هآرتس: اجتياح مخيم اللاجئين الفوار تحول الى حملة تنكيل سادية

هآرتس 18/10/2024، جدعون ليفي: اجتياح مخيم اللاجئين الفوار تحول الى حملة تنكيل سادية
كانت تلك ليلة لن يتم نسيانها بسرعة في مخيم اللاجئين الفوار. مخيم بعيد في جنوب الخليل، الأقل عنف من بين مخيمات اللاجئين، لا توجد فيه كتائب مسلحة مثلما في المخيمات في لشمال، مخيم فرضت عليه إسرائيل حصار جزئي منذ بداية الحرب – نسبة بطالة تقريبا شبه كاملة بسبب منع العمل في إسرائيل – واضطر الى رؤية اقتحامات متكررة من قبل الجيش. الاقتحام في مساء 19 أيلول لن ينسى في المخيم بسرعة. فقد كان الاقتحام الأكثر إجراما. حقيقة في هذه المرة لم يقتل أي أحد، لكن سلوك الجنود كان عنيفا واحيانا ساديا بشكل خاص، كما قال السكان الذين تحدثنا معهم في هذا الأسبوع.
بعد مرور يوم غادرت القوات المخيم وهي تحمل الغنائم – ثلاثة معتقلين فقط. بعد أن تم اطلاق سراح معظم الشباب الذين تم اعتقالهم والتحقيق معهم في الليل وفي اليوم التالي من الاعتقال العبثي. الاعتقال العبثي والاقتحام العبثي استهدفت كما يبدو بالأساس التنكيل بالسكان واستعراض القوة، وربما أيضا تشغيل الجنود الذين يحسدون زملاءهم في غزة والذين يمكنهم فعل كل ما يخطر ببالهم ويعطونهم الشعور بأنهم يخدمون “خدمة مهمة”. يصعب ايجاد تفسير مقنع اكثر لاقتحام مخيم الفوار. المدخل الرئيسي للمخيم من شارع 60 عليه بوابة حديدية منذ بداية الحرب. أحيانا الجنود يمنعون أيضا الدخول سيرا على الاقدام. نحن وصلنا هذا الأسبوع الى المخيم عبر مدينة يطا. لقد ساد ما يشبه الروتين في الشارع الرئيسي للمخيم: مئات الأولاد في طريق العودة من المدرسة، الحوانيت مفتوحة، السكان يسيرون هنا وهناك. ولكن هذا مشهد مضلل. وراء كل ذلك يختفي يأس كبير. معظم الرجال في المخيم هم عاطلون عن العمل منذ اكثر من سنة. الإهانة في مساء 19 أيلول فقط زادت هذا اليأس.
محمد أبو هشهش، اعزب عمره 52 سنة وقضى 11 سنة في السجن الإسرائيلي، هو رئيس حركة فتح في المخيم والمختار. أي ضائقة لأحد السكان تصل اليه. “الاونروا” تقدم هنا فقط منحة تبلغ 250 شيكل في الشهر، للعائلات المحتاجة فقط، باستثناء رواتب موظفيها من المعلمين والعاملين في جهاز الصحة. موظفو السلطة الفلسطينية تم تقليص رواتبهم مؤخرا بسبب وضع السلطة. أبو هشهش يحاول المساعدة وهو لا يذكر أي ضائقة اقتصادية كهذه الضائقة في المخيم.
أبو هشهش شخص لطيف ويتحدث العبرية بطلاقة، وقد تجول معنا بهدوء سيرا على الاقدام في شوارع المخيم وكأننا في تل ابيب. محطة الوقود الخاصة التي يمتلكها على الشارع الرئيسي في المخيم اضطر الى اغلاقها في السنة الأخيرة بسبب الاغلاق الجزئي. الشباك يكثر من الاتصال به ويطلب منه التعهد بمنع رشق الحجارة على سيارات المستوطنين في شارع 60. “هل الشباك يمكنه منع رشق الحجارة؟ كيف يمكنني التعهد بعدم رشق الحجارة من قبل الأطفال؟”، قال لهم وقال ذلك لنا أيضا. “نحن لا نثق بالحرب، لكن شاهد التلفاز. مساء أول أمس احترق أطفال في مستشفى في غزة. هذه حرب ضد الأطفال. كيف يمكنني قول للأولاد هنا أن لا يرشقوا الحجارة. هم يرون ما يحدث في غزة”. قبل أسبوعين قام الجنود باقتحام بيته وضربه، بعد أن طلب رجل الشباك منه بأن يأتي الى مكتبه في الرابعة فجرا وهو رفض ذلك.
قبل اندلاع الحرب قتل هنا سبعة اشخاص على يد الجيش. عامل النظافة يحيى عواد قتل بعشرات الرصاصات التي اطلقت عليه بعد أن حاول الهرب من امام الجنود. فيلم فيديو يظهر الفتى وهو يهرب للنجاة بحياته وصليات شديدة تلاحقه. وقد ترك وراءه زوجة وولدين صغيرين. الباحثة في “بتسيلم” منال الجعبري أحصت تقريبا مئة ثقب للرصاص في الجدران في مكان الحادثة، امام دكان بيع الهواتف المحمولة في المخيم. الجعبري وباحث آخر في المنطقة هو باسل العذرا قاما أيضا بالتحقيق في احداث 18 – 19 أيلول.
“في السابق كان الجنود يحترمون كبار السن والأولاد والنساء”، قال أبو هشهش. “الآن هم لا يحترمون أي أحد، لا يحترمون أي شخص فلسطيني”. في 18 أيلول قام الجيش باقتحام المخيم في العاشرة ليلا. الجنود خرجوا منه فقط بعد ظهر اليوم التالي. طوال هذا الوقت جميع السكان كانوا محتجزين في بيوتهم.
شقيق محمد، ساري، يجلس على اريكة في بيت شقيقه محمد الجميل الموجود على الشارع الرئيسي في المخيم، وهو مكسور. ساري فقط 30 كغم من وزنه في الأشهر الأخيرة. ساري ابن 45 سنة اطلقت عليه النار في كانون الأول الماضي على يد الجنود وأصيب في بطنه، في الوقت الذي كان يجتاز فيه الشارع في الليل. هو قال إنه ذهب الى البقالة قبالة البيت ولم يكن يعرف أنه يوجد جيش في المخيم. الآن هناك كيس مربوط ببطنه وهو ينتظر اجراء عملية جراحية أخرى. الاخوان اللذان شاهدا كل شيء يغضبان مما حدث في 19 أيلول ليلا. محمد يقدر أن الجنود اقتحموا خمسين بيت في المخيم، 19 من بينها لابناء عائلة أبو هشهش الكبيرة. حسب قوله، قاموا بتحطيم الأبواب والنوافذ وقلب الشقق وضرب سكانها. وقال إنهم نكلوا بابن شقيقه بشكل خاص، محمد عبد الله أبو هشهش، طالبت عمره 20 سنة. “هو شاب لطيف ولم يفعل أي شيء”، قال رئيس فتح. هذا الأسبوع خجل من الالتقاء معنا، لكن عمه محمد قال لنا ما فعلوه به. الجنود اجبروه على الاستلقاء على بطنه على أرضية الحمام في بيته، وقاموا بإدخال السكر والفلفل في مؤخرته.
بيت عائلة محمد الخطيب، وهو من سكان المخيم وعمره 75 سنة، قام الجنود بافراغه واخلوه من سكانه العشرين وحولوه الى مركز مرتجل لتحقيقات الشباك. الى هناك احضر الجنود الغنائم – 30 معتقل، من اجل التحقيق معهم.
فقط دمية
أيضا في البيت التالي الذي قمنا بزيارته في هذا الأسبوع هم أيضا لن ينسوا تلك الليلة. هذا بيت هيثم جنازرة، 56 سنة، أب لستة أولاد، ابنته بيلسان (26 سنة) هي خريجة الاكاديميا العسكرية وتخدم كضابطة في المخابرات الفلسطينية. هي أيضا كانت في البيت في تلك الليلة، مع الأم المريضة والأب الذي يتحدث العبرية والذي عمل حتى الحرب كنقاش وخبير في اعمال الجبص في بئر السبع. أيضا بيتهم قام الجنود باقتحامه في الرابعة فجرا. هم يصفون كيف أن الجنود أمروا الجميع بالدخول الى بيت العم في الطابق الأرضي، وقد كانوا حوالي 20 شخص. محمود (24 سنة) اقتادوه الى المطبخ وقاموا بضربه، ضمن أمور أخرى، على أعضائه التناسلية، هو لم يتمكن من الوقوف بعد ضربه. أبناء العائلة حاولوا الشرح للجنود بأن الأم هناء، 54 سنة، مريضة وأنها تتعافى بعد اجراء عملية، لكن بدون فائدة. هي أيضا اجبروها على الجلوس على الأرض. وحسب قول أبناء العائلة فقد قام الجنود برمي ادويتها في سلة القمامة أمام أعينها.
أيضا هنا بحثوا عن بندقية، ولم يجدوا إلا بندقية لعبة. الأم قامت بالصلاة على الأرض، لكنهم أمروها بأن تقف. بيلسان قالت إن نظرة الجنود اليها كانت مخيفة. “شعرت أن هناك شيء غير جيد في نظراتهم”. الأم حاولت التدخل ولكن الجندي اسكتها، هذا كان بعد أن فصلوا الرجال عن النساء في غرفتين منفصلة. بيلسان سمعت أنهم ينادونها بـ “المزة”. “الحمد لله أنني لم اسمع ذلك”، قال الأب بالعبرية. “لم نكن لنصمت على أمر كهذا. أنا جلست ثلاث ساعات ونصف على ركبي، تقريبا كدت أموت. بدأت أتعرق بشكل لم اتعرق فيه في حياتي وحتى اثناء العمل في بئر السبع”. أيضا هنا تحدث أبناء العائلة عن الضرب.
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي قال في هذا الأسبوع ردا على ذلك: “قواتنا عملت في شهر أيلول في عملية لإحباط نشطاء إرهاب واعتقالهم في مخيم الفوار للاجئين. الادعاءات التي طرحت غير معروفة للجيش. عندما تصل شكاوى يتم فحصها كما هو معتاد”.