ترجمات عبرية

هآرتس: أربع جبهات في الشرق الأوسط تنتظر حسم ترامب

هآرتس 13/11/2025، تسفي برئيلأربع جبهات في الشرق الأوسط تنتظر حسم ترامب

على طاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجد رزمة مسودات لم تتبلور بعد لتصبح خطة عملية قابلة للتطبيق، التي ستنهي الجبهات الأربعة الأساسية في الشرق الأوسط. لقد قدمت لمجلس الامن مسودة جديدة لمشروع قرار سيحدد اطار عمل القوة متعددة الجنسيات، وهي بالتأكيد لن تكون الأخيرة؛ لبنان ينتظر ان تستخدم واشنطن على إسرائيل ضغوط كبيرة للاستجابة الى اقتراح اجراء مفاوضات حول ترتيبات الامن؛ بين واشنطن وطهران يجري حوار ولكنه لا يصل الى عملية سياسية؛ في سوريا، بعد الزيارة التاريخية لرئيسها احمد الشرع في البيت الأبيض، ينتظرون مبادرة من الولايات المتحدة بحيث تدفع قدما ترتيبات امنية مع إسرائيل. في الواقع زيارة الشرع اعتبرت انجاز سياسي، سواء للرئيس السوري أو لترامب، ولكن من ناحية عملية ما زال عدد غير قليل من الأسئلة المفتوحة، الامر الذي يثير التساؤلات حول جوهر هذا الإنجاز.

الشرع يمكنه ان يكون راض من حقيقة ان أمريكا مددت الاعفاء من العقوبات التي فرضت على سوريا في اطار قانون “القيصر”. ولكن هناك شك اذا كان هذا التمديد سيفتح قناة الاستثمارات والمساعدات الكثيفة التي هي بحاجة اليها. المستثمرون والمانحون لن يسارعوا الى فتح جيوبهم عندما لا يكونوا واثقين بشان مصير أموالهم بعد نصف سنة. وهذا بالأساس إزاء انتقاد ومعارضة بعض أعضاء الكونغرس، من بينهم جمهوريين بارزين، الذين يستمعون بشكل كبير الى موقف إسرائيل. عمليا، هذا الاعفاء من العقوبات لا يختلف في نطاقه عن الاعفاء الذي اعطي للشرع في شهر أيار.

الشرع اعلن عن انضمام سوريا الى التحالف الدولي لمحاربة داعش – الذي مع سوريا يصل عدد الأعضاء فيه الى 90 دولة – لكن في هذه الاثناء هذا اطار سياسي فقط. في الواقع هو مهم من الناحية الاعلانية، لكن طالما انه لم يتم ترتيب النشاطات العسكرية السورية، فانها لا تستطيع اعفاء الولايات المتحدة من التدخل العسكري في الدولة. هي لا تستطيع ان تنقل المسؤولية عن إدارة الحرب من يد القوات الكردية في سوريا الى يد الجيش السوري، الذي حتى الان هو غير مؤهل ومسلح بما فيه الكفاية لادارة حرب كهذه. هذه العملية يمكن ان تكون جزء من خطة استراتيجية جديدة، طموحة، التي وضعتها تركيا وسوريا والولايات المتحدة.

حسب هذه الخطة فان تركيا ستوفر مظلة عليا عسكرية للجيش السوري؛ القوات الكردية سيتم دمجها في الجيش السوري؛ المنطقة الواقعة حول خط الحدود بين تركيا وسوريا، الذي فيه يحتشد السكان الاكراد، سيتم نزع السلاح منها، والنظام في سوريا سيفرض سيادته في هذه المحافظات. ولكن حتى الآن هناك الغام كثيرة تفصل بين النية وبين القدرة على التطبيق. في الواقع الاكراد يعلنون عن استعدادهم للانضمام للجيش السوري، لكن شروطهم الأساسية، التي بحسبها ستنضم وحداتهم بكونها قوة تنظيمية تستطيع ان تعمل للدفاع عن المحافظات الكردية، غير مقبولة على دمشق وعلى انقرة.

أيضا الترتيبات الأمنية بين إسرائيل وسوريا ما زالت متعثرة رغم “التقدم الكبير”، كما وصفه الشرع، الذي تم تحقيقه في المفاوضات المباشرة بين الطرفين. في مقابلة مع “واشنطن بوست” أوضح الشرع بانه يعارض بشدة إقامة منطقة منزوعة السلاح بين دمشق والحدود الجنوبية والغربية لسوريا، مثلما تطلب إسرائيل، واكد انه من اجل التوصل الى اتفاق فانه “يجب على إسرائيل الانسحاب الى خطوط 8 كانون الأول”، وهو التاريخ الذي اسقط فيه نظام الأسد وفيه بدأت إسرائيل في احتلال مناطق في سوريا.

معارضة الشرع لاقامة منطقة منزوعة السلاح في داخل سوريا تستند الى امرين: على الصعيد العملي هو يقول ان هذه المنطقة ستفتح الباب امام جهات معادية للعمل ضد إسرائيل، ومن غير الواضح من سيكون المسؤول عن محاربتها. على الصعيد الوطني يوضح الشرع بانه “في نهاية المطاف هذه أراضي سورية، ويجب الحفاظ لسوريا على حرية إدارة أراضيها”.

يبدو ان هذا الموقف، الذي حسب اقوال الشرع تؤيده أمريكا، يلغي أيضا إمكانية ان قوة عسكرية أمريكية ستتحمل المسؤولية عن إدارة المنطقة منزوعة السلاح، أو ستعمل كقوة مهمة إقليمية ضد من يريدون استغلال المنطقة منزوعة السلاح لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل. مواقف الشرع منسقة جيدا مع القيادة في تركيا، التي تعتبر إسرائيل تهديد لوحدة سوريا. من اجل ضمان ان الإدارة الامريكية لن “تنحرف” عن هذا الخط، وتحاول الضغط على الشرع من اجل الموافقة على تقديم تنازلات، تم ارسال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لمرافقة “بالسر” زيارة الشرع الى واشنطن، وحتى انه شارك في عدة محادثات مع الرئيس ترامب ومع كبار رجال الإدارة الامريكية.

سيناريو آخر يتحدث عن نشر “قوة شرطية” روسية في جنوب سوريا، بما يشبه نموذج النشاطات التي جرت في أيام الأسد بموافقة إسرائيل وبتنسيق معها. الشرع الذي زار في تشرين الأول روسيا والتقى مع بوتين اعلن في زيارته ان سوريا ستحترم كل الاتفاقات التي وقعت عليها سوريا مع روسيا، وهو تصريح تم تفسيره كتعهد بالسماح لروسيا بالاحتفاظ في قواعدها في طرطوس وحميميم والقامشلي. إضافة الى ذلك هو أشار الى ترميم علاقات دمشق مع موسكو. السؤال الان هو الى أي درجة سترغب وتستطيع إدارة ترامب الضغط على إسرائيل للبدء في الانسحاب من المناطق التي احتلتها في سوريا؛ واذا اعطي لتركيا “الامتياز” كي تدير مع سوريا الحرب ضد داعش وبذلك جعلها قوة عسكرية مهيمنة في سوريا؛ هل سيترك تحالفه مع الاكراد؛ هل كل العملية ستثمر اتفاق امني مع إسرائيل.

أيضا في جبهة لبنان حتى الان لا توجد اختراقة يمكنها تحقيق تطلع ترامب نحو عقد اتفاق سياسي بين القدس وبيروت. الرئيس اللبناني ميشيل عون قال امس في مؤتمر صحفي بانه ما زال ينتظر رد إسرائيل، بواسطة الوسطاء الأمريكيين، على اقتراحه اجراء مفاوضات. في بداية الشهر قال “لا يوجد أي بديل للبنان عدا عن المفاوضات، لانه في السياسة توجد ثلاثة مجالات عمل: الدبلوماسية، الاقتصاد والحرب. عندما لا تؤدي الحرب الى أي مكان فما الذي يمكن عمله؟ كل الحروب في العالم انتهت بالمفاوضات، والمفاوضات لا تجرى مع الأصدقاء بل مع الأعداء”. ولكن عون، الذي هذه هي المرة التي يحاول فيها الدفع قدما بمفاوضات مع إسرائيل، لم يوضح حتى الان اذا كان مستعد للتفاوض معها مباشرة كما تطالب الولايات المتحدة. وهو أيضا لم يعط موافقته على تغيير تشكيلة اللجنة المشرفة على تطبيق وقف اطلاق النار بصورة تضم في داخليها سياسيين وخبراء مدنيين، وليس فقط عسكريين، خوفا من ان تظهر هذه العملية كمفاوضات سياسية مع إسرائيل.

الانطباع السائد في لبنان هو ان إسرائيل غير معنية بمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، وأنها تفضل استمرار استغلال “السماء المفتوحة” التي تسمح لها بحرية العمل العسكرية. أمس عقد في الناقورة اللقاء الـ 13 للجنة الاشراف. لبنان عرض على اللجنة كل خروقات إسرائيل في أراضيه، لكن لم يخرج عن هذه اللجنة أي بشرى سياسية. في نفس الوقت قائد الجيش اللبناني احتج بان إسرائيل لا تسمح لقواته بالدخول الى المناطق التي يوجد فيها شك بوجود سلاح ومنشآت لحزب الله، وحسب قوله فان إسرائيل تفضل المهاجمة من الجو بدلا من السماح للجيش اللبناني بتنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله.

رغم ذلك، الجيش اللبناني ما زال يحاول تطبيق خطة العمل التي عرضها على الحكومة في شهر آب الماضي، والتي تعهد فيها بجمع سلاح حزب الله من جنوب نهر الليطاني حتى نهاية السنة. وهو موعد يبدو الان انه غير واقعي. ومثلما في سوريا، أيضا في لبنان، يتوقعون قرار من الولايات المتحدة يملي عليهم وعلى إسرائيل تبني ورقة العمل التي عرضها المبعوث الخاص توم باراك. والتي بحسبها يجب على إسرائيل التوقف عن هجماتها لمدة شهرين وخلال ذلك تجري مفاوضات حول الترتيبات الأمنية، وحول البدء في ترسيم الحدود البرية وحول تحديد منطقة منزوعة السلاح بين الدولتين. في نفس الوقت، حسب الورقة، ستنسحب إسرائيل بالتدريج من المواقع الخمسة التي تسيطر عليها في لبنان. إسرائيل حسب اقوال باراك رفضت الاقتراح بالكامل.

“الشعور الان هو ان هناك نشاط سياسي كبير، وان أوراق عمل كثيرة تنتقل من مكان الى آخر”، قال للصحيفة دبلوماسي أوروبي دولته مشاركة في خطة العمل. “لكن هناك جهة واحدة، التي في نهاية المطاف يجب ان تطرق على الطاولة وتملي الخطوات على الأرض. هي تجلس في البيت الأبيض ولا احد يعرف ما هو توجهها”.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى