ترجمات عبرية

هآرتس: احياء المحادثات بين ايران والولايات المتحدة بات مصلحة سعودية واضحة

هآرتس 11/7/2025، تسفي برئيلاحياء المحادثات بين ايران والولايات المتحدة بات مصلحة سعودية واضحة

“الخيار في يد أمريكا. هل الولايات المتحدة ستختار أخيرا الدبلوماسية أو ستبقى عالقة في حرب احد آخر؟”، هذا كان السطر الأخير في المقال الذي نشره وزير خارجية ايران عباس عراقجي في صحيفة “فايننشال تايمز” في يوم الثلاثاء الماضي. هذه صياغة مهمة تؤطر الهجوم على ايران وسياسة واشنطن منها كانجرار امريكي خلف إسرائيل وليس كمبادرة أمريكية. من هنا جاء تأكيده في المقال على ان الولايات المتحدة تستطيع استبدال الضرر الذي تسببت به الحرب بالتحرك الدبلوماسي، حيث قال: “نحن حققنا في اللقاءات الخمسة مع ويتكوف اكثر مما حققناه في السنوات الأربعة لولاية جو بايدن الفاشلة”.

ايران نفت رسميا انها توجهت مباشرة للولايات المتحدة من اجل استئناف المفاوضات التي توقفت عشية الحرب، كما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ولكن كبار زعماء ايران، بما في ذلك الرئيس مسعود بزشكيان، لا يتوقفون عن اطلاق التصريحات العلنية لصالح استئناف المفاوضات، ويعملون عن طريق الوسطاء على الدفع بها قدما. في اليوم الذي نشر فيه عراقجي مقاله في الصحيفة البريطانية، هبط في السعودية والتقى مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظيره ومع وزير الخارجية فيصل بن فرحان ووزير الدفاع خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد السعودي.

الزيارة التي حظيت بتغطية كبيرة في وسائل الاعلام السعودية، هي زيارة في سلسلة اللقاءات الدبلوماسية الكثيرة التي بادرت اليها الدولتان في الفترة التي سبقت الحرب وبعدها. السفير الإيراني في السعودية، علي رضا عنئاتي، قال عند انتهاء زيارته بان “القيادة السعودية تصمم على مواصلة القناة الدبلوماسية وتطوير العلاقات بين الدولتين في كل المجالات”. يبدو ان هذا ليس اعلان استثنائي، بل هو يشبه إعلانات سابقة نشرت بعد لقاءات مشابهة. لكن مجرد عقد هذا اللقاء عالي المستوى، بالذات في الوقت الذي فيه واشنطن والرئيس ترامب يواصلون التهديد والتلويح بإمكانية توجيه “ضربة ثانية وثالثة” ضد ايران اذا قامت باستئناف المشروع النووي، يمكن ان تدل على الطريقة التي تنوي ايران العمل فيها في المستقبل القريب.

الدول الثلاثة، قطر وعُمان والسعودية، هي الان مجندة للدفع قدما بالدبلوماسية التي تهدف الى استئناف جولة اللقاءات بين ويتكوف وعراقجي، التي ربما تكون في الأسبوع القادم. قطر التي توسطت من اجل وقف اطلاق النار في الوقت الذي فيه “سمحت” لإيران بمهاجمة قاعدة العديد الامريكية الموجودة على أراضيها باعتبار ذلك “عملية رد متفق عليها” على الهجوم الأمريكي، وحظيت بذلك على الشكر من الرئيس الامريكي، تعمل امام ايران من اجل إعادة على الأقل الرقابة على المنشات النووية.

الجدول الزمني لا يسمح بالوقت للتاخير. ايران طردت مراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية. وحسب تقارير إيرانية قامت بتفكيك كاميرات المراقبة للوكالة في المواقع النووية. عمليا، لا توجد الان أي رقابة منظمة في هذه المواقع ولا توجد معلومات موثوقة عن مصير الـ 408 كغم من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة.

إعادة المراقبين، فحص المواقع، مسح الاضرار وتحديد كامل لمكان اليورانيوم، كل ذلك يمكن ان يكون الشرط الأساسي لاي عملية دبلوماسية. ضد هذه الطلبات يقف القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان الإيراني، الذي يحظر التعاون مع الوكالة وينص على ان أي رقابة ستكون فقط بمصادقة المجلس الأعلى للامن القومي، خلافا للترتيبات التي وضعت في الاتفاق النووي الذي منح المراقبين الصلاحية للقيام بعملية الرقابة بشكل مفاجيء، بدون ابلاغ مسبق او تنسيق مسبق. الخوف هو من ان كل يوم يمر بدون رقابة سيمكن ايران من البدء في إعادة ترميم المشروع النووي او إخفاء مواد ووسائل ستخدمها بعد ذلك.

في نفس الوقت أيضا امام ايران تتكتك ساعة الرمل التي ستلزمها باتخاذ قرار في الفترة القريبة. في هذا الشهر سيكون الموعد النهائي لفتح بند إعادة فرض العقوبات الذي يلزم مجلس الامن بإعادة فرض العقوبات الدولية التي تم رفعها عن ايران عند توقيع الاتفاق النووي الأصلي في 2015. اذا تم استكمال هذه العملية فان تفعيل البند سيكون في 18 تشرين الأول. استئناف المفاوضات بين أمريكا وايران يمكن ان يعيق هذا الاجراء، شريطة انه خلال فترة قصيرة سيتم تحقيق تفاهمات جوهرية تمكن من التوقيع على الاتفاق.

دبلوماسي أوروبا يمثل دولة موقعة على الاتفاق النووي قال في هذا الأسبوع للصحيفة بان “الافتراض في أوروبا هو انه رغم تصريحات الرئيس ترامب إلا أن هجمات أمريكا وإسرائيل لم تنجح في تدمير كل منشات التخصيب وتدمير مخزون اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة. ورغم ان الخيار العسكري الذي قبل ذلك شكل فقط تهديد لردع ايران والدفع قدما بالخطوات السياسية، الآن تم تطبيقه والنتيجة هي انه اذا كانت هناك حاجة الى استخدامه مرة أخرى، أيضا بعد ذلك لن يكون مناص من بلورة اتفاق صارم ومراقب بشكل جيد. نحن نتلقى إشارات من واشنطن بان هذا هو التوجه الذي يسعى اليه ترامب الان. سننتظر ونرى ما الذي سيحدث في الأيام القادمة وليس في الأسابيع القادمة. هو تجنب تقدير فرصة نجاح جهود احياء القناة السياسية.

قطر هي التي تعمل من اجل استئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران، لكن السعودية يمكنها توفير الغلاف السياسي الذي سيدعم الضمانات التي تطلبها ايران من الولايات المتحدة، تطبيق أي اتفاق سيتم التوقيع عليه.

في هذا السياق يجب الانتباه الى ان السعودية تحاول اظهار الحيادية في كل ما يتعلق بالخطوات العسكرية ضد ايران. فهي تعارض أي هجوم عسكري ضد ايران، وأوضحت بانها لن تسمح باستخدام أراضيها لهذا الهدف. عندما بدأ الهجوم كانت السعودية اول دولة ادانته، حتى لو كانت امتنعت عن توجيه ادانة مباشرة للولايات المتحدة. إضافة الى ذلك هي لا تسوق بشكل علني حلف الدفاع مع الولايات المتحدة، وأيضا قضية المشروع النووي السعودي التي وضعت على طاولة المفاوضات على اعتبار انه مهم جدا في عهد الرئيس بايدن، نزل من العناوين.

السعودية يمكنها الان الاستنتاج بانه عندما تصمم الولايات المتحدة على ان ايران لا تستطيع تخصيب اليورانيوم في أراضيها، فهي ستجد صعوبة في نفس الوقت في منحها اذن مشابه. هذه المواضيع التي كانت الشرط الأساسي للسعودية من اجل التطبيع مع إسرائيل قبل الحرب في غزة، تم استبدالها منذ ذلك الحين بشرط جديد للسعودية، الذي طالب باجراءات تؤدي الى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاساس للتطبيع.

السعودية كما يبدو، “تحدث” استراتيجيتها الإقليمية وتواصل الاعتماد بشدة على “حزام الأمان” الأمريكي العسكري لضمان امنها، وهي ستحاول ان تضع لها شبكة امان سياسية، التي ستبقى فيها لإيران مكانة “الجارة الجيدة”، التي لا يجب المس بها وبنظامها.

هذه الرؤية تستند، ضمن أمور أخرى، الى الادراك الذي بحسبه الهجوم على ايران ربما ابعد قدرتها على انتاج القنبلة، لكنه ابقى على حاله تهديد ايران بالمس بمضيق هرمز وحركة الملاحة في الخليج الفارسي. وهكذا وضع المصالح الاقتصادية للسعودية على لوحة الأهداف حتى لو لم تقم ايران بمهاجمة السعودية بشكل مباشر.

لم تغب عن عيون السعودية أيضا حقيقة انه رغم جهودها امام الإدارة الامريكية الا ان ترامب فضل في النهاية موقف إسرائيل على موقف السعودية، الامر الذي اثار في الرياض علامات استفهام بالنسبة لحدود تاثيرها على الإدارة الامريكية وعلى مستقبل “المحور المناهض لإيران”، وبالاساس من سيرسم خارطة الشرق الأوسط التي يطمح اليها ترامب.

السعودية يجب عليها الاستعداد ليس فقط لوقت الحرب. فاتفاق نووي جديد يؤدي الى رفع العقوبات عن ايران سيزيد بشكل دراماتيكي كمية النفط التي تستطيع ايران ان توفرها للسوق العالمية، وأن تنافس السعودية على زبائن استراتيجيين. هذا بالذات في الفترة التي حسب تقديرات موقع “انيرجي انتلجنس” يتوقع ان يكون هناك عرض النفط اعلى من الطلب مقارنة بالوضع الذي كانت فيه سوق النفط في 2021 عندما بدأ بايدن في المفاوضات من اجل التوصل الى اتفاق نووي جديد مع ايران.

من اجل كبح تاثير رفع العقوبات عن ايران فانه يجب على السعودية (ليس عليها وحدها) التوصل الى اتفاق مع ايران، وعدم استبعاد إمكانية انه يجري الان حوار بين الدولتين، وأن “اظهار الحيادية” السعودية تجاه ايران نبع أيضا من هذه الاعتبارات. يبدو انه بدون اتفاق نووي فان السعودية ستكون معفية من التعامل مع عواقبه الاقتصادية، لكنها ستستمر في البقاء تحت تهديد الحرب، الامر الذي يمكن أن يفرض عليها ثمن اعلى بكثير.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى