ترجمات عبرية

هآرتس: إسرائيل تحاول نقل الذنب الى الأمم المتحدة، لكن هي التي تسببت بالجوع في غزة

هآرتس – نير حسون – 27/7/2025 إسرائيل تحاول نقل الذنب الى الأمم المتحدة، لكن هي التي تسببت بالجوع في غزة

الحكومة في اسرائيل متهمة بجريمة تجويع غزة. في سلسلة خطوات غير مسؤولة، وخلافا لرأي جميع الخبراء، قامت اسرائيل بتفكيك جهاز الامم المتحدة والمنظمات الانسانية التي نجحت في منع الجوع القاتل في القطاع خلال معظم فترة الحرب، وأدت بيدها الى الجوع الذي تسبب حتى الآن بوفاة 127 شخص، بينهم 83 طفل. في الاسبوع الماضي اضافت اسرائيل خطيئة الى جريمة التجويع وهي البدء بحملة اتهامات للامم المتحدة في محاولة لازاحة عن نفسها المسؤولية عن هذه الكارثة.

منذ فترة طويلة المتحدثون في اسرائيل يستخدمون الامم المتحدة كدمية لالقاء التهمة عليها فيما يتعلق بما يحدث في غزة. قبل نحو اسبوع ازداد الهجوم في احاطات الجيش الاسرائيلي وصندوق المساعدة لغزة، الذي يمكن اعتباره منظمة تابعة لاسرائيل. في يوم الخميس نشر الجيش صور من مسيرة لشاحنات المساعدات التي تنتظر في معبر كرم أبو سالم  في الطرف الفلسطيني كدليل على فشل الامم المتحدة في توصيل البضائع الى السكان. وقد كرر الكثير من المراسلين هذه الرسالة. 

في يوم الاثنين الماضي ومرة اخرى في يوم السبت التقط المتحدث بلسان صندوق المساعدة لغزة صورة في نفس الموقع وهو يشير الى شاحنة تابعة للامم المتحدة وقال: من خلفي توجد شاحنات تابعة للامم المتحدة محملة بالمواد الغذائية والمساعدات التي توشك على التلف. المشكلة ليست الوصول، بل هي القدرة على التنفيذ”. في نهاية الاسبوع نشرت المؤسسة تقريبا عشرة بيانات مختلفة تهاجم الامم المتحدة، فيما ظهر وكأنه نوبة غضب خطابية.

في يوم الجمعة انضم قسم الالتماسات في النيابة العامة للهجوم. في اطار رد الدولة على الالتماس الذي قدمته اربع منظمات لحقوق الانسان في اسرائيل وطالبت فيه فتح المعابر في اسرع وقت لمنع الجوع في غزة، كرر محامو الدولة الاتهامات ضد الامم المتحدة. هذا الرد قدم بعد عشرة تاجيلات لالتماسات قدمت للدولة ووافقت عليها. ورغم ذلك الحديث يدور عن وثيقة مهملة، الارقام فيها غير متسقة، ايضا في التحليل المتساهل اكثر للارقام يتبين انه حسب اقوال الدولة نفسها فانه لا توجد أي احتمالية بأنه لا يوجد جوع في غزة. من حساب بسيط للارقام التي قدمتها الدولة يتبين انه في الاشهر الاخيرة اضطر سكان غزة الى الاكتفاء بشاحنة واحدة لـ 34 ألف شخص كل اليوم بالمتوسط. 

هذه الاتهامات لا اساس لها من الصحة. فأولا، لا يوجد للامم المتحدة أي قوة في غزة، والجيش الاسرائيلي هو الذي لديه عدة فرق في القطاع وليس الامم المتحدة، وهو الذي يفرض ارادته على السكان وعلى المنظمات الانسانية وعلى الامم المتحدة التي تعتمد بالكامل على حسن نية الضباط. أي حركة انسانية، مثل تحريك الشاحنات من كرم أبو سالم الى المواصي، ادخال الطواقم الطبية الى القطاع، وتزويد الوقود للمستشفيات وغيرها، يتم تنسيقها مع الجيش. المصادقة تشمل ايضا المسار والجدول الزمني الدقيق الذي تسمح الحركة فيه، وسائقي الشاحنات يجب عليهم ايضا الامتثال لتعليمات تطبيق في هواتفهم. هم يجب عليهم التوقف في النقاط التي يتعين على القوافل التوقف فيها الى حين الحصول على الضوء الاخضر من الجيش. في الاسبوع الماضي قدمت الامم المتحدة 16 طلب حركة للجيش. طلب واحد منها تم استكماله كما خطط له من قبل الامم المتحدة. ثلاثة طلبات اخرى تم استكمالها ولكن مع تأخير، والطلبات الاخرى تم الغاءها أو استكملت بشكل جزئي.

القافلة التي اشار اليها، على سبيل المثال، المتحدث بلسان صندوق المساعدة لغزة في الفيلم من يوم الاثنين، كانت تتكون من شاحنات تحمل معدات طبية طارئة لمنظمة الصحة العالمية. القافلة حصلت على الاذن في مساء اليوم السابق. في الصباح وصلت الشاحنات وتم تحميل المعدات عليها. وحسب جهات في الامم المتحدة فان القافلة كانت مستعدة للتحرك في الساعة 9:39 صباحا، لكن حتى الساعة 18:00 قام الجيش الاسرائيلي بتعويق انطلاقها. في نهاية المطاف بعد بدء تحرك القافلة قام الجيش بتغيير مسار السفر. وقبل وصول القافلة الى المخزن الذي كان يجب انزال المساعدات فيه، اصدر الجيش أمر باخلاء المنطقة. لذلك، الشاحنات كان يجب عليها التوجه الى مخزن آخر. هذه القافلة التي عرضتها اسرائيل وصندوق المساعدة لغزة كمثال على عدم نجاعة الامم المتحدة هل الدليل على ان المشكلة الرئيسية هي الجيش الاسرائيلي.

خلال معظم فترة الحرب الامم المتحدة والمنظمات الاخرى نجحت في اطعام سكان غزة ومنع حدوث جوع قاتل حتى في الظروف القاسية جدا. اسلوبها الذي تعلمته من عشرات مناطق النزاع الاخرى، ارتكز الى مئات مراكز توزيع الغذاء وتسجيل منظم ومستويين من التوزيع، رزم غذاء يابسة للعائلات، ومطابخ ومخابز جماعية، في 2 آذار بدأت اسرائيل في عملية تصفية منظومات التزويد هذه من خلال منع ادخال المساعدات والغذاء الى قطاع غزة  لمدة 78 يوم. عندما فرغت مخازن المواد الغذائية قامت اسرائيل بفتح المعابر، لكن بشكل جزئي. وبدلا من هذه الالية وضعت الالية القاتلة وغير العاملة لصندوق المساعدة لغزة – اربعة مراكز توزيع توجد في مناطق النيران، توزع كميات قليلة من الغذاء لمن هو قوي بما فيه الكفاية من اجل الوصول والحصول عليها. 

هكذا وجد شرك موت، أدى الى قتل مئات الاشخاص الجائعين باطلاق النار. كل ذلك فعلته اسرائيل من اجل منع وصول الغذاء الى حماس. ولكن تحقيقات نشرت أمس كشفت ما يعتقده كثيرون من الذين ينشغلون بمسألة غزة، أنه لا يوجد دليل حقيقي على ان حماس وبحق سيطرت على كميات كبيرة من الغذاء، التي نقلتها الامم المتحدة. وحسب تحقيق “رويترز” فان وزارة الخارجية الامريكية فحصت 136 حالة ضياع للمواد الغذائية التي ارسلت الى القطاع بتمويل امريكي، ولم تجد أي دليل بان حماس استفادت من هذه المواد المسؤوقة. وحسب تحقيق “نيويورك تايمز” قالت جهات في الجيش الاسرائيلي بان منظمات المساعدة التابعة للامم المتحدة عملت بشكل ناجع، وأنه لا يوجد لدى الجيش الاسرائيلي أي دليل على ان حماس سرقت المساعدات الانسانية للامم المتحدة. 

من شاهد الصور التي ارسلها الجيش الاسرائيلي في هذا الاسبوع من معبر كرم ابو سالم يمكنه التوصل الى هذا الاستنتاج، من اجل السيطرة على سوق الطعام في القطاع فانه لا يمكن الاكتفاء بمخازن صغيرة في الانفاق التي توجد تحت الارض، هناك حاجة الى عنابر يمكن تخزين فيها كميات كبيرة من الغذاء. حتى الآن لم يتم عرض على الجمهور في اسرائيل أي مخزن كهذا تم احتلاله من قبل الجيش الاسرائيلي.

حماس بالطبع تستفيد من الغذاء الذي يصل الى القطاع، وهذا الامر صحيح في كل الحالات. المسلحون في حماس سيكونون آخر الجائعين، بعد فترة طويلة من موت الاطفال والنساء والشيوخ والمخطوفين بسبب الجوع. عمليا، يمكن الافتراض ان حماس تستفيد من غذاء الصندوق اكثر من غذاء الامم المتحدة، لانه في المنظومة التي اوجدتها اسرائيل والصندوق فان القوي هو الذي يأكل. هذه المنظومة تعطي الافضلية للشباب، الاقوياء والذين يحملون السلاح، والضحايا هم الباقون. 

مثلما حذر عدد كبير من الخبراء في الاشهر الاخيرة فان الجوع تجاوز في الاسبوع الماضي العتبة الخطيرة، والناس بدأوا يموتون بسبب سوء التغذية. من بين الـ 127 ميت بسبب الجوع منذ بداية الحرب فان 50 منهم تقريبا ماتوا في الاسبوع الاخير. وقد ظهرت صور لاطفال جائعين في غزة، حرفيا جلد وعظام، في كل الصحف المهمة في العالم. هذا النشر يبدو أنه حرك شيء في الجيش الاسرائيلي، وفي يوم الخميس حاول الجيش التخفيف على حركة الشاحنات، النتيجة كانت تقريبا فورية: 45 شاحنة تحمل الطحين وصلت الى خانيونس أدت الى انخفاض سعر الطحين في المدينة خلال بضع ساعات، من بضع مئات من السواقل للكيو الى حوالي 60 شيكل. أمس ايضا سارعوا في الجيش الى التوضيح بانهم سيعملون بالتعاون مع المنظمات الدولية للسماح باعادة فتح المطابخ والمخابز الجماعية.

لكن السيناريو المخيف هو ان كل ذلك يمكن ان يكون متأخر جدا بالنسبة للاطفال والشيوخ، كما اوضح طبيب في غزة في الاسبوع الماضي. فمنذ اللحظة التي يمر فيها الجسم بمرحلة معينة من الجوع فانه لا يمكن حل المشكلة بالطعام فقط، بل هناك حاجة الى علاج طبي مرافق وغذاء خاص وادوية وطواقم طبية مضاعفة من اجل انقاذ حياة هؤلاء الاشخاص. في غضون ذلك، في يوم الجمعة ابلغ عن موت تسعة اشخاص بسبب الجوع.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى