هآرتس: أوضحت إهانة بايدن لنتنياهو: هكذا يرى العالم الغربي إسرائيل الآن

هآرتس 30-3-2023، بقلم عاموس هرئيل: أوضحت إهانة بايدن لنتنياهو: هكذا يرى العالم الغربي إسرائيل الآن
إذا طلب دليل آخر على الحضيض الذي أوصلت إليه حكومة نتنياهو الدولة في أزمة الانقلاب النظامي، فقد جاء على شكل تصريح للرئيس الأمريكي جو بايدن، الثلاثاء الماضي. الرئيس الأمريكي قام بخطوة تذكر تدخلاً أخيراً لأقارب وأصدقاء لإنقاذ عضو تورط في مشكلة أو في إدمان. بلغته غير الدبلوماسية، قال بايدن للإسرائيليين الحقيقة في وجوههم. حسب قوله، هو قلق جداً من المسار الذي تسير فيه الدولة، ويأمل أن يترك رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هذا المسار. لن تكون “في القريب” أي دعوة لنتنياهو إلى البيت الأبيض.
هذه هي الإهانة الثانية خلال سلسلة طويلة من اللكمات التي يتلقاها رئيس الحكومة في الساحة الدولية منذ استكمال تشكيل الائتلاف قبل ثلاثة أشهر. أراد نتنياهو أن يتم استقباله في زيارات رسمية في دولتين مهمتين بالنسبة له، الولايات المتحدة والإمارات (والحفاظ على وهم التطبيع السريع وزيارة علنية أولى للسعودية). فعلياً، حدث العكس؛ ففي واشنطن، مثلما في أبو ظبي، يتجاهلون توقعات نتنياهو بزيارة للبيت الأبيض ويطلقون إشارات بأنه لا شيء سوياً في العلاقات. حاكم الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، أدار السكين هذا الأسبوع عندما سمح بنشر تقرير وصورة من لقاء شخصي أجراه في قصره في أبو ظبي مع رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت.
رغم أن واشنطن لم تتخذ بعد خطوات ملموسة ضد إسرائيل، فإن المباشرة وقوة النقد تذكر بأزمة الضمانات مع إدارة بوش في 1991، حين شكلت الأزمة المقدمة لهزيمة رئيس الحكومة في حينه إسحق شامير في الانتخابات التي أجريت بعد سنة. وبدأت الاستطلاعات أيضاً تذكر نتنياهو بأواخر ولاية شامير، الشخص الذي قام في فترته بخطواته الأولى في الساحة الحكومية كنائب لوزير الخارجية (بعد ذلك لقب نتنياهو بـ “ملاك التخريب”).
أمس، قال نتنياهو إنه كانت لإسرائيل والولايات المتحدة اختلافات في الرأي، لكن “لا شيء سيضعضع التحالف بين الدولة الديمقراطية الأكبر في العالم وإسرائيل، التي هي دولة ديمقراطية مستقلة وقوية في قلب الشرق الأوسط”.
إلى جانب الصدمة التي أثارتها أمس أقوال بايدن، التي يمكن مقارنتها فقط بعاصفة إقالة وزير الدفاع يوآف غالنت في بداية الأسبوع، ظهرت أمور أخرى؛ الأمر الأول أن هذه المعاملة يظهرها بايدن، الصديق الحقيقي لإسرائيل والذي تولى منصبه مع نية واضحة للحفاظ على علاقات وثيقة ومثمرة مع إسرائيل. الأمر الثاني أن سياسياً مجرباً وله خبرة مثل نتنياهو نجح في توريط نفسه في مشكلة صعبة كهذه، خلال شهرين أو بضعة أشهر فقط.
على خلفية الواقع الاستراتيجي الذي يصفه نتنياهو نفسه، والاستحواذ الذي أظهره طوال السنين للتهديد الإيراني، كنا نتوقع أن نتنياهو سيكرس جهوده لوقف المشروع النووي الإيراني، لكنه اندفع إلى الأمام مع الانقلاب النظامي، وتوقف في هذا الأسبوع عندما واجه حائطاً من المعارضة، ويخطط لاستئناف إجراءات التشريع إذا سنحت الفرصة. أمس، في الوقت الذي ما يزال صدى أقوال الرئيس الأمريكي يرتد غضاً، انشغل مقربو ومبعوثو الحكومة بالدفع قدماً بصورة حثيثة لموضوع هامشي ومثير للاشمئزاز بالنسبة له، وهو قانون الهدايا. الائتلاف سحب القانون صباح أمس، لكن الانشغال به يدل على سلم الأولويات الحقيقي لنتنياهو.
بايدن، كما يبدو، قرأ المقال الأخير لكاتب الأعمدة المحبب عليه في “نيويورك تايمز”، توماس فريدمان، الذي وصف فيه نتنياهو بأنه الزعيم غير العقلاني الأول لإسرائيل، وحذر من أن نشاطاته تعرض المصالح الأمريكية للخطر. وطلب من الرئيس إقامة قناة اتصال مع الجيش الإسرائيلي للتأكد من عدم خروج الأمور عن السيطرة. شخص ما أيضاً أبلغ الرئيس بأن نجل نتنياهو، يئير، ينشر نظريات مؤامرة مسممة تفيد بأن الإدارة الأمريكية تمول المظاهرات ضد والده.
رد نتنياهو بشكل مقتضب على أقوال بايدن، وقال إن إسرائيل دولة ذات سيادة وتتخذ قراراتها حسب رغبة الشعب. هو لا يريد أو لا يستطيع إسكات سلسلة من أعضاء الكنيست أو وزراء في الائتلاف الذين تطاولوا في الرد على الأمريكيين مع إظهار عدم فهم مطلق لطبيعة العلاقات وعلاقات القوة بين الدولتين. مع ذلك، قد يدفع تفاقم الأزمة مع الولايات المتحدة نتنياهو إلى محاولة إزالة أزمة غالنت عن جدول الأعمال. وزير الدفاع لم يتسلم بعد رسالة إقالة رسمية رغم مرور ثلاثة أيام منذ إعلان رئيس الحكومة بشأن إقالته. يواصل غالنت في هذه الأثناء عمله وكأن شيئاً لم يحدث، ونتنياهو يتجاهل الأمر.
من الواضح أن سلسلة الفضائح تضعف قوة نتنياهو ومكانته العامة، في الوقت الذي تقلص هامش المناورة السياسية التي لديه. وضع بايدن مرآة أمام وجوه الإسرائيليين وأوضح لنا كيف يرانا العالم الغربي الآن. حركة الاحتجاج توفر القليل من العزاء بإخلاص رجالها ونجاحهم المؤقت في هذا الأسبوع في وقف إجراءات التشريع. هذه الخطوات التي ترفع سمعة إسرائيل في الولايات المتحدة وفي أوروبا رغم سلوك الحكومة.
في الخلفية، يكمن في الظل تهديد اشتداد العنف. ليس صدفة أن عصابات من زعران كرة القدم و”شبيبة التلال” قد انقضوا في هذا الأسبوع تحديداً على المتظاهرين ضد الحكومة في شوارع المدن. أحد ما أطلق سراح هذا النمر على أمل أن يحرف العنف الاحتجاج عن مساره ويؤدي إلى الدعوة للحوار السياسي الذي يعدّ نتنياهو في إطاره إمكانيات لعملية بديلة.