هآرتس: إسرائيل هي منتجة كبيرة للعنف، مع التباكي والتظاهر بأنها الضحية
هآرتس 10/11/2024، ايريس ليعال: إسرائيل هي منتجة كبيرة للعنف، مع التباكي والتظاهر بأنها الضحية
رد شخص يميني لديه آراء سيئة، لكنها تمثيلية حول العنف ضد المشجعين الإسرائيليين في أمستردام، يعبر عن الارتباك العميق. هاكم ما كتبه كاتب السيناريو روعي عيدان: “لن يحبوننا أبدا، لكن هم يجب أن يخافوا منا”، بعد “تسوية غزة بالأرض”، وبعد “لا يوجد هناك اشخاص غير مشاركين”، وبعد “يجب احتلال جنوب لبنان”، فان الفهم الجديد هو أن الاغيار في أوروبا يجب أن يخافوا منا في عواصمهم.
من القطب المقابل لليهودية التي تستخدم العضلات، المراسل ينير كوزين الذي كتب ببساطة “غدا، 9 تشرين الثاني، 86 سنة على “ليلة البلور”. هكذا تمت تسمية الليلة التي حدثت فيها في ارجاء الرايخ الثالث اعمال الفتك باليهود العاجزين. يبدو أن الإسرائيليين لم يتوقفوا في أي يوم عن الحركة بين الشعور غير المحدود بالقوة والخوف على وجودهم، بين التصور الذاتي للابطال الاقوياء الذين لا يخافون وبين الجبان المتشرد في المنفى الذي يقومون بسحب سوالفه، الضحية الأبدية للعالم.
لا يمكن التسليم بالعنف على خلفية اللاسامية في أي حالة. كما هو معروف فان الهجوم العنيف على مشجعي مكابي تل ابيب كان مخطط له مسبقا وحتى كان معروف للسلطات، والصور التي تأتي من هناك مثيرة للغضب. أيضا من شبه المؤكد أن معظم المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين يكرهون الإسرائيليين، وهذا العنف الذي حدث فقط انتظر الشرارة لاشعاله. مع ذلك، المشجعون الإسرائيليين قاموا بانزال اعلام فلسطين، و”اسمحوا للجيش الإسرائيلي بالانتصار” و”الموت للعرب” وكأنهم كانوا في مسيرة الاعلام. عندما ينزعج الناس الآن بسبب المذبحة في أوروبا فانه يجب عدم نسيان المذابح التي يرتكبها الفلسطينيون في فلسطين كل أسبوع تقريبا، وجنود جيش الدفاع يراقبون وايديهم في جيوبهم، أو عنف الشرطة ضد المصلين في الحرم مثلما حدث بعد فترة قصيرة من احداث أمستردام.
توجد لاسامية في أوروبا، ويوجد فيها أيضا اسلام متطرف، وهذا غير جديد. ولكن منذ سنة هم يحذرون من النظرة المتغيرة تجاه إسرائيل في العالم. ما الذي يحدث إزاء الصور عن الأفعال التي تفعلها في غزة، والتي لا يتم نشرها في وسائل الاعلام المحلية (مثلما لم يظهروا سلوك المشجعين في أمستردام، وحتى أنهم قاموا بمحو تقارير خوفا من رد الرعاع في الشبكات الاجتماعية)؛ الأرقام المخيفة لعشرات آلاف القتلى، من الأطفال والأولاد والعائلات التي تمت ابادتها والطرد الجماعي، نكبة ثانية، تجويع ومنع ادخال المساعدات الإنسانية وما شابه، وجرائم حرب أيضا.
الصور والشهادات من الهجوم على المشجعين في أمستردام تفتح جروح الماضي. استخدام كلمات مثل مذبحة وكارثة خرج عن السيطرة منذ 7 أكتوبر، والآن هي تستخدم لوصف الحدث الأخير.
الفلسطينيون الذين يضطرون الى ترك بيوتهم في شمال القطاع بسبب قصفها، هم بالتأكيد المادة للكوابيس التاريخية. معظم سكان القطاع هم من المهجرين في العام 1948، وكما يقول الجيش الآن بشكل علني: بعضهم لن يتمكنوا من العودة الى بيوتهم.
الآن يمكن القول إنه الى الوعد بأن “هذا لن يتكرر مرة أخرى” إسرائيل اضافت كلمة “لنا”. ولكن الدولة التي كان يجب أن تكون الملاذ للشعب اليهودي هي الآن المكان الأقل أمنا له. فهي لا يمكنها التركيز على سلامة الشعب اليهودي ومواطنيه الذين يواجهون المشاكل بسبب يهوديتهم أو جنسيتهم. لقد فشلت في فهم الدرس التاريخي.
من اجل فهم هذه العلاقة، وليس تبريرها، فان ما حدث في أمستردام هو عنف مثير للاشمئزاز، لكن الآن إسرائيل هي منتجة كبيرة للعنف من خلال التباكي والتظاهر دائما بأنها الضحية.
يخطيء من يعتقد أن الاعتداء على الرعاة والمزارعين الفلسطينيين، والدخول الى بيوتهم وقضاء الحاجة على الأرضية في هذه البيوت وقتل الآباء أمام عيون الأولاد، لن تؤثر على مصيره. أيضا الدولة التي لا تقوم بتحرير مخطوفيها، والدولة التي رجال الشرطة فيها يقومون بضرب عائلات المخطوفين، هي دولة فقدت جزء من حقها في التذمر.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook