ترجمات عبرية

هآرتس: استمعوا الى نتنياهو هذه ليست مجرد اقوال

هآرتس 20/5/2024، الوف بن: استمعوا الى نتنياهو هذه ليست مجرد اقوال

منتقدو رئيس الحكومة يميلون الى التعامل باستخفاف مع تصريحاته وخطاباته، وعرضها كأقوال فارغة لحل مشكلات سياسية آنية. الرد التلقائي على ظهورات بنيامين نتنياهو تملي نفسها. كاذب، مخادع، محكوم من قبل بن غفير وسموتريتش. ايضا من يقولون بانفعال “أنت الرئيس، اذا أنت المذنب” يميلون لاعطائه تسهيلات وتخفيضات والادعاء بأنه لا توجد لديه خطة، وحتى اذا وجدت لهو غير قادر على اتخاذ قرار. ولكن اذا كان نتنياهو مجرد روبوت تتم برمجته في ميامي، أو كرة يتم ركلها بين البيت الابيض وقوة يهودية، فما هو ذنبه بالضبط؟.

نتنياهو دائما يختبيء وراء شخصيات قوية ويفضل الظهور كخرقة بالية، لا أن يناضل على مواقف مختلف عليها. دائما ستكون سارة ويكون يئير، الرئيس الامريكي، الائتلاف وجهاز الامن، الذين سيمتصون الانتقادات بدلا منه. ميله لالقاء المسؤولية ازداد، بالطبع منذ قيادته لاسرائيل الى كارثة 7 اكتوبر وحرب الاستنزاف في قطاع غزة وفي الشمال. ولكن بدلا من السقوط كضحية للخدعة المتملصة لرئيس الحكومة، من الجدير الاستماع اليه ومعرفة الى أين يسعى.

من اللحظة التي استيقظ فيها من الصدمة عند اندلاع الحرب، نتنياهو يصمم على عرض سياسته لـ “اليوم التالي”: “احتلال اسرائيل من جديد لقطاع غزة”، أعلن في كانون الاول، “بعد تصفية حماس غزة ستكون منزوعة السلاح، تحت سيطرة اسرائيل الامنية، ولن تكون فيها أي جهة تهددنا وتعلم اولادها الارهاب”. 

في شهر شباط اضاف الى مجموعته عبارة “النصر المطلق”، التي كالعادة اثارت الضحك والمحاكاة. ماذا لو كان نتنياهو يقصد ما يقوله، وحقا توجهه للنصر باسلوب حرب الاستقلال، التي فيها اسرائيل ستحتل غزة. الكثير من السكان الفلسطينيين هناك سيغادرون الى دول عربية وغربية، وفي المنطقة ستقام مستوطنات لليهود؟. هذه النتيجة مناسبة بالضبط للبند الاستهلالي في الخطوط الاساسية للحكومة الحالية: “الشعب اليهودي له الحق الحصري، غير القابل للنقاش، في كل ارض اسرائيل”.

يصعب الادعاء بأن كل هذا أقوال. خطوات اسرائيل العسكرية في غزة تسمح  بهذه النتيجة: طرد السكان، تدمير المدن والقرى، الصعوبة في ادخال الغذاء والوقود للاجئين، تقسيم القطاع بشارع عرضي واقامة قواعد للجيش الاسرائيلي على طوله، الدخول بالتدريج الى رفح. الادارة العسكرية التي يقترحها نتنياهو الآن (كعادته يختبيء وراء السكرتير العسكري، الجنرال رومان غوفمان، بسبب أنه فقط كتب وثيقة خاصة”)، هي مرحلة اخرى في العملية المتدحرجة نحو “تهويد قطاع غزة”. 

في الوقت الذي يطالب فيه اليمين بشكل علني بنكبة ثانية في قطاع غزة، فان معارضي النظام يعزون انفسهم بالاعتقاد أن هذه اوهام مسيحانية لن تتحقق. يعلقون الآمال على العالم الذي لن يسمح لاسرائيل بتكرار “ولادة قضية جديدة للاجئين الفلسطينيين”، مثل عنوان كتاب بني موريس عن حرب العام 1948. لا شك أن المجتمع الدولي، برئاسة الولايات المتحدة، يعارض بشدة احتلال اسرائيل للقطاع، وبالتأكيد يعارض التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين واستبدالهم بمستوطنين يهود. التهديد بأوامر اعتقال في لاهاي وتجميد ارساليات السلاح من امريكا، استهدف ردع نتنياهو عن الذهاب حتى النهاية.

لكن نتنياهو يعرف بشكل ممتاز التاريخ، ويعرف أن امريكا عارضت مرة تلو الاخرى خطوات اعتبرتها اسرائيل حيوية، وتراجعت امام تصميم اسرائيل. هكذا كان الامر عند اعلان الاستقلال، رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، اعلان القدس كعاصمة لاسرائيل، اقامة المفاعل النووي في ديمونه، بناء المستوطنات في المناطق وتوسيعها، وحتى العملية الحالية في رفح. في كل هذه الاحداث اسرائيل استمعت الى امريكا ولكنها فعلت العكس، بالضبط مثلما يقوم نتنياهو الآن بخداع الرئيس الامريكي ومبعوثيه الذين يأتون من اجل حثه على “اعادة السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة”. بالنسبة له، التحدث عن صفقة اعادة المخطوفين مقابل وقف اطلاق النار وانسحاب اسرائيل، هي فقط طريقة لاضاعة الوقت الى حين يتعود العالم على الواقع الجديد الذي سينشأ في قطاع غزة، كما تعود على نتائج الحرب الاهلية في سوريا.

ماذا اذا حقق بني غانتس آمال المتظاهرين في كابلان وقدم استقالته من مجلس الحرب ووقف مثل اليكسيه نفلاني وجان دارك على رأس الاحتجاج ضد نتنياهو. المشكلة في هذا السيناريو ليست فقط ضعف غانتس السياسي، الذي لا يمكنه اسقاط الحكومة والوصول الى الانتخابات ومعاملته اللطيفة، بل في موقفه الجوهري. كما أظهر مرة اخرى في “الخطاب الانذاري” فان غانتس ببساطة يؤيد سياسية الحكومة التي يجلس فيها. هو ايضا يدعو الى مسؤولية امنية اسرائيلية في غزة، بالضبط مثل الاحتلال في الضفة الغربية، ويعارض حماس وعباس ايضا. الفرق بينه وبين نتنياهو هو أنه يريد “اجراء نقاشات” خلافا لنتنياهو. وزير الدفاع يوآف غالنت اكثر شجاعة من غانتس في سلوكه العام وانتقاده لنتنياهو، لكن هو ايضا يؤيد استمرار الحرب، ومعارضته للحكم العسكري في غزة يبررها باعتبارات اقتصادية والقوة البشرية، وليس بتقدير أن الاحتلال يضر اسرائيل.

هكذا فان اسرائيل تسير بثقة الى التراجع عن الانفصال والعودة الى غزة بروحية وعود نتنياهو وآمال شركائه في الائتلاف. “كيف لم أخمن مسبقا”، كتب س. يزهار. “خربة خزعة لنا. قضية التوطين ومشكلات الاستيعاب. سنعيش معا ونندمج. ولكن كيف؟ سنقوم بفتح جمعية استهلاكية، مدرسة وربما ايضا كنيس… لتحيا خزعة العبرية! من سيخطر بباله أنه كانت هنا ذات مرة خربة خزعة، التي قمنا بطرد سكانها وورثناهم. جئنا، اطلقنا النار، احرقنا وفجرنا وقمنا بالصد والدفع والتهجير”. يمكن البدء في كتابة مسودة لقصة التتمة. بمكن فقط التقدير أنه في هذه المرة الكنيس سيقام قبل الجمعية الاستهلاكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى