هآرتس: اعدام المخطوفين هو لحظة اخرى تضع مؤيدي نتنياهو في مواجهة انهيار نظريته
هآرتس 2/9/2024، رفيت هيخت: اعدام المخطوفين هو لحظة اخرى تضع مؤيدي نتنياهو في مواجهة انهيار نظريته
في الاسابيع الاولى التي اعقبت 7 اكتوبر كان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في حالة صدمة، التي وجدت التعبير كالعادة في سلسلة ردود مقطوعة عن الواقع. اضافة الى خوفه بالنسبة للتداعيات الشخصية التي ستأتي من مسؤوليته عن الكارثة التي لا يمكن تخيلها، الاستطلاعات التي بيديه اشارت الى انهيار مطلق ودمار له ولليكود، والتدهور نحو عدد قليل جدا من المقاعد، أقل من العدد الذي حصل عليه بعد فترة وحشية تولى فيها وزارة المالية في حكومة شارون.
بعد 7 اكتوبر في جمهور اليمين وجمهور الليكود بشكل خاص، اطلقوا تصريحات للمرة الاولى ضد نتنياهو مليئة بالكراهية والاحتقار غير المسبوق، وحتى الوزراء في حكومته الذين خافوا من الخروج الى الشارع ازاء غضب الجمهور الذي واجههم، صرحوا ضده بشدة (حتى لو كان ذلك بشكل دائم في محادثات ليست للاقتباس). من يؤيدون الحكومة شعروا بالذنب بسبب أن من صنعوه بأيديهم قاد اسرائيل الى اسوأ اوقاتها. كان من العار أن تستمر بكونك مؤيدا لبيبي.
منذ ذلك الحين تدفقت دماء كثيرة ونتنياهو نجح ليس فقط في اعادة سيطرته على الليكود، الذي لم يتملقه في أي يوم، بل ايضا نجح في استعادة ثقة اليمين العميق وأن يضع نفسه كممثله الاصيل امام كل العالم، الذي تمت شيطنته بشكل مفيد. الرئيس الامريكي، جو بايدن، جهاز الامن وحتى عائلات المخطوفين المعذبة، جميعهم تم اعدادهم لوظيفة أن يكونوا أعداء أو اهداف أو كيس لكمات بهدف اعفاء الحكومة ورئيسها من المسؤولية عن الوضع المتدهور. الخطاب البيبي والاتهام بالخيانة وتشويه الاحتجاج، قفزت مرة اخرى من الخزانة، واشخاص، مثل ياريف لفين، بدأوا يشعرون بالراحة الكبيرة من اجل العودة وازعاج المجتمع الاسرائيلي.
عند المعرفة عن اعدام المخطوفين الستة، التي حطمت شظايا اكاذيب رئيس الحكومة التي تقول بأنه “يوجد لدينا وقت لتحقيق نتائج افضل في المفاوضات” و”المخطوفون يعانون ولكنهم ليسوا اموات”، فان عملية الترميم لنتنياهو واجهت صعوبة حقيقية بلحظة، لحظة نقية التي فيها نفي اليمين، الذي في البداية غطاه شعار “فقط الضغط العسكري هو الذي سيعيد المخطوفين”، وبعد ذلك حول السيطرة المؤقتة على محور فيلادلفيا الى حجر الاساس في أمن اسرائيل، يتحطم امام الواقع القاطع.
من الجدير تذكر الجدول الزمني. منذ شهر أيار مفهوم خطة صفقة، المنسوب لنتنياهو والذي نسبه بايدن لنفسه من اجل تثبيت رئيس حكومة اسرائيل، لمواجهة عدم موثوقيته. بعد موافقة حماس على هذه الخطة في تموز نتنياهو قام بادخال عنزة محور فيلادلفيا وعنزة نتساريم. عنزة نتساريم خرجت جزئيا لأنها عنزة قذرة جدا. ومنذ ذلك الحين هو يتخذ القرارات الحصرية، أنه لا يريد انهاء الحرب، ويضع كل ثقله على محور فيلادلفيا بذريعة أنه يوجد وقت للتبجح بالمفاوضات. الجواب الفظيع حصل عليه الجميع أمس. هناك دافع امني لاستمرار السيطرة في محور فيلادلفيا، الذي نشاطه المحموم ساهم كثيرا في تحويل حماس الى وحش. وضمنا هو يشكل خطر كبير على أمن مواطني اسرائيل. مصيره ازعج ويزعج وسيواصل ازعاج مواطني اسرائيل لسنوات كثيرة قادمة. ولكن التصميم عليه في هذه المرحلة ليس فقط خطوة خاطئة وساخرة ووحشية من رئيس الحكومة، بل ايضا خطأ استراتيجي فظ.
الآن حيث اسرائيل ممزقة من الداخل في اعقاب العمى الاخلاقي الذي لا يمكن التسليم به فان يحيى السنوار يمكنه تحسين المواقف والتشدد اكثر في شروط المفاوضات. كالعادة، نتنياهو يتوقع أن يجلب نتائج اسوأ بكثير من النتائج التي كان يمكنه تحقيقها. ولكن في هذه المرة الثمن سيكون باهظ وغير محتمل ولا يمكن دفعه. حماس قامت بتنفيذ الهجوم الاكثر اجراما ضد الحياة وقدسيتها، وخلافا لذلك فان حكومة اسرائيل تختار قرار متعمد ومقصود، التضحية بحياة المخطوفين. وهذا اختيار ظلامي ويثير القشعريرة ويقوض ليس رأي سياسي معين، بل قدسية الحياة والتضامن الرئيسي الذي يوجد بين الانسان والانسان. وهو ايضا معارض لموقف عدد غير قليل في الحكومة نفسها، الذين يتعاونون بالصمت الجبان والمجرم مع الوزراء الذين يوجهون الاحاسيس غير الاخلاقية وغير اليهودية، سموتريتش وبن غفير.
احاسيس الجمهور هي التي ستحسم ما اذا كان سينتهي هنا أحد الفصول المظلمة في تاريخ اسرائيل، الذي ذروته التخلي عن مواطنين والاستفزاز الفظ للمخطوفين وعائلاتهم، أو أنه سيكون استجابة للمنطق والنزاهة الخالية من الاخلاص القبلي، وانقاذ من يمكن انقاذه واعادته الى البيت. يمكن أن نجد التشجيع من خطوة ورقة عباد الشمس الوطنية، ارنون بار دافيد والهستدروت، الانضمام الى الاحتجاج وشل الاقتصاد. هي تشكل ميزان حرارة ناجع لفحص هذه الاحاسيس. الجمهور يدرك بأن معركة الحسم هذه ليست فقط على حياة المخطوفين، بل على صورة اسرائيل وأهمية الحياة فيها.