ترجمات عبرية

هآرتس: استمرار الحرب يخلق ضغطًا على الجيش، وأظهرت أزمة القوى البشرية

هآرتس 24-5-2024، عاموس هرئيل: استمرار الحرب يخلق ضغطًا على الجيش، وأظهرت أزمة القوى البشرية

بعد يوم على نشر الفيلم الذي وثقت فيه المجندات المخطوفات في موقع “ناحل عوز” المحتل صباح 7 أكتوبر، يواصل التحليق فوق الخطاب العام في إسرائيل مثل غيمة مسمومة وكئيبة. لا لأننا لم نعرف: المشاهدون ومن يقرأون الصحف يشاهدون ويسمعون أوصافاً كثيرة وصوراً للمذبحة من يومها الأول، لكن حدث شيء آخر هنا، حتى في الطبعة التي تم تحريرها وحذف منها (الجيش الذي أرسل الفيلم لعائلات المخطوفين حذف منه صور الجثث). مشاهدته تشبه ابتلاع حبة مركزة من المعاناة والرعب. في ثلاث دقائق تقريباً، يتم تجسيد أبعاد الكارثة والفشل: رعب في عيون المراقبات، وثقة ذاتية التي لا تصدق لمخربي حماس، وفوق كل احتلال الفلسطينيين الموقع ومواقع عسكرية أخرى وكيبوتسات على طول الحدود لساعات دون نجاح الجيش الإسرائيلي في الوصول إليها وإنقاذها.

احتل غرب النقب ليوم واحد، وصلت قوات الإنقاذ والسيطرة بشكل متأخر، وبقي الجنود والمجندات في المواقع وحدهم يديرون قتالاً يائساً من أجل البقاء، مع تدن كبير في العدد. في موقع “ناحل عوز” نفسه، قتل 54 جندياً وجندية، واختطف 7 مراقبات. قتلت واحدة منهن على يد آسريها، وتم تحرير أخرى في عملية جريئة لـ “الشاباك” والجيش الإسرائيلي. بقي 5 منهن في الخلف: لقد تم إهمالهن في اليوم نفسه، وتخلت عنهن الدولة منذ ذلك الحين. لا يمكن تجاهل عامل آخر في القصة؛ فهذه مجموعة من الفتيات، ولا نعرف ما الذي يمر على كثير من النساء في أسر حماس. حتى في الفيلم، تسمع إشارات ضبابية عن ذلك من قبل المخربين أنفسهم.

“لتعرف كل أم عبرية أنها وضعت مصير أبنائها في يد القادة الجديرين بذلك”، قال رئيس الحكومة الأول، دافيد بن غوريون، في جملة نقشت على الجدار خلف كرسي رئيس الأركان في غرفة النقاشات في هيئة الأركان العامة في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب. الجيش الإسرائيلي لم يجتز هذا الامتحان في 7 أكتوبر. الضباط الكبار الذين يجتمعون في الغرفة مرة كل أسبوع (النقاشات العملياتية تجري في موقع القيادة العليا، “البئر” تحت الأرض) يعرفون ذلك جيداً. سيجدون صعوبة في النسيان أن كل نقاش يجرى في الطابق الـ 14 تسمع صرخات عائلات المخطوفين، التي تتظاهر كل يوم أمام مبنى وزارة الدفاع.

على الشخص أن يكون له قلب أبيض كي يتجاهل ما ظهر في الفيلم. هل سيحث على فعل أشياء كما تأمل العائلات؟ قال ايلي الباغ، والد المراقبة المخطوفة ليري، إن قرار النشر كان بالنسبة له “الرصاصة الأخيرة في المسدس”. مساء أول أمس، تم عقد مجلس الحرب للجلسة التي حددت مسبقاً في قضية المخطوفين. بعد ذلك، أعلن مكتب رئيس الحكومة بأن طاقم الأسرى والمفقودين أعطي توجيهات بـ “مواصلة المفاوضات”، أي استئنافها بعد وقف استمر لأكثر من أسبوعين. ولكن من الجدير ألا تجرنا النشوة؛ فالحقائق الأساسية بقيت على حالها. حماس تطالب بوقف كامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب كشرط للصفقة. ونتنياهو لا يريد دفع ثمن باهظ من ناحيته.

من قراءة صيغة بيانات رئيس الحكومة ووزراء وأعضاء كنيست من الليكود وأحزاب اليمين المتطرف، بعد نشر الفيلم، يتبين خليط من الوعود لتحرير المخطوفين والانتقام من حماس. أمر واحد غاب عن معظمها، وهو إظهار تعاطف حقيقي مع العائلات. هذه ليست ظاهرة جديدة، هكذا يشعر سكان الغلاف الذين تعرضوا للمذبحة، وكذلك سكان البلدات على الحدود مع لبنان المخلين من بيوتهم.

الحكومة لا تقدم لهم مساعدة ناجعة، والكثير من أعضاء الائتلاف لا يكلفون أنفسهم بإظهار التعاطف مع ألمهم. نتنياهو يبالغ في خطاباته في الأحاديث الفارغة عن التضحية والثكل.

صعوبة التوصل إلى انعطافة في المفاوضات تزداد؛ لأن حماس تشدد مواقفها بخصوص تفاصيل الاتفاق. هذا ينبع من شعور بالقوة المتزايدة. رغم الضغط العسكري المتجدد، ما زالت حماس صامدة. قادتها يتابعون الخلافات الداخلية في إسرائيل والتوتر مع الإدارة الأمريكية والخطوات التي تقوم بها المحاكم الدولية في لاهاي.

تأثيرات أجنبية

وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، تحدث مساء أول أمس هاتفياً مع وزير الدفاع بوآف غالنت. صيغة البيان الذي نشره البنتاغون إيجابية جداً من الناحية الإسرائيلية. وكرر أوستن “الالتزام الأمريكي الصلب بأمن إسرائيل”، وأدان طلب المدعي العام إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت في لاهاي، ودفع بغالانت ليناقش مع المصريين إعادة فتح معبر رفح، وطلب تقليص الأضرار بالمدنيين والحرص على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. ما الذي غاب عن هذا النشر؟ تحفظ أمريكا من العملية الإسرائيلية في رفح ووضع خطوط حمراء بخصوص الدخول.

قبل أسبوعين، صرحت جهات رفيعة في الإدارة الأمريكية بإعلانها أنها ضد العملية في كل مناسبة، وحتى إن الرئيس أمر بوقف إرسالية تشمل آلاف القنابل لسلاح الجو الإسرائيلي. حدث التغيير بعد أن اقتنع الأمريكيون بخطوات الجيش الإسرائيلي على الأرض: حوالي مليون غزي، من بين الـ 1.4 مليون الذين تم دفعهم إلى رفح، غادروا المدينة بسرعة استجابة لتحذيرات إسرائيلية. خطوة قدر الجيش الإسرائيلي بأنها ستستمر شهراً واعتقد البنتاغون أنها غير محتملة، تم تنفيذها في غضون أسبوع. الولايات المتحدة خفضت معارضتها لاستمرار العملية، ويبدو أن الأزمة حول إرساليات السلاح خفتت أيضاً، بعد أن واجه الرئيس انتقاداً داخلياً من الجنرالات وبعض المشرعين الديمقراطيين.

هذا لا يعني أن قضية رفح أصبحت خلفنا. فأي حادثة قتل جماعي للمدنيين فيها أو أي كارثة دبلوماسية أخرى، قد تثير مجدداً معارضة الإدارة الأمريكية. ولكن العملية مستمرة في هذه الأثناء، وتتوجه نحو احتلال مدينة رفح. في موازاة ذلك، تعمل قيادة أخرى على مستوى فرقة في جباليا شمالي القطاع، وقيادة ثالثة في ممر نتساريم في الوسط. الجيش الإسرائيلي يستخدم الآن 9 ألوية حربية في القطاع، وهو عدد الجنود الأكبر الذي وجد هناك منذ حوالي شهرين.

الوقت المتاح للجيش محدود. يفضل الأمريكيون أن تنهي إسرائيل العملية في رفح خلال بضعة أسابيع كي يتم إخلاء الساحة للمضي بالاتفاق مع السعودية وتوقف صور القتل من القطاع قبل انعقاد مؤتمرات الحزبين في الولايات المتحدة صيفاً والمرحلة الأخيرة من السباق على الرئاسة. سيواجه نتنياهو مشكلة أخرى؛ فحتى لو تم استكمال احتلال رفح بشكل سريع، فسيتبين أنه لا يؤدي إلى النصر المطلق، كما وعد مؤيديه. هل توجهه هو احتلال طويل لأجزاء في القطاع وإقامة حكم عسكري، والسيطرة على ممر نتساريم فقط (مع اقتحامات محددة لمناطق تركز فيها حماس جهود عسكرية جديدة)، أم أن توجهه نحو محاولة أخرى للتوصل إلى صفقة شاملة؟ أصبح من الواضح أن هزيمة الكتائب الأربع التي بقيت في رفح لن تؤدي إلى بيان استسلام من حماس ووقف شامل للقتال. رفح ليست المعقل الأخير، ولا مبرر لوصفها ستالينغراد الفلسطينية. عند الحاجة، ستهرب حماس عدداً من مقاتليها من رفح إلى مناطق أخرى في القطاع.

في هذه الأثناء، يبدو أن رئيس الحكومة يواصل كسب الوقت وتأخير إجراء المفاوضات حول المخطوفين، وإجابته على الصفقة السعودية (الأمريكيون أملوا دمج الأمرين معاً). بدرجة كبيرة، ما لم يتعقد القتال على الأرض، لم يعد هو الذي يملي وجهة المعركة. نتيجة الحرب وتداعياتها الاستراتيجية، ستتأثر بالخطوات الدولي وبالعلاقات مع الإدارة الأمريكية وبالخطوات في “لاهاي”، وربما في مجلس الأمن، وبالتطورات السياسية في إسرائيل. كالعادة، توجد فجوة كبيرة بين ما يتم تسويقه للقاعدة السياسية والتوجيهات التي يعطيها رئيس الحكومة. في الشهرين الأخيرين، دفع نتنياهو بكبار قادة الجيش لتسريع المساعدات الإنسانية إلى القطاع بسبب الضغط الأمريكي. في الوقت نفسه، هاجم رجاله عبر الشبكات ووسائل الإعلام الجيش بسبب تساهله وضعفه أمام العدو. على خلفية ادعاءات المدعي العام في لاهاي حول “حملة تجويع” إسرائيلية، التي أديرت ضد سكان القطاع، تذكرت هيئة الأركان في هذا الأسبوع كيف ضغطت عليها الحكومة في الأسبوع الأول لقصف كل المعابر في القطاع. ورد الضباط بأن هذه العملية تعارض القانون الدولي، وتم منع هذه العملية الغبية.

حتى الآن، تستمر جهود الإشعال من الداخل. يضغط وزير المالية سموتريتش لاستخدام خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية رداً على “لاهاي”. وفي منصبه الثاني، وزيراً في وزارة الدفاع، يستغل الفوضى في الضفة الغربية لتوسيع البؤر الاستيطانية وإحباط أي محاولة قانونية لإخلاء أي مبان غير قانونية. ليس وحده سموتريتش؛ ففي هذا الأسبوع واجهنا عدة عمليات عديمة المسؤولية للحكومة. فخلال يوم واحد، أعلن الوزير غالانت عن إلغاء قانون الانفصال في شمال الضفة، وصعد الوزير بن غفير إلى جولة أخرى من الاستفزاز في الحرم، أما العبقري المناوب، وزير الاتصالات شلومو كرعي، فقد أمر بمصادرة معدات وكالة أسوشييتد بريس، واضطر للتراجع والاعتذار عندما اكتشف أنه غير مدعوم من قبل نتنياهو وغالانت. في الوضع الحالي، هذه الحكومة خطيرة على مواطني إسرائيل تقريباً مثلما يحدث على الحدود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى