ترجمات عبرية

هآرتس: اسرائيل لا تكترث بـ “الاضرار الجانبية” لعمليات التصفية، حتى لو كانت حياة المخطوفين

هآرتس 15/7/2024، يوسي ميلمان: اسرائيل لا تكترث بـ “الاضرار الجانبية” لعمليات التصفية، حتى لو كانت حياة المخطوفين

رغم أنهم في اسرائيل يستمرون في استخدام كلمة “تصفية”، وتصريفها كفعل، فان ما حدث في يوم السبت في خانيونس، على فرض أن محمد ضيف قد قتل حقا، لم يكن تصفية، بل هو كان هجوم من الجو رسالته هي أن الهدف يبرر كل الوسائل. ايضا قتل واصابة العشرات، وربما المئات، يبرر الفعل. هكذا تكون اسرائيل قد اجتازت طريق طويلة منذ ولادة مفهوم، اغتيال، تصفية وتصفية مركزة. 

التصفية المركزة الاولى التي نفذتها اسرائيل كانت في العام 1956 عندما قام عملاء وحدة الاستخبارات 504 التابعة لـ “امان” بارسال مصحف مفخخ للكولونيل مصطفى حافظ، الضابط المصري في غزة، الذي كان المسؤول عن ارسال خلايا تخريبية (فدائيين) الى اسرائيل. منذ ذلك الحين وخلال عشرات السنين استمر الجيش الاسرائيلي، الشباك والموساد، بمصادقة من المستوى السياسي، في اتباع نهج التصفية المركزة ضد الارهابيين، وفي احيان نادرة ايضا ضد علماء المانيين أو مجرم حرب نازي، وحسب منشورات اجنبية، عالم سلاح كندي، وفي العقدين الاخيرين علماء ذرة ايرانيين. ولكن معظم هذه العمليات، مثل اسمها، هي عمليات مركزة. 

الهدف كان المس فقط بالهدف الذي كان يجب تصفيته، والامتنناع عن المس بأبرياء. لذلك، ايضا السلاح الذي تم اختياره كان وفقا لذلك، رزم مفخخة، مسدسات، سم واحيانا في حالات نادرة، سيارات مفخخة. مقاربة اسرائيل كانت أن الاغتيال هو المخرج الاخير، وفقط عندما لا يكون هناك أي خيار آخر يجب المس بقادة الارهاب انفسهم.

الانعطافة في هذه المقاربة كانت بعد اتفاقات اوسلو، على خلفية ارهاب الانتحاريين الذي بادرت اليه ونفذته حماس والجهاد الاسلامي، الذي عمل على تصعيد الانتفاضة الثانية. اسرائيل حولت التصفية المركزة، أي استخدام بالقطارة، الى عمليات اغتيال بالجملة. في حينه ايضا تم تبني مفهوم “الاضرار الجانبية” الذي تم استيراده من امريكا.

مع ذلك، باستثناء حالات شاذة ، ايضا المستوى السياسي، لا سيما جهاز الامن، صادق على مثل هذه العمليات بعد التأكد من بذل كل الجهود للامتناع عن المس بالابرياء. كان هناك ايضا عدد غير قليل من الحالات قررت فيها اسرائيل الغاء العملية بسبب “اخطار جانبية” كبيرة جدا.

لكن في الحرب الحالية في غزة حررت اسرائيل كل الكوابح. الامر الذي بدأ قبل عشرات السنين بالتصفية المركزة وانتقل الى التصفية غير المركزة تطور الى سياسة التسليم بالمس بالابرياء، بما في ذلك الاطفال والنساء، مقابل تصفية شخص ارهابي. عملية الحيونة هذه والرغبة في الانتقام هي تقريبا طبيعية ومفهومة ضمنا، وهي غير منفصلة عما تمر فيه اجزاء واسعة من المجتمع الاسرائيلي، الذي اصبح منذ سنوات الى عنيف اكثر فأكثر، ليس تجاه الفلسطينيين في المناطق فقط، بل بواسطة خطاب الكراهية في الشبكات الاجتماعية ضد اجزاء واسعة في الجمهور الاسرائيلي، وايضا في السلوك المدني في الحياة اليومية. 

لا حاجة الى الاعتذار عن تصفية محمد ضيف، اذا حدثت كما يقدرون في جهاز الامن. فقد كان مسؤول عن موت آلاف الاسرائيليين، وبشكل غير مباشر عن موت عشرات آلاف الفلسطينيين. ولكن المشكلة هي أن اسرائيل تعشق عمليات التصفية. ذات مرة كانت التصفية هي وسيلة لتحقيق اهداف عسكرية، سياسية واستراتيجية أكبر. ولكن كما نشاهد في عمليات الجيش الاسرائيلي في غزة وفي لبنان فان عمليات التصفية هذه اصبحت تشمل كل شيء، هدف بحد ذاته، سياسيون، معظم جهاز الامن، الجيش الاسرائيلي، وسائل الاعلام، اجزاء واسعة من الجمهور، جميعهم يتفاخرون بها ويتمسكون بها مثل القشة للغريق وكأنها ستحل مشكلات اسرائيل في الحرب. على مدى سنوات أنا اكتب بأن التصفيات، وبالتأكيد التصفيات بالجملة، لا تخدم أي هدف سياسي، ولا توجد لها فائدة، وحتى على المدى البعيد هي تزيد العنف واعمال الارهاب.

إن الاعتماد على التصفيات هو عرض عبثي وخداع للنفس. نحن شاهدنا ذلك بالفعل من خلال عشرات عمليات التصفية لشخصيات رفيعة وقادة، الذين تبين أن تأثيرهم في المنظمات الارهابية هو مؤقت وقصير المدى، وأنه سيتم تعيين بدائل لهم قريبا. حماس هي حركة شعبية جذورها مغروسة في التراث الفلسطيني، وهي ستتغلب على تصفية محمد الضيف مثلما تغلبت على تصفية مؤسس الحركة، احمد ياسين، وقادة آخرين مثل محمد الجعبري ومروان عيسى وسلسلة اسماء طويلة لم يعد أي أحد يتذكرها. 

مع تحديد كل الضجة وتعظيم الذات، وعلى فرض أن الضيف قتل بالفعل، فان السؤال هو اذا كان القضاء عليه سيعزز صفقة المخطوفين والنظام في غزة. ونتيجة لذلك ايضا تعزيز النظام في لبنان. حسب رأيي لا. فحرب غزة تثبت أن اسرائيل اصبحت مجتمع لا يهتم بحياة الانسان، أو حياة مواطنيها ومن بينهم المخطوفين. هل تمت تصفيته أم لا، بدون وقف الحرب لن تكون صفقة لاطلاق سراح المخطوفين. انهاء الحرب سيؤدي الى انسحاب ايتمار بن غفير، وتوأمه الباهت بتسلئيل سموتريتش، من الحكومة. انسحابهما سيؤدي الى تبكير موعد الانتخابات التي سيهزم فيها نتنياهو. لذلك فان رئيس الحكومة، الذي كل شخصيته مبنية على البقاء واستمرار حكمه، لن يسمح بهذه العملية. ننتنياهو واستمرار الحرب توأمان سياميان لا يمكن فصلهما. ونحن سنكتشف ذلك بسرعة عندما نحصل على تأكيد حول تصفية محمد ضيف، وحتى اذا تم القضاء على يحيى السنوار نفسه. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى