ترجمات عبرية

هآرتس: إسرائيل تهدد ايران لكنها تندفع الى مواجهة مع ترامب

هآرتس 29/5/2025، تسفي برئيلإسرائيل تهدد ايران لكنها تندفع الى مواجهة مع ترامب

المحادثة المتوترة التي اجراها دونالد ترامب مع بنيامين نتنياهو، حسب ما نشر في “نيويورك تايمز” أمس، كانت فقط مجرد مرحلة اخرى في المواجهة النووية التي تطورت، ليس بين ايران والولايات المتحدة، بل بالذات بين رئيس حكومة اسرائيل والرئيس الامريكي. التسريبات والاحاطات التي وصلت الى وسائل الاعلام الامريكية تقول بان اسرائيل كانت مستعدة لمهاجمة ايران في الوقت الذي كانت فيه البعثات الامريكية والايرانية تجري محادثات حول اتفاق نووي جديد. حسب “نيويورك تايمز” فانهم في الادارة الامريكية يقدرون ان اسرائيل يمكنها المهاجمة خلال سبع ساعات منذ اللحظة التي يعطى فيها الامر. في القدس سارعوا الى نفي ان هناك توتر بين الدولتين، لكن يمكن التقدير بانه يوجد للتسريب دور مساعد بالتحديد في دفع المفاوضات قدما؛ ايران المتشككة لا يمكنها استبعاد امكانية ان نشر نوايا اسرائيل ليس إلا تهديد امريكي – اسرائيلي منسق، وانه في موازاة التصريحات المتفائلة لترامب حول تقدم مهم في المحادثات فانه يواصل التلويح بالسوط الاسرائيلي.

 في كل الحالات التهديد الاسرائيلي يجب ان يوفر اجابة على سؤالين: هل اسرائيل قادرة على شل المشروع النووي الايراني بنفسها بدون مساعدة امريكية، وهل هي مستعدة لتلقي ضربة ايرانية مضادة لن تتاخر في القدوم. على هذه الاسئلة لا توجد اجابة مؤكدة. المواقف في اسرائيل مثلما في امريكا، منقسمة. الاستخبارات وجهاز الامن في اسرائيل التي تحدثت مؤخرا تعتقد انه حتى لو تسببت اسرائيل بضرر كبير للمنشآت النووية في ايران فهي ستجد صعوبة في تحييد قاعدة المعلومات الكبيرة التي تراكمت خلال عشرات السنين من وجود المشروع النووي، وهذا يعني ان ايران يمكنها اعادة اصلاحها خلال فترة غير طويلة. التقدير السائد هو ان هجوم اسرائيلي ربما يمكنه اعاقة المرحلة الانتقالية لـ “الاختراقة” النووية لايران لمدة سنتين أو ثلاث سنوات. ولكن بعد انتهاء عملية الترميم فهي ستعود لمواجهة تهديد مشابه.

 فيما يتعلق برد ايران فان اسرائيل يمكن ان تقف في هذه المرة امام منظومة اقليمية تختلف كليا عن التي وقفت امامها في نيسان 2024، عندما اطلقت ايران مئات الصواريخ والمسيرات نحوها. ضد ذلك الهجوم الذي تسبب بضرر صغير نسبيا اعتمدت اسرائيل على حلقة دفاع اقليمية، التي اسستها لصالحها الولايات المتحدة. وقد شملت معلومات استخبارية تحذيرية مسبقة، التي وصلت من السعودية (بعد ضغط امريكي كبير) واتحاد الامارات، ومشاركة فاعلة لسلاح الجو ومنظومة الدفاع الجوي للاردن ودول اخرى، والاذن الذي اعطي لاسرائيل من اجل العمل في المجال الجوي في هذه الدول، اضافة الى قدرات اعتراض الجيش الامريكي.

 منذ ذلك الحين تغير بشكل دراماتيكي موقف اسرائيل السياسي في المنطقة. الاردن اعلن بشكل حازم بأنه لن يسمح لأي دولة باستخدامها سمائه من اجل شن حرب، السعودية عززت علاقاتها مع ايران التي استؤنفت في آذار 2023، في الشهر الماضي زار ايران وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد محمد بن سلمان، ونقل الى المرشد الاعلى علي خامنئي رسالة من الملك سلمان. تسريبات مقصودة تحدثت عن نية ترسيخ وتطوير تعاون اقتصادي وسياسي بين الدولتين. السعودية ايضا غيرت موقفها من الاتفاق النووي مع ايران، والآن هي تؤكد بشكل كامل المفاوضات التي تجريها الادارة الامريكية، وتعمل من وراء الكواليس للدفع بها قدما.

 يبدو الان ان فكرة التحالف العربي ضد ايران برعاية امريكية ومشاركة اسرائيل تحولت الى معرض متحفي. السعودية تقود الان مجموعة عمل لوزراء خارجية دول الجامعة العربية التي تعمل على الدفع قدما بانهاء الحرب في غزة وصياغة حل سياسي للنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، في حين ان دول المنطقة الاخرى تعتبر اسرائيل تهديد اكبر من ايران على استقرار وامن المنطقة.

 بالنسبة لدول الخليج فان مهاجمة اسرائيل لايران هي تهديد ملموس يمكن ان يضر بها بشكل مباشر، بواسطة وكلاء ايران، بما في ذلك الحوثيين والمليشيات الشيعية التي تعمل في العراق، أو عن طريق مس ايران بالملاحة في الخليج الفارسي، الذي ستكون تداعيانه اكثر شدة باضعاف من شل الملاحة في البحر الاحمر. في سيناريو متطرف فان دول الخليج تتوقع امكانية لاندلاع حرب اقليمية شاملة، وهو السيناريو الذي اشركت ترامب به.  ومنع تحقق هذا السيناريو يتعلق الان بموافقة امريكا وايران على مستوى تخصيب اليورانيوم في ايران. الموقف الرسمي والثابت والواضح لطهران يقول بانه يوجد لايران حق في تخصيب اليورانيوم لاهداف مدنية، لكونها موقعة على الميثاق الدولي لمنع انتشار السلاح النووي، مثلما يعطى هذا الحق لكل دولة وقعت على الميثاق. مع ذلك، ايران اوضحت بانها ستعود الى تخصيب اليورانيوم بمستوى 3.67 في المئة، كما تقرر في الاتفاق النووي الاصلي، وحتى السماح للمراقبين الامريكيين بالمشاركة في طواقم التفتيش للوكالة الدولية للطاقة النووية. ولكنها لن توافق على نقل كمية اليورانيوم المخصب التي انتجتها بمستويات مختلفة، والتي بعضها وصل الى 60 في المئة، الى دولة ثالثة.

 هذا الموقف يتصادم مع مطالبة امريكا بوقف التخصيب، وتفكيك المشروع النووي وارسال اليورانيوم المخصب الى خارج ايران. مؤخرا اضيف طلب مناقشة الصواريخ البالستية لايران، الذي هي غير مستعدة لمناقشته على الاطلاق. يبدو أنه تقريبا من غير المحتمل التوصل الى صيغة تسوي بين هذه المواقف المتصلبة. حتى الآن، بعد خمس جولات من المحادثات، الطرفان يواصلان اجراء المفاوضات ونشر “اجواء متفائلة” بأنه على الطاولة توجد عدة خيارات يمكنها احداث انعطافة.

 احد هذه الخيارات هو تاسيس كونسيرتسيوم اقليمي، تكون في عضويته السعودية واتحاد الامارات وايران، التي ستقيم معا منشأة لتخصيب اليورانيوم في ايران برقابة دولية. حسب تقرير موقع “امواج”، الذي يركز على التقارير عن ايران والعراق، فان وزير خارجية ايران عباس عراقجي تحدث عن الفكرة مع نظرائه في ابو ظبي والسعودية، ولكن حتى الآن من غير الواضح ما هي خطة تشغيل هذه المنشأة، بالاساس اذا وافقت ايران على التنازل عن منشآت التخصيب لها، اذا تمت اقامة هذه المنشأة المشتركة.

 الخيار الثاني هو موافقة ايران على تجميد تخصيب اليورانيوم لفترة محددة. حتى الآن رفضت ايران هذا العرض، لكن هذا العرض يمكن طرحه مرة اخرى اذا نجح الطرفان في صياغة “اتفاق مؤقت” أو “اعلان مباديء” مشترك، يمنح المفاوضات وقت آخر والطرفان يوقفان بشكل مؤقت سباق التهديدات. يمكن التقدير بانه مقابل أي اتفاق مؤقت كهذا فان ايران ستطلب ثمن يشمل ليس فقط رفع جزئي للعقوبات، بل ايضا ضمانات امريكية بأن لا تهاجم اسرائيل منشآتها النووية.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى