هآرتس: اقالة غالنت في منتصف الحرب جاءت لهدف البقاء في الحكم حتى تشرين الاول 2026
هآرتس 6/11/2024، يوسي فيرتر: اقالة غالنت في منتصف الحرب جاءت لهدف البقاء في الحكم حتى تشرين الاول 2026
بضع ساعات وربما بضعة أيام، قبل هجوم ايران الذي يمكن أن يكون أكثر قوة من سابقه. وبضع ساعات وربما بضعة ايام قبل أن يتم التحقيق مع كبار موظفي مكتب رئيس الحكومة حول القضايا الامنية التي تورط فيها المكتب، اختار نتنياهو اقالة وزير الدفاع يوآف غالنت. محاولة مكشوفة (التي نجحت، لا يمكن قول أي شيء) لاقصاء من العناوين الرئيسية في نشرات الاخبار التحقيق في الاشتباه بتزوير محاضر جلسات أمنية في مكتبه. بيان الاقالة تم توقيته ليكون قبل الساعة الثامنة بخمس دقائق، لأن هذا ما يعرفونه جيدا في محيط نتنياهو: السيطرة على نشرات الاخبار.
الامر غير المكشوف هو الخط الذي يربط بين التطورات الاخيرة. هذا الامر تم كشفه أمس وهو يثير رعب حقيقي غير مسبوق. بدون أن نعرف أو نفهم، رأس نتنياهو غارق في الاشهر الاخيرة، مرة اخرى، في التحقيقات. التحقيق الاول هو تحقيق الشباك حول سرقة المعلومات السرية وتسريبها لصحيفة “بيلد”. نتنياهو ربما كان يعرف عن كثب هذه القضية. يصعب الافتراض، حتى لو لم يكن يعرف بالضبط تفاصيل هذه القضية، بأنه على الاقل لم يخف من وصول التحقيق الى محيطه، ناهيك عن احتمالية اخرى مخيفة وهي أنه عرف وبادر وشغل وقام باعداد نفسه للتحقيق.
التحقيق الثاني هو حول قضية تزوير محاضر الجلسات في مكتبه. في ايار 2024 ترك آفي غيل منصب السكرتير العسكري لرئيس الحكومة. وقد قدم شكوى للمستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، حول جريمة خطيرة وهي تزوير محاضر جلسات بعد اندلاع الحرب في 7 اكتوبر. نداف ايال نشر عن ذلك للمرة الاولى في “يديعوت احرونوت” في شهر تموز الماضي. الجمهور نسي في اليوم التالي، لكن المستشارة القانونية للحكومة فعلت ما هو متوقع منها وقامت بتحريك الشرطة.
في نهاية الاسبوع الماضي، كما نشر غاي بيلغ، وصل للمرة الاولى في التاريخ محققون في الشرطة الى مكتب رئيس الحكومة لاجراء تحقيق ضد مكتب رئيس الحكومة. من هنا دخلت الامور الى حالة تسارع بدون معرفة ذلك. بشكل سري تم ارسال قوائم مفصلة لنشاطات المستشارة القانونية ضد الحكومة في ارجاء ماكنة سم نتنياهو. جاء اجتماع الحكومة بشكل علني حيث تم ابلاغ بهراف ميارا مسبقا عن دورها في الكمين المخطط له. هذا لم يكن الكمين العادي الذي تم نصبه بصورة متواترة من قبل الوزراء؛ هذه المرة تم نصبه من قبل رئيس الحكومة. هذا كان التهديد الذي تم ارساله اليها في اعقاب التحقيق مع مكتبه. “هي شخصية مشاكسة، يا ياريف، تولى هذا الامر”، هكذا أمر نتنياهو وكأنه رئيس مافيا يأمر أحد مستشاريه بـ “معالجة” النائب العام.
في اليوم التالي وصل أمر التحقيق الى الجمهور، وعلى الفور بعد ذلك جاءت اقالة وزير الدفاع. وبعد ذلك تم نشر احاطات لوسائل الاعلام بأن غالنت هو فقط الرأس الاول الذي سيطاله الفأس (حسب الاجراءات تم نفي هذه الاقوال بعد نشرها)، وأن الجميع على مرمى الهدف الآن، رئيس الاركان ورئيس الشباك والمستشارة القانونية للحكومة. هذه فقط مسألة وقت. بدءا بقائد الجيش اثناء الحرب، الذي يدافع بجسده باستقامة وشجاعة نادرة في هذه الايام عن الجسم الذي يوجد تحته من التأثيرات السياسية المسمومة ومرورا برئيس الجهاز الامني الذي يحقق بالمخالفات الامنية الاكثر خطورة، التي تصل الى مكتب رئيس الحكومة، وانتهاء برئيسة النيابة العامة التي تحرس العتبة الممتازة والشجاعة، والتي أمرت باجراء تحقيق مع المكتب الاكثر اجراما في تاريخ الأمة في قضية فساد اخرى. وهي قضية تدل على فساد تام للاجهزة في المكان الاكثر اهمية في الدولة، على خلفية الحرب الاطول والاكثر تعقيدا في تاريخها. هكذا يعمل الديكتاتور وهكذا تبدو الديكتاتورية. بعد اسماع التهديدات من قبل المحللين المقربين من نتنياهو فان حركة بؤر الاحتجاج الليلية في كابلان في تل ابيب وفي عشرات البؤر في ارجاء الدولة تضاعفت على اقل تقدير. الخوف بدأ يثور. في بيان في وسائل الاعلام صدر الى جانب رسالة اقالة غالنت نتنياهو اتهم: “أنا بذلت عدة محاولات لجسر الفجوة (مع غالنت)، لكن هذه الفجوة أخذت تتسع. وهي وصلت ايضا الى الجمهور بطريقة غير مقبولة، واسوأ من ذلك الى العدو. الاعداء كانوا راضين وقاموا بسبب ذلك بجني الكثير من الارباح”.
كما قلنا، غالنت هو الذي وسع الفجوة وهو الذي سرب ضد نتنياهو وهو الذي خدم العدو. هذا غريب. ولكن غالنت والموظفين في مكتبه لم يتم التحقيق معهم في الشرطة أو في الشباك. وحسب نتنياهو فان الاولاد يقرأون بسهولة: كل شيء يمر بيدك، وهكذا هي ستتسخ. أو بلغة ناضجة اكثر “من حفر حفرة وقع فيها”.
في المرة السابقة، في آذار 2023، تمت اقالة غالنت لأنه حذر من “خطر واضح وفوري على أمن الدولة” اذا استمر الانقلاب النظامي. أمس تمت اقالته مرة اخرى، ضمن امور اخرى، لأن تواجده في مكتب وزير الدفاع افشل نية نتنياهو تسوية لعشرات آلاف الحريديين، الملزمين بالتجند، استمرار تهربهم بشروط مريحة.
عندما تتم اقالة وزير دفاع في دولة اسرائيل في ذروة حرب يقتل فيها مئات الجنود ويصاب الآلاف من اجل مجموعة من المتهربين والطفيليين في صفقة سياسية نتنة، فان هذا يعتبر مس مباشر بأمن الدولة. ولكن نحن تعودنا. لقد تعودنا على واقع هستيري فيه رئيس الحكومة يضر بأمن الدولة مرة تلو الاخرى، بألف طريق، سواء بتشغيل متحدث مشكوك فيه فشل في فحص أمني ويعمل في مواضيع امنية حساسة (حتى الآن حسب الاتهام) أو تزوير محاضر جلسات عن ايام الحرب الاولى (كما ذكر اعلاه)، أو استمرار الحرب الزائدة في غزة التي تجبي ثمنا دمويا باهظا تقريبا كل يوم، أو الاهمال المتواصل والمتعمد للمخطوفين الذين يحتضرون في الانفاق على باب فصل الشتاء.
منذ سنة ونصف واقالة غالنت هي استحواذ مرضي عائلي. خلال هذه الفترة كان غالنت هو العدو الاكثر اهمية في الشبكات الاجتماعية التي يشغلها يئير نتنياهو واعضاء هذه الطائفة الآخرين، اكثر من لبيد أو غانتس، أكثر من يحيى السنوار. من غير المستبعد أن نتنياهو كان مسرور من تزامن هذه الخطوة مع عيد ميلاد زوجته سارة، التي كراهيتها لوزير الدفاع تأتي في المرتبة الثانية بعد كراهيتها لجدعون ساعر، المرشح لمنصب وزير الخارجية. أي كاتب لدينا اكثر حدة من ساعر، الذي في نفس المساء الدراماتيكي في 26 آذار من السنة الماضية غرد: “قرار نتنياهو اقالة وزير الدفاع هو عمل هستيري يدل على الغياب المطلق للحكمة. نتنياهو يصمم على أن يدهور اسرائيل نحو الهاوية. كل يوم يواصل فيه الاحتفاظ بمنصبه هو يعرض اسرائيل ومستقبلها للخطر”.
ساعر باع نفسه للشيطان مقابل وزارة الخارجية الممتعة. حتى لو لم يكن مرتبط بالسيناريوهات البائسة فانه يصعب الفهم كيف يمكنه الارتباط بالقاعدة السياسية لعملية اقالة غالنت، تقديم قربان امام غولدكنوفف، غفني ودرعي، واستبدال اليد التي رفضت التوقيع على قانون التهرب من الخدمة العسكرية. صمود غالنت في موضوع التجنيد هو اللبنة الاولى في مبنى الشجاعة، الصغير والضعيف، لكن الكافي الذي انكشف في الائتلاف، وأثار ثورة التصويت، والذي يمكن أن يفشل قانون بيوت الرعاية في النهار، وقوانين مشابهة ستطرح في المستقبل. صمت ساعر هو صمت مخجل. فقد أيد الصفقة النتنة التي سيعين فيها يسرائيل كاتس في منصب وزير الدفاع، ويضمن قانون تجنيد كاذب، وحكومة الفشل والمذبحة سيتم انقاذها.
هذا هو هدف الحرب الواحد والوحيد الذي حقا يهم نتنياهو، قيادة سفينة الائتلاف المسيحانية والعنصرية حتى تشرين الاول 2026، والوصول الى هذا الموعد حتى يتم تركيب الاجزاء المطلوبة لانقلاب نظامي جديد، يضمن على الاقل تهربه مرة اخرى في الطريق الى استكمال هذا الانقلاب. هذا هو الهدف ولا يوجد غيره. ليذهب المخطوفون الى الجحيم، وكذلك الجنود الذين يقتلون والسكان الذين تم اخلاءهم، والاقتصاد الذي ينهار، والمجتمع المصاب بالصدمة، والمكانة الدولية التي تنهار، والاحتفال في العالم العربي بسبب اقالة وزير الدفاع الذي صنع لهم الموت حرفيا.
رؤساء المعارضة، يئير لبيد وبني غانتس وافيغدور ليبرمان ويئير غولان، سيعقدون اليوم مؤتمر صحفي مشترك. المعارض من الخارج الذي حتى الآن يصمت، نفتالي بينيت، شذ أمس عن عادته وقال في فيلم نشره: “يوجد لدينا قيادة هستيرية ومريضة. التغيير في الطريق”. الآن يجب ترجمة الاقوال الى افعال.