هآرتس / إما التقدم بالادلة وإما الافراج

هآرتس – بقلم أسرة التحرير – 19/6/201
علم أسود يرفرف فوق الاعتقال الاداري لعضو البرلمان الفلسطيني، خالدة جرار، الذي مدد هذا الاسبوع بأربعة اشهر اخرى، اضافة الى الاشهر الستة التي قضتها حتى الان في المعتقل بلا محاكمة. فالشبهات المنسوبة لجرار في المداولات على اعتقالها في السنة الماضية تضمنت، ضمن امور اخرى، الانتماء الى منظمة ارهابية (الجبهة الشعبية) والتحريض. وتستند هذه الشبهات الى شهادة غامضة، بموجبها شجعت على اختطاف الجنود وشاركت في لقاءات للجبهة الشعبية. أما الادلة، اذا كانت موجودة، على شبهات جرار فلا يمكنها أن تراها وبالتالي ان تستأنف عليها ايضا. في اللغة غير المغسولة، خالدة جرار هي سجينة سياسية.
ان القاء جرار الى السجن، بسبب نشاط سياسي في الجبهة الشعبية، هو شهادة فقر للديمقراطية الاسرائيلية. فالاعتقال الاداري هو اجراء سري، يكون فيه القاضي وحده مخولا لان يطلع على مادة الادلة. اما المتهم والجمهور فمطالبون بان يثقوا بشكل اعمى باستقامة القاضي، بمصداقية الادلة وبالنوايا النزيهة للاجراء القضائي. اما مبدأ علنية القضاء وحق الاستئناف على قرار المحكمة فهما لاغيان في هذا الاجراء. دور القاضي يتلخص في التوقيع على الامر العسكري الذي يمنح مظهرا سطحيا من اجراء قضائي. وأوامر الاعتقال الاداري وان كانت محدودة بنصف سنة، الا انها يمكنها أن تبدد المرة تلو الاخرى دون قيد. يكفي أن يقرر جهاز الامن “الشاباك” مثلما في حالة جرار بان الخطر الذي يحدق من المعتقل لا يزال حقيقيا كي يتلقى المعتقل تمديدا تلقائيا.
ليس صدفة أن القانون الدولي يطالب الا يستخدم الاعتقال الاداري الا في حالات قليلة ومتطرفة، يحدق فيها خطر حقيقي من المعتقل. وفي غياب الادلة المكشوفة للجمهور، لا يتبقى سوى الامل في أن يقدر جهاز الامن العام بشكل مهني هذا التهديد المحدق من المعتقل اذا ما افرج عنه. ولكن لا يمكن ان نعرف اذا كان لهذا الامل أي اساس.
لقد خلق الاستخدام واسع النطاق وطويل السنين الذي تقول به المخابرات، الجيش والمحاكم العسكرية للاعتقال الاداري، حالة من اللامبالاة الجماهيرية تجاه هذا الاجراء المرفوض وغير الانساني وجعله أمرا مسلما به. وهنا بالضبط مطلوب تدخل اجهزة القضاء الاسرائيلية. على هذه ان تأخذ على عاتقها الكفاح من أجل الالغاء، او على الاقل التقييد، لاستخدام الاعتقال الاداري.
ان جرار هي ممثلة منتخبة لشعبها، وحقيقة أنها عضو برلمان يفترض أن تمنحها الحصانة من التهم السياسية. غير أنه في حالة الفلسطينيين تستخف اسرائيل بالحصانة الدبلوماسية وتتعامل مع اعضاء البرلمان مثلما تتعامل مع كل فلسطيني: أي ترى فيهم قبل كل شيء ارهابيين. اذا كانت توجد أدلة متماسكة ضد جرار فيجب عرضها، والا – فيجب الافراج عنها على الفور.