هآرتس: اتركوا هرتسوغ، فقط جهاز الامن هو الذي يمكنه انقاذ اسرائيل من نتنياهو
هآرتس 21/8/2024، ديمتري شومسكي: اتركوا هرتسوغ، فقط جهاز الامن هو الذي يمكنه انقاذ اسرائيل من نتنياهو
الكاتب ايل ميغد دعا هنا (“هآرتس”، 16/8) رئيس الدولة، اسحق هرتسوغ، الى الوقوف علنا ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يتمسك بالحكم ويستخدم بشكل لا ساسا له ومدمر أدوات ووسائل يتيحها له، مثل ادارة حرب دموية لا نهاية لها والتخلي عن المخطوفين ليموتوا، بهدف بقائه الشخصي والسياسي والقانوني. حسب اقوال ميغد فان ما يمنع رئيس الدولة من “دعوة رئيس الحكومة الى الالتزام بالنظام، الذي يضع مصالحه الشخصية فوق مصالح الدولة”، هو مبدأ الرسمية الذي يعتبر موقف رجل الدولة، الذي يرى أن من واجبه التمسك به. هو لا يريد أن يظهر كرئيس معارضة، بل كرئيس دولة.
تصعب الموافقة على هذا التقدير، لأنه من الواضح ومنذ فترة طويلة أنه ايضا لرجال بارزين في اليمين – بما في ذلك الذين اعتبروا ذات مرة من المؤيدين المتحمسين لرئيس الحكومة مثل آشر زفراني، وهو ليكودي من كريات شمونة، الذي سمعت خطابه المؤثر قبل اسبوع ونصف في المظاهرة الاسبوعية في حيفا، وآخرين كانوا سيصوتون لحزب نفتالي بينيت وافيغدور ليبرمان لو أنه تم تأسيسه – أن نتنياهو يستمر في الحرب لاطالتها بدون هدف عسكري، ولا نريد التحدث عن هدف سياسي.
الكثير من الاسرائيليين، اليمين واليسار والوسط، يعتبرون أن الشخص الذي سلامتهم وأمنهم مرهونة بيده، يهتم بخلق والحفاظ لفترة طويلة غير محدودة على حالة الطواريء، التي في ظلها يستمر في الهرب من تحمل المسؤولية عن كارثة 7 تشرين الاول، وحتى تأجيل الى اشعار آخر – “انتظروا وسترون أي كارثة يقوم باعدادها لنا في شهادته في 2 كانون الاول – محاكمته الجنائية. الامر الوحيد الذي يمنع هذا الجمهور من الخروج الى الشوارع، ليس بالذات وضع الحرب، بل بالاساس نوع من الشلل العقلي الذي ينبع من رفضه تصديق ما يشاهده، وهو أن رئيس حكومة اسرائيل وبحق قد قرر تدمير الدولة اليهودية ومؤسساتها ويزهق حياة مواطنيها من اجل مصالحه الشخصية ومصالح عائلته.
من غير المعقول الافتراض بأن رئيس الدولة لا يدرك بأنه في حالة الطواريء الخاصة الموجودة الآن “الرسمية” تعني بالضبط ما يقوله ميغد له: بذل كل ما في استطاعته لانقاذ الدولة من الشخص الذي فقد التوازن الموضوعي، وهو يشكل خطر فوري على مستقبلها ومواطنيها، من اليمين واليسار على حد سواء. لذلك، لا يوجد أي مناص من الموافقة على تفسير اوري مسغاف هنا (“هآرتس”، 15/8)، وهو أن هرتسوغ انتخب لمنصب رئيس الدولة بفضل نتنياهو، لذلك هو “يوجد في جيبه”.
يضاف الى ذلك أنه لو أن هرتسوغ كانت له رؤية حقيقية حول مستقبل الشعب والدولة لكان يمكنه أن يجد فيها قوة الروح كي يتملص ويهرب من جيب الشخص الاكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي. كما سماه هنا وبحق نحاميا شترسلر. ولكن للاسف الشديد، الوضع ليس هكذا. فهرتسوغ هو شخص مثقف، ذكي، يكتب ببلاغة وعمق في النقد الادبي – وهو المشهد النادر جدا بين السياسيين الاسرائيليين الآن – وهو ابن عائلة يهودية وضعت بصماتها عميقا في تاريخ شعب اسرائيل في القرن الماضي. ولكنه ليس رجل رؤية. الجزء الوحيد في الرؤية الذي اظهره في السابق هو الشكوى عندما كان رئيس حزب العمل ورئيس المعارضة لنتنياهو (2016) من أن الجمهور يعتبر اعضاء حزب العمل “عاشقين للعرب”، وأنه يجب عليهم التوقف عن اعطاء الاسرائيليين هذا الاحساس.
ربما أنه حتى الآن لم يترك هرتسوغ هذا الفهم من اعماقه، وربما ايضا أن هذا الفهم يمنعه من الوقوف ضد نتنياهو علنا. لأنه حتى الآن وبعد أن انزل علينا الكارثة الاكبر في تاريخ الشعب اليهودي منذ الكارثة، من خلال التمويل غير المباشر ولكن المنهجي لقتلة حماس، ما زال هناك قطيع غير صغير من الاتباع المجانين الذين يستمرون في رؤيته “السيد أمن”، الذي هو افضل شخص يدافع عنا من المارق العربي.
يجب أن لا نأمل من هرتسوغ انقاذنا من نتنياهو. وكما احسن في وصف ذلك مسغاف، فان الطريقة العملية الوحيدة لانقاذ اسرائيل من نتنياهو هي وقوف أمامه، بشكل علني وموحد، وزير الدفاع ورئيس الاركان ونائبه ورئيس الشباك ورئيس الموساد وقائد سلاح الجو ورئيس “أمان”، وأن يطلبوا منه الاعلان عن عدم الاهلية وتقديم الاستقالة. هناك من يقولون بأن الامر يتعلق بالدعوة الى انقلاب عسكري ضد رئيس حكومة منتخب، خلافا لنظام الديمقراطية. هذه ديماغوجيا رخيصة لا أساس لها. فلا أحد يخطر بباله، مثلما في الانظمة الظلامية، أن يقوم جنود الجيش باعتقال رئيس الحكومة وتولي الحكم في الدولة بالقوة. المطلوب هو أنه عندما سيفشل ننتنياهو “مرة اخرى” الصفقة، التي تجري عليها الآن المفاوضات من اجل اطلاق سراح المخطوفين والاعلان عن وقف النار، عندها سيعقد المستوى الامني الاعلى مؤتمر صحفي في زمن ذروة المشاهدة، وسيعرض على الجمهور بشكل مفصل وملموس، مع الحرص على الحفاظ على اسرار الدولة بالطبع، كيف تسبب ننتنياهو وما زال يتسبب بشكل ملموس باستمرار الحرب بدون أي جدوى امنية؛ كيف أنه افشل ويفشل عقد صفقة تبادل المخطوفين؛ ولماذا استمراره بامساك دفة الحكم في الدولة سيؤدي بشكل فوري الى دمارها الشامل.
عندما سيعرض رؤساء جهاز الامن على الجمهور رؤيتهم الامنية المهنية، ربما حتى قبل البدء في اجراءات عدم الاهلية، فان هذا الجمهور الذي يجلس الآن في البيوت في حالة شلل وصدمة ويستمر في الاعتقاد بأن ما يشاهده هو مجرد كابوس سيتلاشى على الفور من تلقاء نفسه، سيخرج الى الشوارع وسيبقى هناك الى أن يستقيل الشخص الاكثر خطرا على مستقبل الدولة ومواطنيها. وعندها ربما سينضم رئيس الدولة اسحق هرتسوغ الى الاحتجاج من اجل أن يقف في الجانب الصحيح للتاريخ.