هآرتس: ائتلاف دفاعي عربي ليس ضمانة لشراكة في هجوم ضد ايران
هآرتس 15/4/2024، تسفي برئيل: ائتلاف دفاعي عربي ليس ضمانة لشراكة في هجوم ضد ايران
الكثير من المواطنين في الاردن خرجوا أول أمس الى الشوارع في عمان من اجل رؤية المشهد الذي لم يرونه خلال سنوات الصراع الاسرائيلي – العربي. الطائرات الاردنية تعترض المسيرات الايرانية في الطريق لمهاجمة اسرائيل. وحسب التقديرات في الاردن فان سلاح الجو الاردني نجح في اعتراض تقريبا 20 في المئة من المسيرات التي حلقت في مجاله الجوي، بالاجمال بضع عشرات من المسيرات الايرانية التي شظاياها انتشرت في ارجاء الدولة. هذه المفارقة للاردن تثير التفكير. فقط في ذاك الصباح، مثلما تعودوا أن يفعلوا منذ اسابيع، تجمع مئات المواطنين للتظاهر قرب السفارة الاسرائيلية في عمان للاحتجاج على الحرب في القطاع وطلبوا من الحكومة قطع العلاقات مع اسرائيل.
وزير الخارجية الاردني، ايمن الصفدي، الذي هو من المنتقدين الشديدين جدا لسياسة اسرائيل، دعا مؤخرا الى تقديم اسرائيل للمحاكمة على جرائم حربها في غزة. في تشرين الثاني في “منتدى البحر المتوسط” في برشلونة، قال الصفدي إنه ازاء سلوك اسرائيل فان “اتفاق السلام بينها وبين الاردن موضوع على الرف ويعلوه الغبار”. الاردن أعاد سفيره من تل ابيب واعلن بأنه لن يوقع مع اسرائيل على اتفاقية الكهرباء مقابل المياه، التي كانت ستوقع حتى قبل الحرب، وهذه خطوة استدعت رد بارد ومثير للغضب من قبل رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت، الذي عمل في حينه على الدفع قدما بهذه الاتفاقية. “لا يريدون، لا يجب اذا”، اعلن بينيت. “أنا يمكنني القول وبوضوح إنه يوجد لاسرائيل ما يكفي من مصادر الطاقة للكهرباء، أما الاردن فلا يوجد لديه ما يكفي من المياه لسكانه… اذا كان زعماء الاردن يريدون أن يكون مواطنوهم عطشى فهذا من حقهم”.
على مستوى القيادة لا يوجد تقريبا أي حوار بين رئيس الحكومة نتنياهو والملك عبد الله. اساس العلاقة جرى عبر الاجهزة الامنية في الدولتين. ولا يقل اهمية عن ذلك هو أن الاردن غير مشارك في النقاشات حول “اليوم التالي” في القطاع. هذا رغم أنه يمكن أن يكون لأي قرار سيتم اتخاذه تداعيات على مكانته وعلاقاته مع الحكومة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية. وكـ “هدية ترضية” فان اسرائيل سمحت للاردن بانزال من الجو مساعدات انسانية للقطاع، والآن في ساعة اختبار حاسمة وقفت المملكة الى جانب التحالف الاقليمي المؤيد لامريكا والذي سعى الرئيس بايدن الى اقامته.
الاردن قام بدوره بشكل منقطع النظير كجزء من سور الدفاع الجوي حول اسرائيل، رغم طبقة الجليد التي تغلف علاقته مع اسرائيل إلا أن تهديد ايران يقض مضاجع المسؤولين في عمان مثلما هي الحال في القدس. فقط مؤخرا اعلن القائد العسكري في مليشيا حزب الله في العراق، اكبر المليشيات الموالية لايران والتي تعمل في العراق، عن الاستعداد لتدريب وتسليح 12 ألف أردني يكونون مستعدين للانضمام لجبهة المقاومة ضد اسرائيل.
عندما تحظى الاهمية العليا لائتلاف دولي يضم دول عربية بدليل واضح جدا مثلما في وقت الهجوم على اسرائيل، فانه مطلوب اسهام جوهري من الاخيرة من اجل ترميم العلاقات مع المملكة الجارة. اسهام لا يمكن أن يكون مقتصر فقط على التعاون الاستخباري. أمن واستقرار الاردن مرتبطان بشكل عميق بالتطورات في غزة وفي الضفة الغربية، وبهذه لا يوجد لعمان عنوان في اسرائيل.
التطبيع مع ايران
الاردن ليس الدولة العربية الوحيدة التي تضطر الى المراوغة بين التزامها بالتحالف الاقليمي ومصالحها، من بين ذلك الحفاظ على الاستقرار الداخلي وهدوء جماهيري في الداخل، وبين هذه وبين علاقاتها مع اسرائيل. السعودية، التي ردها الرسمي على الهجوم الايراني كان مائعا بدرجة معينة، اكتفت بالتعبير عن القلق من تدهور الوضع الى حرب اقليمية. الرياض توجد لها علاقات وثيقة مع طهران منذ استئناف العلاقات معها في آذار 2023. وهي الخطوة التي بفضلها تحظى بالهدوء من هجمات الحوثيين الذين تجري معهم مفاوضات متقدمة لانهاء الحرب في اليمن. السعودية شريكة ايضا في مجموعة الدول التي تعمل على انقاذ لبنان من الازمة السياسية والاقتصادية التي يوجد فيها منذ خمس سنوات. في هذه القضية السعودية تجري اتصالات مستمرة مع ايران.
الدول العربية المؤيدة لامريكا سيتعين عليها الآن أن تفحص جيدا معنى مفهوم “الردع” في السياق الامريكي والاسرائيلي من اجل تشكيل علاقتها مع ايران. الرئيس الامريكي استخدم مرتين تعبير “اياكم” تجاه ايران، وفي المرتين لم يوقف الهجوم. تحريك حاملات الطائرات الى البحر المتوسط والمنظومة العسكرية الكبيرة التي اقامتها امريكا وبريطانيا ودول اخرى في البحر الاحمر والحضور العسكري الكبير في المنطقة، والرسائل التهديدية التي ارسلتها واشنطن الى طهران من خلال دول وساطة، كل ذلك نجح كما يبدو في منع هجوم اوسع من قبل ايران. ولكن لم يكن فيها ما من شأنه أن يوقف هجمات الحوثيين أو المليشيات الشيعية في العراق.
لم تنس السعودية واتحاد الامارات كيف أنهما بقيتا لوحدهما أمام هجمات الحوثيين والمليشيات الشيعية على اهداف داخل حدودهما في 2019 و2021، ومنقوشة بشكل خاص في ذاكرتهما اقوال الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، الذي عرض على الرياض المساعدة ولكن فقط مقابل الدفع. عندما تسعى السعودية الى اتفاق دفاع مشترك مع الولايات المتحدة فانه يتعين عليها في المقابل تطبيع العلاقات مع اسرائيل. ورغم أنها عبرت عن الرغبة في القيام بدورها في الصفقة، إلا أن المملكة تجد أن هذا الاتفاق اصبح رهينة لسياسة اسرائيل التي تعرض المنطقة للخطر. الآن، حيث الرئيس بايدن يقف الى جانب ما يمكن أن يفسر كسور دفاع ضد الهجوم على ايران فان الرياض وأبو ظبي يمكن أن تعطي اهمية اكبر للعلاقات مع ايران كمسار دفاع مفضل بدلا من الانضمام لتحالف مقاتل. خاصة عندما يكون أحد الشركاء الرئيسيين فيه هو اسرائيل.