هآرتس: أنا أحذر: اوامر الاعتقال في الطريق
هآرتس 12/7/2024، اهود اولمرت: أنا أحذر: اوامر الاعتقال في الطريق
كل يوم تقريبا أنا اشاهد مقابلة في التلفزيون مع ابناء عائلة لشهداء يرتدون القبعات المنسوجة. صحيح، “من يرتدون القبعات المنسوجة” هو الوصف الدقيق جدا لهم. ليسوا مستوطنين أو مسيحانيين أو من مؤيدي الضم. ابطال. لا توجد مجموعة في السكان تظهر التصميم والتضحية والتأييد والشجاعة والاستعداد للانقضاض اكثر منهم. ويوجد مثلهم علمانيون من ابناء الكيبوتسات وحضريون من تل ابيب ونتانيا وهرتسليا وحيفا وبئر السبع ومدن اخرى، وابناء ضواحي من كريات شمونة وحتى ايلات، لكن اكثر منهم لا يوجد. عدد الشهداء من يرتدون القبعات المنسوجة يتجاوز بشكل كبير عددهم النسبي في السكان. لا يمكن تجاهل هذه الحقيقة. ومحظور طمسها أو التقليل من اهميتها. الجيش الاسرائيلي حارب بشجاعة وبطولة وتضحية مثيرة للاعجاب، ضمن امور اخرى، بسبب اسهام هؤلاء المقاتلين وامثالهم. عندما نتحدث عن “معا” وعن “الوحدة الوطنية” و”التضامن” فان كل هذه الامور توجد لديهم، في ميدان المعركة الوحدة موجودة وهي تعتبر أمر داعم.
لكن عندما اسمع بين حين وآخر ابناء هذه العائلات للقتلى والمخطوفين، بعضهم وليس جميعهم، فان قلبي يتفطر ومشاعر الوحدة ايضا تتحطم. كثيرون منهم لا يريدون صفقة التبادل. ابناؤهم في الاسر وكل يوم يمكن أن يدفعوا حياتهم ثمنا لذلك. مصيرهم غير معروف وسلامتهم العقلية وحصانتهم النفسية تقف في الاختبار في ظروف قاسية، لكنهم يعتقدون أن الحاجة الى النصر المطلق وتدمير حماس وتدمير غزة، من خلال الموت المؤكد لكثير من المخطوفين، وبالضرورة موت فلسطينيين ليست لهم علاقة بارهاب حماس، وربما ايضا هم ضحاياه، تقف على رأس سلم الاولويات. مع هذه المقاربة أنا لا أشعر بالوحدة.
لا أحد منهم يقول ذلك بصراحة. ولكن يتولد لدي الانطباع بأن ابناء الجمهور المؤمن والاستيطاني الذي يسعى الى توطين غزة وجنوب لبنان والذي يمكن أن يستوعب خطر قتل الابناء وهم يصممون بشكل مثير للاعجاب، لكن ايضا مثير للقشعريرة، على استمرار القتال والنصر المطلق، لا يوجد ولن تكون لديهم أي صعوبة في تفهم احراق قرى فلسطينية وممتلكات لفلسطينيين ابرياء.
كثيرون منهم يبررون استمرار الحرب في غزة ويطلبون توسيع القتال في الشمال كي يتمكنوا من مواصلة عملية التدمير والهدم في الضفة الغربية. كل ذلك في الطريق الى تجسيد الحلم الكبير الذي يتمثل في تحرير ارض البلاد وطرد الفلسطينيين قبل ضم كل المناطق وجعل اسرائيل دولة ابرتهايد، منبوذة ويقاطعها كل العالم.
هذا هو حلم آلاف المستوطنين، الشباب الذين يسمون شبيبة التلال وغيرهم كثيرون يؤيدونهم ويغطون عليهم ويخفونهم. كثير من الزعماء المحليين في يهودا والسامرة يدفعون ضريبة كلامية ويظهرون التوارع. هم ينفون البيانات التي تنشرها وسائل الاعلام التي تجري تحقيقات موثوقة (رونين بيرغمان وطاقم “نيويورك تايمز”) ومؤسسات الامم المتحدة ووزارة الخارجية الامريكية ومجلس الامن القومي الامريكي. “ليس مثلما يصرخون”، يقولون. “هذا مبالغ فيه”، “لا يوجد أي اساس لهذه الاتهامات”.
يوجد اساس، وهو يستند الى اقوال قائد المنطقة الوسطى التارك يهودا فوكس، المقاتل الشجاع والقائد الذي يثير الاعجاب، عندما يتحدث بصراحة وانفتاح عما شاهده في المناطق المحتلة على أيدينا. هو لا يهذي ولا يخترع أي شيء. هو شاهد، جنوده شاهدوا، وهذا معروف في كل التقارير عن المستوطنين، ليس جميعهم وربما حتى ليس معظمهم ولكن عدد كبير جدا، بأنهم يهاجمون ويسلبون ويدمرون ويخربون ويحرقون ويقتلون ابرياء وايضا يهاجمون جنود الجيش الاسرائيلي غير المستعدين للتعاون معهم في جرائمهم.
على الاغلب يكون حاضر في اعمال الشغب في هذه الاماكن مقاتلون من حرس الحدود. أنا اعرف الكثير من قادتهم في الماضي وفي الحاضر. هم من الاكثر شجاعة وتصميما وجرأة من بين جنود الجيش الاسرائيلي. ولكن لا يمكن طمس حقيقة أن الكثيرين منهم يغضون النظر، واحيانا يغمضون عين واحدة واحيانا الاثنتين عندما تحدث بجانبهم اعمال اجرامية لمشاغبين يهود، كم هو عدد المشاغبين من بينهم الذين تم اعتقالهم، كم هو عدد الذين تم محاكمتهم، كم هو عدد من تمت محاكمتهم على افعالهم؟ عدد قليل. من شبه المؤكد أنه اقل من عدد المتظاهرين الذين تم رميهم على الارض وتم ضربهم واهانتهم على يد رجال شرطة بن غفير.
كل ذلك ما كان يمكن أن يحدث بدون الالهام والدعم والتأييد لهم من قبل الجهات العليا في الدولة. في المكان الاول الوزير ايتمار بن غفير، وزير تك تك، الذي يسيطر على الحكومة كأزعر عنيف، ومعه بتسلئيل سموتريتش، وزير شؤون المناطق في وزارة الدفاع. الاثنان يؤيدان توطين القطاع وجنوب لبنان بالمستوطنين اليهود. في المستقبل القريب أحد حكماء الشريعة اليهودية سيعثر في الكتب المقدسة القديمة على آية أو آيتين تثبت بأن جنوب لبنان هو من الأزل جزء من الوطن المقدس والتاريخي لنا؛ من هنا وحتى حركة مستوطنين جماهيرية برئاسة دانييلا فايس، فان المسافة قصيرة.
من اجل هذا الهدف الخيالي فانهم يدفعون قدما بحرب شاملة في الشمال، التي هي زائدة ولا مبرر لها. بدلا من ذلك يجب التوصل الى اتفاق مع حكومة لبنان والموافقة على تعديل معين على الحدود، لا يمس أي ثروة تاريخية لليهود، ولا يوجد فيه أي خطر أمني على اسرائيل، والتوصل الى انسحاب قوات حزب الله بعشرات الكيلومترات عن الحدود، حتى نهر الليطاني، كما نفذنا ذلك بالفعل بعد حرب لبنان الثانية. الاساس هو أنه يجب اعادة سكان الشمال الى بيوتهم واعمار بلداتهم. هذه الحكومة تريد حرب في الشمال من اجل الدفع قدما بالحلم الكبير – حرب الجميع ضد الجميع، الهدم المتبادل، طرد الفلسطينيين والعرب وضم المناطق لدولة اسرائيل.
مع الأخذ في الحسبان لكل هذه الامور، أنا احذر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وأقول له بأنه يقترب اليوم الذي فيه سيتم اصدار اوامر اعتقال ضدك بسبب الجرائم التي يتم تنفيذها كل يوم في مناطق يهودا والسامرة على يد دولة اسرائيل بدعم من الحكومة، وغض النظر المتعمد من ناحيتك. عن الاحداث في غزة يمكننا الدفاع، لأنه يمكن الادعاء بأنها ليست نتيجة سياسة أو تعليمات أو نية لدولة اسرائيل. في اسوأ الحالات معروف للجميع أنك لا تدير وبحق أو تقود. أنت في نهاية الامر غير مسؤول عن أي شيء.
لكن هذه الادعاءات لن تساعدك فيما يحدث في يهودا والسامرة. هنا يتم كل يوم ارتكاب الجرائم، ليس على يد الجنود أو ضد الجنود، بل على يد مشاغبين من مواطني اسرائيل، الذين يكرهون العرب، بنية واضحة لطردهم من بيوتهم وقراهم التي عاشوا فيها طوال حياتهم. كرئيس حكومة أنت تعرف عن كل هذه الاحداث، واذا قمت هنا ايضا باختيار التجاهل، فأنت لا يمكنك نفي أنك سمعت تحذيرات قائد المنطقة الوسطى وتحذيرات قادة آخرين في الجيش. أنا تحدثت مع البعض منهم، وهم يخجلون من أن هذه الامور تحدث في مناطق توجد تحت سيطرتنا.
عندما يتم توجيه هذه الاتهامات لك، يا رئيس الحكومة، فانه لن يتم ايجاد أي شخص لديه ضمير، عندنا أو في الساحة الدولية المتعاطفة معنا، يمكنه الدفاع عنك.
أنا احذر ايضا وزير الدفاع، يوآف غالنت، بأنه سيكون من الذين سيتسلمون أوامر الاعتقال. فهو المسؤول عن الامن، وهو يمكنه العمل والنضال ضد سياسة رئيس الحكومة وسياسة سموتريتش الفاشلة، المسؤول في وزارة الدفاع عن المناطق. غالنت يفضل الادمان على استمرار الحرب في غزة والتحذيرات والتهديدات لحزب الله، ويغمض عينيه عن رؤية ما يحدث في المناطق التي هو مسؤول عنها.
أنا احذر بن غفير، وزير التهديد والتحريض وتشجيع شبيبة التلال، بأن اوامر الاعتقال لن تقفز عنه. في الحقيقة ازاء التحريض والبلطجة التي تستخدمها ضد قادة الجيش ورئيس الاركان على رأسهم، رئيس الشباك ومقاتلي الموساد. كان من الجدير اصدار اوامر اعتقال ضدك من قبل المستشارة القانونية في اسرائيل، لكن حتى لو أنها لم تفعل ذلك فان اوامر الاعتقال ستصل من محكمة الجنايات الدولية ازاء المسؤولية الشخصية لك، والتي حتى تتفاخر بها.
أنا احذر سموتريتش الذي يعمل على اطالة الحرب ووقف المفاوضات لعقد صفقة التبادل للمخطوفين، والذي يشجع الاستيطان في قطاع غزة ويعطي الالهام لشبيبة التلال ويؤيد توطين اليهود في جنوب لبنان ويؤيد الحرب الشاملة في الشمال، التي نتائجها المتوقعة ستكون التدمير وموت آلاف المواطنين في الطرفين. ايضا ضدك سيتم اصدار اوامر اعتقال.
أنا احذر قادة الشرطة وحرس الحدود والجيش. أنتم لن تتمكنوا من التملص من المسؤولية عن الجرائم التي ترتكب ضد الفلسطينيين في المناطق. اوامر اعتقال ستصدر ايضا ضدكم، ولن يكون لديكم أي رد حقيقي.
اوامر الاعتقال في الواقع ستصدر ضد رئيس الحكومة، زعماء، وزراء وقادة، بشكل شخصي، لكن من ستمثل للمحاكمة في نهاية المطاف هي دولة اسرائيل. كل ذلك في الوقت الذي فيه دولة اسرائيل تريد وقف القتال واعادة جميع المخطوفين والانسحاب من قطاع غزة وادخال قوة دولية، عربية أو اوروبية، التي ستحمي انجازات الحرب وتمنع ترميم وعودة حماس الى قيادة القطاع. والتي تريد ايضا اجراء المفاوضات مع الفلسطينيين حول اتفاق سلام، واقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح كجزء من اتفاق اقليمي سيؤدي الى خلق محور ثابت، قوي وموثوق، ستكون اسرائيل وفلسطين ومصر والاردن والبحرين ودولة الامارات والسعودية والولايات المتحدة هي الاساس له والعمود الفقري للامن الاقليمي ضد ايران.
أنا احذر من أنه اذا واصلنا التسليم بالجرائم ضد الفلسطينيين في يهودا والسامرة فانه سيتم فرض عقوبات خطيرة ومؤلمة ضد اسرائيل، وحتى الدفاع الجيد لن يساعدنا في هذه الحالة.