ترجمات عبرية

هآرتس –  أخوة المتعودين

هآرتس – بقلم  عميره هاس – 6/4/2021

” إن المعتادين والصامتين الاسرائيليين، للاسف، ملزمين الآن باظهار التفهم، وحتى التعاطف، مع الالمان العاديين من تلك الايام “.

       لقد حان الوقت للوقوف والتفكير بالاشخاص العاديين الذين تعودوا. الذين لم يكونوا مع ولم يكونوا شركاء نشطين، لكنهم لم يتمكنوا من الهجرة واستمرار بالعيش، في حين أن جيرانهم اليهود تم ابعادهم أولا عن الارصفة، وبعد ذلك عن العيادات وصالونات الحلاقة، وبعدها عن الشارع وعن المدينة، وفي النهاية لم يخطروا بالبال. في الايام القريبة القادمة ستنهار الشاشات ومواقع الانترنت وبث الاذاعة تحت العبء البصري واللفظي والعاطفي لذكرى الناجين الذين يتضاءلون. ولكن كل من ولد لعائلة من بقايا العربات لا يحتاج الى هذه الايام كي يتذكر. ومعرفتنا لا تحتاج الى تفاصيل جديدة، فهي تحرقنا حتى رغم ارادتنا.

       السيقان المتباعدة لضباط مسلحين يرتدون الزي العسكري، الذين كانوا يشاهدون وهم يضحكون النساء العاريات قرب الحفرة، يمكن أن تبرز من داخل الذاكرة  التي اكتسبناها كل يوم. قضبان سكة الحديد والقمصان المخططة تثير دائما الحزن حتى لو كانت العيون ترى فقط مجرد قضبان الحديد والقميص المخطط. آباؤنا ماتوا منذ زمن، لكننا في كل يوم نفهم بصورة أقل كيف صمدوا  في البرد الشديد على الأسرة الى جانب جثث اخرى مصابة بحمى مرض التيفوس. أي بحث جديد وأي يوم ذكرى لن يجيب على الاسئلة التي لم نقم بصياغتها ولم نصمم على طرحها في طفولتنا.

قلوبنا تتعاطف مع الناجين المنفعلين من الاهتمام الذي يحصلون عليه يوم واحد في السنة. القلب يشمئز من الاتجار، لأن يوم ذكرى الكارثة هو من الامور التي تشكل الروح القومية الاسرائيلية الاكثر نجاعة. بين المقابلات والافلام والصافرة يتم اسماع الخطابات المليئة بالشفقة والتزوير، التي تنثر السم الديماغوجي. مرة اخرى سيستخدمون عائلاتنا التي قتلت من اجل تعظيم الجيش الاسرائيلي وبطولاته في غزة وفي بلعين، من اجل حماية البؤرة الاستيطانية ايش كوديش ومستوطنة سوسيا. مرة اخرى سيقومون بمد خط مستقيم مثل الافعى بين القتلة الالمان والاوكرانيين وبين الفلسطينيين، الذين أرادوا في العام 1948 الدفاع عن وطنهم من الذين جاءوا من اجل سلبه منهم. القلب يتعاطف معهم. واخفاء هويتهم حاضر وهو شخصي جدا، على كل شجرة صبر توجد على جانب الشارع، في كل بيت حجري مزخرف عمره 90 – 15 سنة، وعلى كل تلة مرنة ما زالت تظهر عليها انقاض قرية.

       في الايام القادمة سيكون من الصعب الهرب من الضجة الصارخة والعدوانية للضحايا الذين تم الاتجار بهم. ملجأ محتمل هو التفكير بالاشخاص العاديين الذين صمتوا. لأنه كان لهم أولاد ليربونهم ويطعمونهم، وكان لهم عمل ووالدة عجوز. اشخاص لم يكونوا مع، لكنهم تكيفوا. والبقاء في مسيرة الموت يصعب استيعابه. ايضا كل شعرة ترفض أن تفهم الفيلم المتواصل للقتل والقتلة. في المقابل، جميعنا نعرف ونشارك في آلية التعود. التعود على الضجة في الشارع وعلى المبنى الذي يحجب المشهد وعلى التجاعيد وعلى تعليمات الكورونا.

       في الـ 12 سنة المكتظة من وجودها نجحت المانيا النازية في تطبيق قسم من خطتها لابادة الشعوب. اسرائيل التي تحولت الى ملجأ لليهود الذين هربوا في الوقت المناسب وللناجين، توجد منذ 73 سنة. واحتلالها العسكري، يوجد منذ 54 سنة. وبأفعالها هي تثبت كل يوم بأن استغلال وطرد الشعب الفلسطيني من وطنه هو جزء لا يتجزأ من هويتها. ومن يعارضون النظام في المانيا النازية خاطروا بالاعتقال والتعذيب والموت. معلومات وصور لم يتم نشرها في الشبكات الاجتماعية. القوة للتغيير لم تكن في أيديهم. أما لدينا فان قوة التغيير توجد في أيدينا. المعلومات متاحة طوال الوقت. الاحتجاج، المعارضة، المقاومة والابلاغ، لا يكتنفها ثمن باهظ بشكل خاص: تعليقات مليئة بالكراهية، اكاذيب لمنظمة مستوطنين، لكمات لزعران يخافون من الله، فصل من المدرسة. كل ذلك غير كاف من اجل تفسير العدد القليل من النشطاء الاسرائيليين ضد سياسة الطرد والتهجير. وتفسير تعود غير العنصريين بصورة واضحة على واقع العنصرية والتدهور المستمر.

       إن المعتادين والصامتين الاسرائيليين، للاسف، ملزمين الآن باظهار التفهم، وحتى التعاطف، مع الالمان العاديين من تلك الايام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى