ترجمات عبرية

هآرتس: اردوغان يستصعب العمل ضد إسرائيل، لكن شبكة أمانها تمزقت

هآرتس 13/9/2024، تسفي برئيلاردوغان يستصعب العمل ضد إسرائيل، لكن شبكة أمانها تمزقت

الخطوة الوحيدة التي ستوقف غطرسة اسرائيل، السرقة وارهاب الدولة الذي تمارسه، هي تحالف الدول الاسلامية”، هذا ما قاله الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، في يوم السبت الماضي. ولكنه شخص لديه خبرة كافية كي يعرف أن أي تحالف أو أي مؤتمر أو أي تدخل عربي اسلامي بكل تشكيلة لم ينجح حتى الآن (خلال عقود) في حل النزاعات في الشرق الاوسط.

في تشرين الثاني الماضي تم عقد قمة عربية – اسلامية في السعودية، للمرة الاولى شارك فيها معا زعماء دول الجامعة العربية والدول الاعضاء في منظمة التعاون الاسلامي من اجل التوصل الى قرارات مشتركة حول وقف الحرب في غزة. البيان الختامي وبحق كان مليء بالادانات لاسرائيل، وحتى سمع منه نداء لمجلس الامن كي يأمر بوقف اطلاق النار. ولكن طلب ايران، التي للمرة الاولى شاركت في قمة عربية دولية، قطع علاقات الدول العربية مع اسرائيل أو على الاقل فرض عقوبات اقتصادية عليها واعتبار الجيش الاسرائيلي منظمة ارهابية، تم رفضه من قبل الدول التي وقعت على اتفاقات سلام مع اسرائيل ولم يتم شمله في البيان الختامي.

اردوغان يؤمن بأنه ربما في هذه المرة، بعد مرور سنة تقريبا على اندلاع الحرب وازاء عدد القتلى غير المسبوق في غزة والدمار الكبير، توجد احتمالية افضل من اجل تطبيق قرارات متصلبة اكثر ضد اسرائيل. ورغم ذلك، مشكوك فيه أن يشاهد خلفه طابور طويل للدول.

تركيا هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي فرضت عقوبات اقتصادية على اسرائيل، وأعادت السفير من تل ابيب. الاردن قام بتجميد بعض الاتفاقات واعاد السفير. في حين أن دولة الامارات اكتفت باعادة السفير فقط، لكنه يستمر في زيارة اسرائيل بين حين وآخر. العلاقات بين اسرائيل ومصر توجد في حضيض غير مسبوق في اعقاب التوتر المتزايد بين الدولتين على طول الحدود بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، التوتر الذي ينبع من سيطرة اسرائيل على معبر رفح ومحور فيلادلفيا. ورغم ذلك مصر اكتفت فقط بالتحذير والاشارة الى أن هذا الوضع يمكن أن يتفاقم الى درجة اعادة السفير الى القاهرة، وهو الامر الذي فعلته في السابق عندما كانت الظروف اقل خطرا.

الفلسطينيون، للاسف، يعرفون جيدا وزن التضامن العربي الفعلي القليل، وليس التصريحي، في كل ما يتعلق بقدرة الدول العربية، كل واحدة على حدة أو بواسطة الجامعة العربية، على حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، أو على الاقل التوصل الى وقف لاطلاق النار في قطاع غزة. تركيا تعلمت في هذا الاسبوع بأنه حتى عندما تحاول تجنيد الدعم العربي لعمل مشترك ضد اسرائيل فانه يجب عليها أولا أن تقوم بحل نزاعاتها، على الاقل مع دولة عربية واحدة وهي سوريا، قبل أن تسجل لنفسها انتصار دبلوماسي لامع.

في لقاء وزراء الخارجية العرب الذي عقد في يوم الثلاثاء الماضي في القاهرة، غادر الوفد السوري برئاسة وزير الخارجية فيصل المقداد القاعة عندما بدأ وزير خارجية تركيا، هاكان فيدان، خطابه. سوريا يوجد لها “حساب شخصي” مع تركيا التي تحاول منذ اشهر استئناف علاقاتها مع دمشق. في كل مرة، رغم تدخل روسيا النشيط، يواصل بشار الاسد وضع شرط رئيسي لاستئناف العلاقات وهو أنه يجب على تركيا الانسحاب من كل الاراضي التي قامت باحتلالها في سوريا. اردوغان، الذي كان الحليف المقرب من الاسد والعلاقات بينهما تقريبا كانت عائلة، قطع العلاقات معه بعد أن لم يستجب الاسد لتوسل اردوغان التوقف عن المذبحة الجماعية ضد ابناء شعبه. ومنذ ذلك الحين وضع اردوغان نفسه على رأس حملة معارضة استمرار حكم الاسد وطالب بعزله.

اردوغان كان يمكنه الاستناد الى موقف عربي شبه موحد تقريبا ضد الاسد، يشمل تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، وفرض عقوبات اقتصادية عربية اضافة الى العقوبات الغربية، الى أن عادت سوريا في السنة الماضية، بعد 12 سنة مقاطعة، الى الحضن العربي. عضويتها في الجامعة العربية استؤنفت في الوقت الذي قامت فيه في وقت سابق عدة دول عربية، منها الاردن والامارات، باستئناف العلاقات معها. لكن المقاطعة والعقوبات العربية لم تساعد في وقف المذبحة في سوريا التي قتل فيها نصف مليون شخص، وفي اعقابها 12 مليون مواطن اصبحوا لاجئين ومهجرين. الجامعة العربية لم تنجح في وقف الحرب بين السعودية واليمن، وتحقيق مصالحة في السودان أو رأب التصدعات السياسية والعسكرية في ليبيا.

يبدو أن المرة الاخيرة التي كان فيها للجامعة العربية دور مهم كانت في 1989، عندما قامت بتعيين ملك السعودية وملك المغرب والرئيس الجزائري لترأس لجنة مشتركة القيت عليها مهمة التوصل الى انهاء الحرب الاهلية في لبنان. اتفاق الطائف الذي تم التوقيع عليه بعد 15 سنة على الحرب الدموية لم يغير فقط البنية السياسية في لبنان، بل نجح ايضا في الغاء عدد كبير من التهديدات على سلامتها والحفاظ على لبنان موحد وله سيادة. ولكن الجامعة العربية لم تنجح حتى الآن في انهاء الازمة السياسية العميقة التي تحطم لبنان.

ليست الجامعة فقط هي التي فشلت في ذلك، ايضا “مجموعة الخمسة”، التي تشارك فيها مصر والسعودية وقطر والولايات المتحدة وفرنسا، تجد صعوبة في تحقيق المعجزة. في كل ما يتعلق بالمواجهة بين اسرائيل وحزب الله لا يوجد في هذه الاثناء لدى أي دولة عربية اداة ضغط يمكن أن تساهم في تهدئة التوتر. هذه الاداة توجد لدى دولة واحدة غير عربية، ايران، التي لا تسارع الى انهاء هذه المواجهة.

عندما يطالب اردوغان بالتجند العربي – الاسلامي ضد اسرائيل فان ايران، التي يبدو أنها ستكون اول من سينضم الى حملة تركيا، هي نفسها “جسم مشتبه فيه” ويثير معارضة العرب. الحوثيون، امتداد ايران في اليمن، الذين يعملون باسم “جبهة المساندة” للفلسطينيين ويطالبون بوقف اطلاق النار في غزة، الحقوا اضرار اقتصادية كبيرة بالدول العربية التي يمكن أن تنضم لـ “تحالف اردوغان”. مصر ربما هي المتضررة الاكبر، لأن خط الملاحة في قناة السويس توقف تماما تقريبا، وفي الاردن ارتفعت اسعار المواد الاساسية بعشرات النسب المئوية. وهو يخشى بشكل خاص من تدخل المليشيات في العراق في جهود تجنيد مواطنين من الاردن للحرب ضد اسرائيل وتهريب السلاح والمواد المتفجرة من العراق وسوريا. الملك عبد الله في الحقيقة يدين اسرائيل، ووزير الخارجية ايمن الصفدي احيانا يتبنى لهجة شديدة ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ولكن الاردن ايضا شارك في التحالف الامريكي – العربي الذي ساعد في افشال هجوم المسيرات والصواريخ على اسرائيل في شهر نيسان الماضي. انهاء الحرب في غزة يعتبر هدف استراتيجي بالنسبة للاردن، وهكذا ايضا التعاون الاستخباري مع اسرائيل والعلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة. العضوية في التحالف العربي – الاسلامي برئاسة تركيا وايران بعيد عن أن يكون على رأس سلم الاولويات في المملكة.

رغم ذلك سيكون من الخطأ الكبير من ناحية اسرائيل أن تستند بارتياح الى الانقسام وعدم التضامن بين الدول العربية والفلسطينيين بشكل عام، وبشكل خاص حول قضية غزة. ايضا محظور عليها اعتبار ذلك كدليل على قوتها السياسية أو كـ “تسويغ” عربي لمواصلة الحرب في غزة وفتح جبهة واسعة في لبنان. اسرائيل لا توجد لها أي مصلحة في الجامعة العربية أو منظمة التعاون الاسلامي. فمكانتها الاستراتيجية في الشرق الاوسط تأخذ القوة من سلسلة العلاقات الثنائية مع دول عربية التي تدير علاقات خارجية مستقلة، والتي يوجد لعدد منها خلافات جوهرية فيما بينها.

السياسة الفردية والمصالح والاعتبارات الفريدة، وليس القرارات “التنظيمية” العربية بشكل عام، هي التي جعلت كل دولة من هذه الدول توقع على اتفاق سلام مع اسرائيل. ولكن الاكثر اهمية هو أنه حتى العلاقات الوثيقة، مثل العلاقات بين اسرائيل والامارات والبحرين وبدرجة كبيرة المغرب، ليست البديل عن ضرورة تسوية صراع اسرائيل مع المنظمات المعادية والدول التي تقوم بدعمها. هذه الدول ربما لا تكون قادرة على تسوية الصراعات، سواء فيما بينها أو مع اسرائيل واعدائها، لكنها تخلق شبكة الامان الحقيقية التي ترتكز اليها شرعية اسرائيل في المنطقة. وهذه هي نفس الشرعية المطلوبة، التي ستكون اسرائيل بحاجة اليها كي لا تفقد دعم امريكا لها بشكل خاص ودعم الغرب بشكل عام.

شبكة الامان هذه ما زالت صامدة رغم الانتقادات الشديدة، ولكنها بدأت تتمزق حتى بدون مساعدة اردوغان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى