الدفاع عن الأداء الفضائحي للجيش الاسرائيلي على حدود القطاع، أو الدفاع عن الخطوات المحدودة التي قام بها الجيش والاجهزة الاخرى في اعقاب المشاورات الليلية التي جرت في الساعات التي سبقت هجوم حماس في الغلاف.

المشكلة هي أنه امام مثل هذه التحذيرات، رئيس الحكومة حصل على الكثير منها خلال اشهر كثيرة، نتنياهو لم يفعل أي شيء رغم تجربته الامنية والسياسية. في ظهوراته العلني، بما في ذلك المقابلة المستخذية في القناة 14، قلل في تلك الفترة من اهمية التحذيرات وقال إن الجيش الاسرائيلي يعرف كيفية التعامل مع الاخطار. 

في مكتب رئيس الحكومة قاموا بطرح المزيد من الاتهامات المباشرة للبيد. في فترة لبيد القصيرة كرئيس للحكومة، يقول نتنياهو، فانه وافق على ادخال العمال من القطاع واعطى الغاز لحزب الله. عمليا، سياسة ادخال العمال من غزة بدأت في ظل حكومة نتنياهو (تحت غطاء “رجال الاعمال”) في نهاية 2019، توقفت بسبب وباء الكورونا وتم استئنافها وتوسيعها بشكل خاطيء ومأساوي في ظل حكومة بينيت – لبيد في ازمة الكورونا. بخصوص الغاز حزب الله لم يحصل على أي قطرة غاز. اتفاق الحدود البحرية منح حكومة لبنان الحق في التنقيب عن حقول محتملة في شرق البحر المتوسط، الذي لم يتم العثور فيه على أي شيء. 

لكن النقاشات مع رجال نتنياهو حول الحقائق هي في هذه المرحلة مثل محاولة اختراق حائط بواسطة اللكمات. الحقيقة لا تغير أي شيء، ايضا وسائل اعلام التيار العام لم تعد تقريبا تعنيه. الهدف هو ادخال الرواية البديلة الى وسائل الاعلام التي يسيطر عليها، ومن هناك الى القاعدة السياسية والشبكات الاجتماعية. هناك ايضا يمكن بيع تفسيرات اكثر ابتعادا مثل الادعاء الذي لا اساس له حول “خيانة من الداخل” لجهات رفيعة في جهاز الامن، التي حدثت كما يبدو عشية 7 اكتوبر. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى