هآرتس: اعتقال بسبب حفنة من الرمال، هذا ليس حادثا استثنائيا، هذه ثقافة جديدة للحكومة
هآرتس 15/9/2024، مردخاي غيلات: اعتقال بسبب حفنة من الرمال، هذا ليس حادثا استثنائيا، هذه ثقافة جديدة للحكومة
هذه هي ايام حكم الخوف. الخوف من التظاهر ضد وزراء الحكومة الذين يحبون النفوذ والقوة والاموال والسلطة. الخوف من الاحتجاج على الديكتاتورية التي تسيطر على الدولة. الخوف من التظاهر في الشوارع واطلاق الهتافات اليائسة من اجل انقاذ المخطوفين في غزة. الخوف من رفع لافتات تطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية.
ايضا الخوف من أن تكون مراسل تم ارساله لتغطية المظاهرات وتعرض للضرب. الخوف من محاولة الدفاع عن سلطة القانون والمعسكر العقلاني في الدولة الذي تحاول الحكومة أن تفككه الى اجزاء. الخوف من أن يتم ارسالك الى غرفة الاعتقال بسبب مقولة معينة، أو حتى لا سمح الله، بسبب نثر حفنة من الرمال نحو وزير. حفنة من الرمال هذه هي كل القصة حسب الشرطة. حفنة من الرمال يم يتضرر بسببها أي أحد. الرمال لا تؤذي أي أحد. الخطر تولد في العقول الساخنة لقادة المليشيات العنيفة، ما كان يعرف ذات يوم بالشرطة. وقفة احتجاج رمزية ضد الشخص الذي رجاله قاموا بضرب المتظاهرين بشكل مبرح.
الى أين سيؤدي كل ذلك؟ الى قاضي محكمة الصلح، المنغلق ازاء الحقوق المدنية، روعي بيري، الذي ترعرع في حركة اليمين “موليدت” للجنرال رحبعام زئيفي، والذي صادق على اعتقال الفتاة نوعا غولدنبرغ (27 سنة) لليلة واحدة في سجن نفيه تريتسا. لقد تم ارسالها الى هناك وهي مكبلة الايدي والارجل كي لا تهرب لا سمح الله. هي خطيرة جدا الى درجة أن الشرطة سارعت لتقديم ضدها لائحة اتهام خلال 72 ساعة، هذا رقم قياسي عالمي حقا الذي فيه تم عرض حفنة الرمال وكأنها كتلة وحل. النيابة العامة خجلت كما يبدو من تكرار الدعوى الاصلية المضحكة بشأن الخطر الكبير الذي تعرض له بن غفير بسبب حفنة من الرمال.
من اجل منع سوء الفهم، هذه ليست حالة استثنائية، بل هذا اسلوب. هذه ثقافة جديدة للحكومة التي تتصرف مثل منظمة جريمة بالضبط. هكذا فانه منذ بداية الشهر وخلال اسبوع تقريبا الشرطة اعتقلت 100 متظاهر بادعاءات تافهة. حوالي 100 متظاهر تم ارسالهم الى مراكز الشرطة، ومعظمهم تم اطلاق سراحهم بسبب عدم وجود أدلة على خرق القانون. هل يوجد لديكم انتقاد للحكومة؟ لرئيس الحكومة؟ لوزير العدل ووزير التعليم؟ هل تشوشتم. نحن السلطة. سنعلمكم درس.
شرطة بن غفير اعتقلت اشخاص ابرياء. وقد كذبت في المحكمة بوقاحة. واحتجزت لساعات في مركز الشرطة بعض المعتقلين. قامت بتكبيلهم. حاولت تمديد الاعتقال للبعض منهم بذريعة سخيفة، أي شرطي مبتديء تعلم أن يكررها: الاخلال بالنظام العام، الاعتداء على شرطي، ازعاج شرطي اثناء تأدية وظيفته، استخدام زائد للنار (يوجد شيء مثل هذا) وايضا تعريض حياة انسان في محاور الحركة. هل رأيتم، أين الادلة، الشهادات؟ الصور؟ لا يجب المبالغة. مسموح لنا كل شيء، أيها المواطنون الاعزاء. مسموح لنا أن نحاسب بهذه الطريقة آلاف المتظاهرين في الاحتجاجات في ارجاء البلاد، بما في ذلك عائلات المخطوفين. مسموح لنا اقتلاع خيمة احتجاج لهيئة المخطوفين في القدس في محاولة لاخراج الرياح من اشرعة اعضاء الهيئة، الذين نحاربهم الآن.
بحماسة تصفية الحسابات لشرطة بن غفير مع المتظاهرين ومؤيديهم، بما في ذلك النساء الثلاث اللواتي وزعن كراسات من اجل المخطوفين في كنيس، لم تتجاوز الشرطة ايضا المحامي غونين بن اسحق العضو في طاقم المحامين الذين يقدمون المساعدة لمن يتم اعتقالهم بالخطأ. في صباح يوم الاحد، بعد بضع ساعات على النشر عن قتل الستة مخطوفين سافر بن اسحق مع زوجته للمشاركة في مظاهرة قانونية في هرتسليا، غير بعيد عن بيت الوزير ياريف لفين. هو قام بوقف سيارته حسب القانون، وعندما اقترب من المتظاهرين وهو يحمل مكبر صوت (لم يكن قد شغله بعد)، سمع شخص بملابس مدنية وهو يأمره بالتوقف. “أنا شرطي”، قال له هذا الشخص وعرض عليه هويته. ومنذ تلك اللحظة تصرف بشكل فظ، ضمن امور اخرى، بدأ باثارة غضب المحامي المخضرم. “ماذا حدث أنت ترتعش؟”، قال له. “شفاهك من الجهة اليمنى ترتجف”.
بن اسحق الذي هو ضابط كبير سابق في الشباك، لم يبق صامتا. فبعد محادثة قصيرة بينهما ابلغ الشرطي المتخفي المحامي بأنه معتقل بسبب اهانة شرطي، وادخله الى سيارة الشرطة واحتجزه ست ساعات في مركز الشرطة. الذريعة: أنا أمرتك بالتظاهر على مسافة تبعد 300 متر عن بيت الوزير وأنت لم توافق. هذه كانت رواية كاذبة، ذريعة من اجل التحقيق مع المحامي الذي تم اطلاق سراحه فقط بعد موافقته على عدم التظاهر في المكان لمدة اسبوعين.
حتى الآن لم نتحدث عن الكشف الذي ظهر في هذه الصحيفة لبار بيلغ ويهوشع براينر، أن محققي الشرطة سألوا المتظاهرين اذا كانوا قد دفعوا لهم للمشاركة في المظاهرة، هذه اسئلة لا يستطيع طرحها إلا المحققون الفاسدون في شرطة فاسدة فقط (“هآرتس”، 8/9). ولم نتحدث بعد زعرنة شرطة حيفا، حيث رجال الشرطة هناك قاموا برمي المتظاهرين على الاسلاك الشائكة. ولم نتحدث عن جلسة استماع اجريت لمعلم عارض الخدمة في الضفة في فيلم نشره في الانترنت، وتم استدعاءه للاستيضاح (شيرا كادري – عوفاديا، “هآرتس”، 9/9). يتبين أن الديكتاتورية تضرب جذورها.
في يوم الاربعاء الماضي زار وزير التربية والتعليم، يوآف كيش، مدرسة في كفار مناحيم. استقبله هناك عشرات المتظاهرين الغاضبين الذين طالبوا باطلاق سراح المخطوفين. ماذا فعلت الشرطة التي لا تعترف الآن بحق التظاهر لمواطني الدولة؟ قامت بالانقضاض عليهم واعتقلت شخصين. واحد منهما كان قائد سرب في الاحتياط، الثاني هو مراقب جوي. ماذا نسبت لهم الشرطة؟ كالعادة الاخلال بالنظام العام. متى تم اطلاق سراحهم من اجل توفير الخجل على نفسها في المحكمة، حيث ستكون مطالبة هناك بالاعتراف بأنه لا يوجد لديها أي ادلة ضدهم، بعد بضع ساعات. الشرط كان أن لا يشاركا في المظاهرات مدة اسبوعين. لقد قاموا بتخويف حتى هؤلاء.
صوت من كان يجب أن يُسمع علنا في مثل هذه الظروف؟ صوت مفوض الخدمة المدنية. ولكن المفوض دانييل هيرشكوفيتش، الذي عمل نتنياهو على تمديد ولايته لثلاثة اشهر، لم يناضل على أي شيء. هو مفوض على صورة وهيئة رئيس الحكومة. من صمت ايضا امام تمادي الشرطة ومليشياتها؟ مراقب الدولة نتنياهو انغلمان، الذي هو جندي آخر مخلص للحكومة. يئير لبيد كان على حق عندما شكك في مصداقيته كشخص يريد اجراء التحقيق في أحداث 7 اكتوبر.
من الذي برز اسمه بشكل خاص في هذه الاحداث الدرامية لحرب الشرطة ضد المتظاهرين الذين يطالبون بعقد الصفقة لانقاذ المخطوفين؟ يبدو أن المفوض الجديد داني ليفي ونائبه ابشالوم بيلد، اللذان اصبحا دمى في يد الوزير، هما خارج الموضوع. كلاهما يتصرف كمن يشكر مشعل النار الوطني، الذي اعطاهما هذا المنصب والشرف. وكلاهما قرر منذ اللحظة الاولى الاستسلام له ببساطة.