هآرتس: إصابة المُسيرة لقاعدة غولاني كشفت ضعفا حرجا في منظومة الدفاع الجوي
هآرتس 15/10/2024، عاموس هرئيل: إصابة المُسيرة لقاعدة غولاني كشفت ضعفا حرجا في منظومة الدفاع الجوي
اصابة المسيرة أول أمس لقاعدة التدريب التابعة للواء غولاني في ريغفيم هي الهجوم الاكثر صعوبة في نوعه لحزب الله منذ بداية الحرب قبل اكثر من سنة. الحادثة التي قتل فيها اربعة جنود من غولاني وأصيب العشرات منهم كشفت الصعوبة في منظومة الكشف والدفاع من المسيرات. هذا مقارنة مع النجاحات الكثيرة التي تسجلها منظومات الدفاع الجوي في التعامل مع الصواريخ البالستية والمقذوفات. حزب الله عرف في هذه المرة كيفية ضرب البطن الطرية للجيش الاسرائيلي – قاعدة مجندين جدد وتدريب في منطقة وادي عارة، واستغلال التوجيهات المخففة التي تمكن من تواجد الكثير من الجنود معا من اجل تحقيق ضربة شديدة.
العدد الكبير للاحداث والمصابين الى جانب اطالة مدى الحرب، حولت البشرى السيئة تقريبا الى روتين بالنسبة للجمهور في اسرائيل. ولكن يبدو أن الضربة الشديدة في هذه المرة لمجندين جدد في قاعة الطعام في قاعدة بعيدة عن الجبهة، استدعت ردود قوية وغاضبة اكثر من العادة. ربما أن هذه الردود متعلقة بأن المجندين الجدد حتى في وحدات قتالية ما زالوا لا يعتبرون في نظر المواطنين اشخاص يمكن اصابتهم في الحرب. يبدو أنه ساهم في ذلك حقيقة أن الامر يتعلق بلواء غولاني، الرمز الاسرائيلي، والذي هو ايضا الوحدة العسكرية التي تكبدت العدد الاكبر من الخسائر في مذبحة 7 تشرين الاول الماضي.
هذه ليست المرة الاولى التي يوجه فيها حزب الله هجوم مركز الى هذه المنطقة. ففي آذار 2023 ارسل حزب الله مخرب اجتاز الحدود سيرا على الاقدام من لبنان وسافر على دراجة كهربائية الى مفترق مجدو. هذا الشخص قام بزرع وتشغيل عبوة ناسفة كبيرة أدت الى اصابة سائق سيارة، وهو مواطن عربي – اسرائيلي. وقد قتل عندما حاول اجتياز الحدود عائدا الى الاراضي اللبنانية. الهجوم فسر في حينه كدليل على تغيير في سياسة حزب الله وأن حزب الله مستعد لأخذ مخاطرة اكبر. الآن نحن في ذروة حرب طويلة فيها كل الوسائل مباحة بالنسبة لحزب الله.
المسيرة تحلق بمساعدة نظام ملاحة بواسطة الاقمار الصناعية (جي.بي.اس)، الذي يسمح باصابة الهدف بشكل دقيق، ولكن ليس التحكم من بعيد اثناء الطيران. مشغلو المسيرة وجههوها الى قاعة الطعام واصابوها. اختراق الرأس المتفجر، 3 – 5 كغم، لسقف غرفة الطعام أدى الى اضرار كبيرة في المبنى الذي تواجد فيه عشرات الجنود. من ناحية حزب الله هناك ايضا أهمية لحقيقة أن هذه ضربة مركزة لهدف عسكري. ايضا المليشيات الشيعية في العراق، لا سيما الحوثيين في اليمن، ينجحون في الفترة الاخيرة في ارسال مسيرات دقيقة نسبيا. اصابة مسيرة متفجرة لا تشبه ابعاد الدمار التي يمكن أن تحدثه قنبلة يتم القاءها من طائرة اف 16 – حتى الآن توجد مع ذلك محاولة لايجاد تناظر وهمي مع الحملة الجوية الاسرائيلية والبث بأنه حتى الجبهة الداخلية في اسرائيل غير آمنة.
حتى الآن تم اطلاق اكثر 23 ألف صاروخ ومسيرة نحو اسرائيل منذ بداية الحرب، منها اكثر من 1200 مسيرة. 221 مسيرة سقطت في اسرائيل والمتبقية تم اعتراضها – نجاح اكثر بقليل من 80 في المئة. بيانات اعتراض الصواريخ والقذائف اكبر بدرجة اعلى. الصعوبات معروفة: المسيرات صغيرة نسبيا وهي تطير بارتفاع منخفض جدا وهناك صعوبة في تشخيصها. التنظيمات المختلفة تفضل اطلاقها نحو اسرائيل في المسار الذي يوجد فوق البحر المتوسط، كما يبدو من خلال الافتراض أن صعوبة التشخيص تصبح اكبر. ورغم أن اسرائيل تتعامل مع هذا الامر منذ عقد إلا أنه لم يتم تطوير حتى الآن منظومة ناجعة لاكتشاف المسيرات وتشخيصها واسقاطها، كما توفر ذلك القبة الحديدية امام صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. ايضا منظومة الليزر التي يتم تطويرها والمدافع المضادة للطائرات القديمة التي يمكن اعادتها الى الخدمة من شأنها تحسين الرد الدفاعي بشكل ملحوظ، لكن هذا سيستغرق بعض الوقت. الآن اصبح من الواضح أنه حتى لو تم تشخيص التهديد فان منظومة الدفاع لم تكن مركزة بما فيه الكفاية للتعامل معه في مرحلة مبكرة حتى بعد أن تبين في الحرب في اوكرانيا أنها وسيلة قتال رئيسية.
من التحقيق الاولي الذي اجري في سلاح الجو يتبين أنه مساء أول أمس تم اطلاق ثلاث مسيرات. واحدة تم اسقاطها بواسطة سفينة لسلاح البحرية والثانية تم اسقاطها بواسطة القبة الحديدية والاتصال بالثالثة فقدت في شمال عكا. وقد تم القيام بالتمشيط خلفها في كل منطقة الشمال، حتى أنه كان هناك مواطن ابلغ الشرطة بأنه لاحظ جسم طائر مشبوه في سماء يوكنعام، لكن المسيرة لم يتم تشخيصها الى حين انفجارها في قاعدة غولاني. لنفس السبب ايضا لم يتم تشغيل صافرات الانذار. يبدو أن الافتراض هو أنه في ظل غياب تشخيص فان المسيرة تفجرت اثناء الطيران على بعد منخفض. في اطار دروس هذه الحادثة الجيش الاسرائيلي سيتخذ هامش أمان اوسع وسيشغل صافرات الانذار في مناطق اوسع. حتى في حالة فقدان الاتصال مع مسيرة لفترة طويلة ولا توجد أي دلائل على مكانها.
مسألة اخرى تتعلق باجراءات الجيش في قواعد الجبهة الداخلية: في قواعد كثيرة لا يوجد ما يكفي من الدفاع امام الصواريخ والمسيرات، وايضا لم يتم وضع وسائل حماية بالشكل المطلوب. هناك حالات يختار فيها الجنود في خيمة أو غرفة غير محمية في ظل غياب حل آخر. في هذه الاثناء لا توجد أي قيود في هذه القواعد باستثناء وجود انذار محدد كما حدث قبل اطلاق الصواريخ الايرانية نحو قواعد سلاح الجو ومقر المخابرات في غليلوت. في المقابل، هناك اجهزة امنية اخرى قيدت التواجد في غرف الطعام أو في قاعات الاجتماعات لتقليص الاخطار. الصعوبة في الجيش الاسرائيلي هي أنه بدلا من غرف الطعام فان الخيار هو ارسال الجنود الى الخيام – هناك يكونون حتى اقل حماية. مع ذلك، في فترة الكورونا مثلا اهتم الجيش بتوزيع الجنود الى مجموعات صغيرة في ذروة الوباء من اجل تقليص احتمالية الاصابة. هذه مسألة وعي للاخطار، التي هي غير عالية بما فيه الكفاية.
مثلما في كل حدث تتعرض فيه اسرائيل للضرب منذ 7 اكتوبر فان اليمين المتطرف يهرب الى نظرية المؤامرة والبحث عن مذنبين من اجل تطهير الحكومة وسياستها من المسؤولية عن الوضع والمصابين. بعد ساعة على ضرب المسيرة نشرت في الشبكات الاجتماعية ادعاءات لاشخاص من اليمين وكأن عمال عرب اسرائيليين وسكان القرى العربية القريبة نقلوا لحزب الله عن مكان القاعدة، ولا سيما غرفة الطعام.
عمليا، مكان القاعدة مكشوف، وحتى أن الجيش الاسرائيلي نشر في الشبكة صور مفصلة للمنشآت فيها، بما في ذلك غرفة الطعام. لم تكن لحزب الله أي صعوبة في جمع المعلومات الاستخبارية العلنية التي خففت عليه القيام بهجوم دقيق والوصول الى النتائج القاتلة التي بحث عنها. لذلك، ليس فقط أنه لا توجد حاجة الى عرب اسرائيليين، كما تبين أمس، عندما تم احضار سكان من رمات غان لتمديد اعتقالهم بتهمة العلاقة مع المخابرات الايرانية. العدو يبحث عن الاستعانة بالاساس بمواطنين يهود.