هآرتس: اتفاقات السلام يمكن أن تكون ضحية لجنون الحكومة
هآرتس 11/9/2024، نمرود نوفيك: اتفاقات السلام يمكن أن تكون ضحية لجنون الحكومة
الضرر بسبب عدم مسؤولية الحكومة سريع وواسع جدا، الى درجة أنه يصعب التحذير في كل مرة قبل سقوط لبنة اخرى من البنية التحتية للامن القومي. لقد تمت كتابة الكثير عن الضرر المباشر، من الجنوب ومن الشمال، للمماطلة المنهجية في محاولة لمنع اتفاق وقف اطلاق النار من اجل اعادة المخطوفين وتهدئة الساحتين. ايضا اسهام الاستفزازات على الحرم وعنف المستوطنين وخنق الاقتصاد الفلسطيني في التصعيد في يهودا والسامرة يحصل على الاهتمام.
الامر مختلف فيما يتعلق بالضحية المحتملة القادمة لكل هذه الامور. فالعلاقات مع دول السلام، القريبة والبعيدة، أول من سيتضرر ويرد مصر والاردن.
السلام مع مصر كان الانجاز التاريخي لمناحيم بيغن والعملية الاستراتيجية الاكثر اهمية منذ اقامة الدولة. فقد قام باخراج أقوى واهم الدول العربية من دائرة الحرب. خلال سنوات كثيرة تجاوز مستوى التنسيق الامني بين الدولتين أي تصور وخدم المصالح الامنية للدولتين بشكل واضح. الآن قرار الحكومة تخليد تواجد اسرائيل في محور فيلادلفيا، الذي يعني احتلال القطاع والسيطرة على 2 مليون مدني بدون موعد للانتهاء، أدى الى رد غير مسبوق من مصر.
جهات امنية مصرية حذرت في محادثات مع نظراء لها في البلاد ومع المستوى السياسي من النتائج الخطيرة لهذا القرار. حسب قول هذه الجهات فان السيطرة على القطاع ستكون دموية ومليئة بالاحداث التي تنطوي على عدد كبير من المصابين في الطرفين، وستضعضع الاستقرار في كل المنطقة، وستضر بمصالح مصر الامنية. نحن جربنا في السابق على جلودنا نتيجة تجاهل التحذيرات المصرية التي سبقت وحشية حماس في 7 اكتوبر، وفي اعقاب التجاهل الحالي ارسلت المنظومة السياسية في مصر والجيش المصري ايضا اشارات علنية تجسد خطورة التطورات حسب رؤيتها.
الاردن، الذي منح اتفاق السلام مع اسرائيل ذخر امني لا بديل له والعمق الاستراتيجي للعمل في الجو والبر امام ايران والآخرين الذين يكرهونها في الشرق وفي الشمال، هو اقل قوة من مصر واكثر عرضة للخطر من الداخل والخارج. وليس عبثا أنه يبث اشارات الضائقة. استمرار الحرب في القطاع والاستفزازات في الحرم ودعم ارهاب المستوطنين وخنق السلطة الفلسطينية اقتصاديا، كل ذلك يدفع الشباب الفلسطينيين الى احضان الجهات الارهابية، ويضطر الجيش الاسرائيلي الى التشدد في ردوده، وهذا التصعيد يهدد ايضا استقرار المملكة. ان عدم الاستقرار في المناطق يمهد الارض ايضا لاعمال التخريب الايرانية، الامر الذي يظهر سواء باستخدام حدود المملكة لتهريب السلاح والاموال للمناطق أو بزيادة الجهود لتقويض استقرار النظام في الاردن. نحن لسنا بحاجة الى خيال واسع من اجل وصف التحديات الامنية التي ستنشأ اذا استقرت المليشيات الايرانية، وليس الجيش الاردني، على الحدود الاطول لنا.
الحكومتان في القاهرة وفي عمان تقفان امام ضغط الرأي العام من اجل قطع العلاقات مع اسرائيل والغاء اتفاقات السلام.
في دول السلام البعيدة ايضا، دول اتفاقات ابراهيم، الامر الذي يعتبر الانجاز الاكثر اهمية وربما الوحيد لنتنياهو والذي غير وجه المنطقة، فان الامور مؤثرة. دولة الامارات غير مستعدة للموافقة على طلبات رئيس الحكومة المتكررة لتوجيه دعوة له للزيارة. ليس هذا فقط، بل مرة تلو الاخرى هي تعبر بشكل علني عن الغضب من سياسة اسرائيل وباشارات دبلوماسية هادئة جمدت مشاريع مشتركة وقلصت اتصالها مع الحكومة. وكلما زادت دولة الامارات شدة الرد فانه يجب علينا التوقع بأنهم في البحرين وفي المغرب سيسيرون في اعقابها.
ان استمرار هذه العمليات سيضع حدا ايضا لاحتمالية دمج اسرائيل في تحالف اقليمي قوي لصد عدوان ايران وامتداداتها، وسترسل احتمالية تطبيع العلاقات مع السعودية الى الحقيبة المليئة للفرص الضائعة.
اذا لم يتم وضع حد للجنون الذي يوجه الحكومة عندنا فان المس بأمن دولة اسرائيل ورفاهها سيكون فوريا وسيتم الشعور به لعشرات السنين.