ترجمات عبرية

هآرتس: أمـيركا الـغـاضـبة: حـبْل أقـصر لإسرائـيـل

هآرتس ٥-٣-٢٠٢٤، بقلم عاموس هرئيل: أمـيركا الـغـاضـبة: حـبْل أقـصر لإسرائـيـل

خطاب نائبة الرئيس الأميركي، كاميلا هاريس، قبل يومين، يمكن أن يشير الى انعطافة في موقف الولايات المتحدة من الحرب في قطاع غزة. هذه هي المرة الاولى التي فيها المقاربة الأميركية في واشنطن يتم التعبير عنها بشكل حاد جدا وواضح جدا. هاريس دعت الى التوصل الى وقف لإطلاق النار الفوري في القطاع. وقالت إن الهدنة مدة ستة اسابيع ستمكن من اطلاق سراح المخطوفين الاسرائيليين. ولكن في الوقت نفسه أكدت بتوسع على معاناة سكان القطاع المتزايدة.
حسب أقوالها فان الفلسطينيين هناك يعانون من “كارثة انسانية”، وأنه يجب على اسرائيل زيادة جهود مساعدتهم “دون أي مبررات”. وقالت ايضا إنه توجد الآن صفقة حقيقية على الطاولة، ودعت حماس الى الموافقة عليها.
التصريح الطويل والمفصل لنائبة الرئيس يعكس أمرين في مواقف الادارة. الاول هو أن الرئيس الأميركي ورجاله يزيدون الضغط على الطرفين على أمل التوصل الى صفقة تشمل وقف اطلاق النار واطلاق سراح المخطوفين قبل شهر رمضان. الثاني هو أنه بعد خمسة اشهر على بداية الحرب وصبر أميركا على اسرائيل، يوجد في حالة تآكل. في واشنطن يجدون صعوبة في تشخيص استراتيجية لاسرائيل بخصوص الحرب، اضافة الى جهود البقاء لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو؛ الغضب من استجابة الحكومة الاسرائيلية البطيئة (في بعض الحالات جهاز الامن) للصعوبات الانسانية المتفاقمة في القطاع؛ القلق من تداعيات التورط المستمر في غزة على الوضع الاقليمي ومكانة بايدن قبل الانتخابات الأميركية.
الحادثة الاساسية في هذا الشأن هي الكارثة التي حدثت في غزة في يوم الخميس، حيث قتل اكثر من 100 فلسطيني في اعمال الفوضى التي حدثت عند وصول شاحنة مواد غذائية. بعض القتلى تم سحقهم وقتلوا بسبب تدافع الجمهور الذي حاول سلب الشاحنة. آخرون، حسب الجيش الاسرائيلي عدد قليل، تم اطلاق النار عليهم من قبل جنود الجيش الاسرائيلي الذي شعروا بالخطر على حياتهم. هذا لم يكن اسهام اسرائيل الوحيد في الكارثة. فالشاحنات تم ادخالها الى القطاع من الجنوب، وبعضها توجه نحو الشمال بهدف احضار التموين لنحو 300 ألف شخص علقوا في منطقة الشمال ولم يذهبوا الى الجنوب، منطقة رفح، عند اجتياح الجيش الاسرائيلي للقطاع في تشرين الاول الماضي.
ضباط في الجيش الاسرائيلي قاموا بتنسيق وصول الشاحنات مع عدد من رجال الاعمال الفلسطينيين، الذين بدورهم قاموا بنقل الشاحنات لبضع ليال. هذه العملية لم يتم تنسيقها مع حماس، ولم يكن هناك أي حماية للقافلة من قبل رجال حراسة مسلحين. عندما اندلعت الفوضى هرب السائقون مع المس ببعض المدنيين الذين حاولوا نهب البضائع. هذه طريقة مليئة بالعيوب، تم تبنيها فقط بسبب عدم وجود خيار آخر. ليس بالصدفة أنهم في الجيش الاسرائيلي يتوقعون أن هذه الكارثة يمكن أن تتكرر اذا استمرت طريقة العمل الحالية.
الحادثة اثارت صدمة كبيرة في العالم. لكن  اسرائيل استقبلتها باللامبالاة. الجهة الرسمية الوحيدة التي كلفت نفسها عناء التطرق الى الحادثة هو المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، دانييل هجاري، الذي عرض على وسائل الاعلام نتائج التحقيق العسكري الاولية في الامر. ولأنه لا يمكن لأي عمل جيد أن يمر بدون عقاب فقد حظي هجاري على الفور بمقال تصفية مليء بالاخطاء في القناة 14، ربما من اجل أن لا يدخل الجنرالات الى رؤوسهم عددا اكبر من اللازم من الافكار حول ادارة سياسة اعلام مستقلة.
في الغرب وفي واشنطن ايضا فان الحبل الذي اعطي للعمليات العسكرية الاسرائيلية يقصر، على الاقل في شهر رمضان. في اعقاب الحادثة الولايات المتحدة قامت بانزال ارساليات مساعدة اولية للقطاع، وهي تنوي انزال ارساليات اخرى بالطريقة نفسها. منذ ذلك الحين اسرائيل تسمح بادخال مساعدات اكبر للفلسطينيين. الامم المتحدة طلبت وحصلت من اسرائيل على مصادقة لادخال معدات اتصال وتوجيه الى القطاع (هواتف محمولة واجهزة جي.بي.اس) من اجل التمكين من اتصال افضل مع القوافل التي تنقلها المنظمات الدولية. في مساء يوم الجمعة استأنف الاتحاد الاوروبي تقديم المساعدات المالية للاونروا، التي توقفت بعد أن كشفت اسرائيل معلومات استخبارية عن مشاركة موظفين فيها في المذبحة في غلاف غزة.
من سارعت الى قراءة الصورة وترجمتها لاغراضها الخاصة هي حماس: يبدو أنها مرة اخرى تتصلب في مواقفها في المفاوضات حول صفقة المخطوفين من خلال الشعور أن الوقت يعمل في صالحها وأن تهديد اسرائيل باحتلال رفح غير حقيقي، وبالتأكيد هو غير فوري. في المفاوضات بقيت عدة خلافات جوهرية، اهمها يتعلق بطلب حماس الحصول على ضمانات أنه بعد الانتهاء من اطلاق سراح المخطوفين في الدفعتين ستتوقف الحرب. وخلاف آخر حول طلبها السماح للمدنيين بالعودة الى شمال القطاع (في هذه الاثناء الجيش الاسرائيلي يمنع الوصول الى الشمال بواسطة الممر الذي يحتله والموجود في جنوب غزة). السؤال هو: هل سيكون الضغط الذي سيستخدمه الأميركيون والوسطاء المصريون والقطريون ثقيلا وناجعا بما فيه الكفاية من اجل التوصل الى اتفاق بين الطرفين، في الوقت القريب رغم ذلك.
الحادثة في غزة تزيد تخوفات الغرب من تفشي الفوضى على صيغة الصومال. في جزء من المحادثات يسمع الأميركيون من المستوى السياسي الاسرائيلي بأن بقاء حماس في السلطة هو احتمالية اسوأ من الفوضى في القطاع. وعلى أي حال، بدون صفقة هناك خطر استمرار القتال الذي ستكون نتيجته موت المدنيين (“عدد كبير من المدنيين الابرياء قتلوا”، قالت هاريس)، وازياد الازمة الانسانية.
بسبب أن شهر رمضان يوجد في الخلفية فانه يمكن أن تثور هنا عاصفة اخرى. فالصور التي تأتي من غزة يمكن أن تؤجج النفوس في الدول العربية وأن تنطلق موجة جديدة من المظاهرات واعمال الشغب المناوئة لاسرائيل، التي ستتسبب ايضا بخطر داخلي على استقرار الانظمة. يمكن الافتراض أن الوزير بني غانتس قد سمع بكل هذه الامور في المحادثات التي اجراها مع جهات رفيعة في الادارة الأميركية. مشكوك فيه اذا كان رجال بايدن يعلقون الآمال على النجاح في تمرير رسالة من خلال غانتس لنتنياهو، حيث الاخير ينشغل بشكل كبير في تظاهرة بالإهانة بادعائه أن الأميركيين قد تجاوزوا البروتوكولات بتوجيه دعوة لغانتس بدون موافقته.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى