هآرتس: اطار المفاوضات قائم، المضمون ينتظر إسرائيل
هآرتس 16/7/2024، تسفي برئيل: اطار المفاوضات قائم، المضمون ينتظر إسرائيل
البحث عن اشارات تدل على النجاح في تصفية محمد ضيف، أصبح يتجاوز الحدود. هل حقيقة أن حماس لم تقم باطلاق الصواريخ نحو اسرائيل ردا على موته تدل على أنها تريد اخفاء موته، أو أن من تمت تصفيته وبحق ما زال على قيد الحياة، ولذلك فانه لا يوجد أي مبرر لاطلاق الصواريخ نحو اسرائيل؟، لأن “تجربة الماضي”، في غزة مثلما في لبنان، علمتنا بأنه في كل مرة تتم فيها تصفية شخصية رفيعة كانت حماس تطلق الصواريخ. ماذا لو أن حماس غيرت فجأة “تصور ردها”؟، هل الحظر الذي فرضته حماس على سكان المواصي، عدم نشر اسماء القتلى نتيجة القصف الاسرائيلي، استهدف اخفاء موت الضيف أو العكس؟. ربما أن حماس تستمع كل يوم لاقوال الخبراء في اسرائيل وتستنتج كيف يجب عليها التصرف من اجل اخفاء الحقيقة.
لكن القضية الرئيسية والاكثر اهمية في هذه الاثناء ليست هل الضيف حي أم ميت، بل ما هو مصير المفاوضات، التي تعتبر في اسرائيل “مفاوضات حول اطلاق سراح المخطوفين”، في حين أنها في حماس، حسب دول الوساطة، قطر ومصر والولايات المتحدة، تعتبر “مفاوضات حول وقف اطلاق النار وانهاء الحرب”.
جهات سياسية وعسكرية في اسرائيل، التي قدمت احاطات للمراسلين، أكدت على أن التقدير قبل اتخاذ قرار تصفية محمد ضيف هو أن التصفية ليس فقط لن توقف المفاوضات، بل هي بالذات ستزيد الضغط على السنوار بعد أن يفقد شريكه ويشعر بالعزلة ويخشى على حياته. في نفس الوقت كان يوجد عدم يقين حول مصير صفقة المخطوفين، وهو الشعور الذي رافق عملية اتخاذ القرار والايام التي مرت منذ عملية القصف. عدم اليقين الذي تم اقصاءه جانبا مقابل الفرصة الاستخبارية والعملياتية ما زال على حاله. ومنذ ذلك الحين لا توجد أي اجابة نهائية حول مصير محمد الضيف.
حماس من ناحيتها قدمت حتى الآن تصريحات متناقضة. حسب مصدر رفيع “جدا” في حماس، تم اقتباسه في وكالة الانباء الفرنسية، فان “محمد الضيف في وضع جيد، لكن المفاوضات مع اسرائيل سيتم تجميدها بعد محاولة التصفية التي قتل فيها اكثر من 100 شخص”. بعد فترة قصيرة نفى عزت الرشق، مصدر رفيع في حماس وتعيش في الدوحة والمسؤول عن الشؤون الاعلامية لحماس، نفى هذا التقرير واوضح بأن حماس لم تقرر وقف المفاوضات. أمس اضاف شخص آخر في حماس، محمود مرداوي، بأن “حماس لن توفر لبنيامين نتنياهو مخرج (من المفاوضات). حماس اظهرت المرونة واسرائيل هي التي تقضي على امكانية التوصل الى اتفاق”.
مصدر رفيع في حماس، لم يذكر اسمها، قالت لموقع “الشرق” السعودي بأن “الكرة الآن توجد في ملعب دول الوساطة. فاما أن توقف الحرب أو أن تلقي على نتنياهو المسؤولية عن اطالة المفاوضات واتخاذ الخطوات اللازمة لوقف الحرب من خلال مجلس الامن، أو وقف المساعدات العسكرية”. هذا الموقف، الذي تم سماعه بصياغة مشابهة لمتحدثين آخرين في حماس، يرسم رؤية حماس تجاه استئناف المفاوضات حتى بعد محاولة الاغتيال، حتى اذا تبين بأن التصفية كانت ناجحة.
حسب هذه الرؤية فان حماس تنوي مواصلة المفاوضات على اساس رؤيتها أنها ساهمت بدورها في التنازل الجوهري عن طلب انهاء الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع كشرط للمرحلة الاولى في صفقة التبادل. هذا التنازل، حسب حماس، يحتاج الآن المقابل من قبل اسرائيل ودول الوساطة، التي ستقدم تعهدات ملموسة وخطية. مع ذلك، حماس وافقت على الاكتفاء بأنه في المرحلة الاولى في الصفقة ستحصل من دول الوساطة على تعهدات شفوية لوقف الحرب فيما بعد. الوضع في هذه الاثناء هو أن المفاوضات تستمر، لكنها مفاوضات على مفاوضات. أي حول شروط استئناف المحادثات حول المواضيع الرئيسية التي تشمل ايضا طريقة ادارة غزة اثناء كل مراحل الصفقة وبعدها. وحسب حماس فانه طالما أن اسرائيل ترفض طلب وقف اطلاق النار الكامل والشامل في المرحلة الثانية، أو بشكل عام، وطالما أنها غير مستعدة للتعهد بذلك خطيا في كل مرحلة، فانه لا يوجد ما يمكن التحدث حوله.
المحللون العرب الذين يستندون الى المحادثات مع اعضاء حماس يقدرون بأن حماس تنتظر نتيجة زيارة نتنياهو في واشنطن ومحادثته مع الرئيس الامريكي في الاسبوع القادم، على أمل أن ينجح الرئيس في انتزاع من نتنياهو تنازل معين يمكن أن يحرك المفاوضات. حتى ذلك الحين فانه يبدو أن قطر ومصر والولايات المتحدة ستستمر في الدبلوماسية من اجل ابقاء اطار المفاوضات نشط حتى لو كان بشكل جوهري لم يتغير الكثير. احتمالية اخرى يتم ذكرها في المقابلات مع اعضاء حماس هي تجميد المفاوضات لفترة معينة من اجل جعل الرأي العام في اسرائيل وفي غزة يضغط على نتنياهو والسنوار.
“الوضع هو أنه لا يمكن لأي طرف في هذه الاثناء أن يهزم الطرف الآخر… اسرائيل لا يمكنها عرض صورة انتصار، وحماس تدرك الوضع الصعب لسكان القطاع، لكنها ملزمة ايضا بتحقيق انجاز ملموس بسبب حجم القتل والدمار”. حسب هذا التحليل الذي نشر في صحيفة “الاخبار” اللبنانية، المقربة من حزب الله، فان اسرائيل تعول على “تعب الجمهور الفلسطيني، وهي تحاول ابتزازه من خلال المساعدات الانسانية”. الصحيفة نشرت ايضا بأن اسرائيل تستمر في جهود تشكيل اجهزة فلسطينية لا ترتبط بالسلطة الفلسطينية، توافق على تحمل المسؤولية عن توزيع المساعدات الانسانية.
الخوف هو من أنه اذا تم تجميد المفاوضات فهذا يمكن أن يمتد الى حين اجراء الانتخابات الامريكية، التي يأمل نتنياهو فوز ترامب فيها. “لكن انتظار ترامب خطير”، قال للصحيفة مصدر اسرائيلي مطلع على المفاوضات. “لا أحد يعرف الآن ماذا ستكون سياسة ترامب فيما يتعلق بالحرب في غزة. ومن غير المضمون بأنه سيؤيد سياسة بنيامين نتنياهو. القلق في اوساط دول الوساطة هو أنه اذا اقنع نتنياهو ترامب بقدرة اسرائيل على هزيمة حماس، فهو سيعطي الضوء الاخضر لزيادة اشتعال الحرب في القطاع. ولكن عندها يمكن نسيان صفقة التبادل. المشكلة هي أن هناك من هو مستعد للرهان على ذلك. هذه الاعتبارات غير مخفية عن عين دول الوساطة التي يجري ممثلوها من اجل ذلك محادثات مطولة مع كبار قادة حماس في الخارج، لكن من غير الواضح الى أي درجة سيتأثر السنوار من “تهديد” ترامب.
الى جانب تعريض حياة المخطوفين للخطر فان التهديد الآخر الملموس هو أنه كلما تم تعويق المفاوضات تزداد احتمالية اندلاع الحرب الشاملة بين اسرائيل ولبنان.
“حزب الله، بواسطة متحدثيه، اوضح في الواقع بأنه سيكون ملتزم بوقف اطلاق النار مع اسرائيل، طبقا لوقف اطلاق النار في غزة، وهكذا ايضا حسب تقارير في موقع “ناشيونال نيوز” الاماراتي. رسائل مشابهة ارسلها الحوثيون والمليشيات الشيعية في العراق. ولكن هذه التعهدات متعلقة بقرار يحيى السنوار. أول أمس اجرى اسماعيل هنية محادثة هاتفية مع الرئيس الايراني الجديد، مسعود بزشكيان. في هذه المحادثة “ناقشا الوضع في القطاع”. التقدير هو أن ايران ارادت ارسال رسالة للسنوار من خلال هنية حول قلقها من اتساع الجبهة اللبنانية.