ترجمات عبرية

هآتس: حماس في المعادَلة القَطَرية

هآتس 2023-11-23، بقلم: تسفي برئيل: حماس في المعادَلة القَطَرية

المتحدث بلسان وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، كان أول من أعلن عن استكمال المفاوضات حول عقد صفقة لإطلاق سراح المخطوفين لدى «حماس». في الظهيرة، اعلن أن وساطة بلاده وصلت إلى نقطة النهاية، وأن «نقاط الخلاف الأساسية تم حلها وبقيت فقط عدة تفاصيل صغيرة».

قبل بضع ساعات من ذلك، كان موقع الأخبار اللبناني المقرب من «حزب الله» هو أول من نشر تفاصيل كثيرة عن الاتفاق الآخذ في التبلور، استنادا إلى مصادر في «حماس». بعد ذلك أكدتها مصادر إسرائيلية أثناء الإعداد لجلسة الحكومة التي ناقشت المصادقة على الصفقة: «حماس» ستقوم بإعادة 50 مخطوفا من النساء والأطفال إلى إسرائيل، وقائمة الأسماء التي تم الاتفاق عليها لا تشمل الجنود. الإفراج سينفذ على مدى بضعة أيام، ومقابل كل مخطوف إسرائيلي سيتم إطلاق سراح ثلاثة سجناء فلسطينيين في إسرائيل. «حماس» ستحاول العثور على المزيد من المخطوفين المدنيين، وإذا نجحت في ذلك فستقوم بتسليمهم.

التفاصيل التي لم يتوقفوا عندها في إسرائيل، ضمن أمور أخرى، هي إدخال 200 – 300 شاحنة سيتم توزيعها بشكل متساو في شمال القطاع وجنوب القطاع، وهي تحتوي إضافة إلى المواد الغذائية على الأدوية والوقود. حسب ما نشر، إسرائيل وافقت على أن يتم إرسال الوقود أيضا إلى المستشفيات والمخابز ولتشغيل مضخات آبار المياه. تبادل المخطوفين والسجناء سيتم تحت رعاية قطرية ومصرية وأميركية، ويمكن أن يشارك فيه أيضا منظمات دولية وممثلون من الأمم المتحدة. أيضا ستتم مناقشة إمكانية إدخال مستشفيات ميدانية إلى القطاع.

البند الأكثر أهمية، الذي لم يذكر في إحاطات المستوى السياسي في إسرائيل، هو الذي يقول، إن إسرائيل وافقت على إبعاد قواتها من شارع صلاح الدين، وهو الشارع الرئيس الذي يربط بين شمال القطاع والجنوب. هذا هو ممر الانتقال الوحيد لآلاف النازحين من شمال القطاع. وحسب التقارير من لبنان فقد وافقت على عدم الاقتراب من السكان الذين سيمرون فيه حتى لو كانوا يتحركون نحو الشمال. إذا كان هذا البند حقا مشمولا في الاتفاق فإن رجال «حماس» يمكنهم التحرك خمسة أيام بدون إزعاج بين شطري القطاع.

بنود الاتفاق توضح المعضلات الصعبة التي تواجه إسرائيل، لا سيما بخصوص طبيعة وقف إطلاق النار ومدته، إزاء الخوف من أن ذلك سيعطي «حماس» وقتا ضروريا لتنظيم قواتها. في الوقت نفسه هو لا يلغي ضرورة إجراء المفاوضات مع «حماس» حول إطلاق سراح المخطوفين الباقين، ومن بينهم الجنود لدى «حماس» والمدنيون لدى تنظيمات أخرى مثل «الجهاد الإسلامي» الذي لم يكن مشاركا في المفاوضات، وعصابات وعائلات محلية تحتجز عددا غير معروف من المخطوفين. مع ذلك، حتى الآن لم تطرح للنقاش مسألة إعادة جثامين المخطوفين الذين قتلوا في عملية الاختطاف أو أثناء وجودهم لدى الخاطفين.

رغم أن قطر ومصر والولايات المتحدة (وشركاء آخرين من المانحين) كانوا هم الوسطاء بين إسرائيل و»حماس» فإن الاتفاق غير المباشر بين إسرائيل و»حماس» احتاج إلى التعاون مع قادة «حماس» في الخارج مثل إسماعيل هنية وخالد مشعل ويحيى السنوار في غزة. من المفضل عدم البدء في التكهن ماذا كان سيكون مصير المخطوفين أو درجة تحقق اتفاق كهذا أو غيره لو أن إسرائيل قامت بتصفية السنوار أو حققت طموحها في «تحييد» رؤساء «حماس» في الخارج. هذا السؤال يجب أن يشغل متخذي القرارات قبيل استئناف القتال بعد انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار: إذا كانت إسرائيل لا تنوي التنازل عن إعادة جميع المخطوفين فإنها هي ودول الوساطة ستحتاج إلى شريك لإكمال الصفقة. يمكن التقدير أن قضية تصفية قيادة «حماس»، في غزة وفي الخارج، تم طرحها في نقاشات بين إسرائيل وقطر والولايات المتحدة، ومن غير المستبعد أن زعماء «حماس» قد طلبوا ضمانات لبقائهم كمقابل على موافقتهم على الإفراج عن المخطوفين والاستعداد لعقد صفقات مشابهة في المستقبل.

في هذه القضايا من المهم بشكل خاص مكانة قطر كدولة أخذت على عاتقها قيادة الوساطة، وهي التي تمسك بيدها أدوات الضغط على «حماس»، وهي التي من شأنها أن تقرر استمرار وجودها السياسي بعد أن تتحول غزة إلى منطقة محتلة على يد إسرائيل. مقابل مصر، التي كانت دائما هي العنوان التكتيكي الفعال للوساطة مع إسرائيل، بالأساس بسبب سيطرتها على معبر رفح الذي كان بمثابة أنبوب التغذية للقطاع ولسلطة «حماس»، فإنه توجد لقطر مكانة استراتيجية. فقد عملت مثل الصراف الآلي الذي مول سلطة «حماس» وقيادتها من خارج غزة، ليس فقط بواسطة «حقائب الأموال» التي سمحت إسرائيل بإدخالها إلى القطاع. المساعدات الضخمة التي منحتها لـ»حماس» خلال عشرات السنين والملجأ السياسي الذي قدمته لقيادة «حماس» – الخارج، مكنتها من حرية عمل سياسية، وبالأساس حرية عمل اقتصادية.

في الوقت نفسه، قطر هي حليفة للولايات المتحدة، وهي من اكبر المستثمرين في العالم في الشركات والمؤسسات الأميركية. الآن أدركت أن العلاقات المزدوجة – منظمة إرهابية من جهة والمؤسسة الأميركية من جهة أخرى – تضعها في مصيدة وتلزمها بالخروج من منطقة الراحة والتجند لتنفيذ صفقة المخطوفين. حسب معرفتنا فإن الإدارة الأميركية لم تهدد حاكم قطر، لكن الشيخ تميم بن حمد استمع بشكل جيد للطلبات التي سمعت في الكونغرس على لسان الرئيس بايدن لفرض عقوبات على الدولة الصغيرة والثرية. النتيجة كانت أن قيادة قطر لم تقم بإدانة هجوم «حماس» القاتل ووجهت لإسرائيل اتهامات شديدة على ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة وعقدت في الدوحة لقاءات عمل مع رؤساء «الموساد» وممثلين إسرائيليين آخرين للدفع قدما وبعد ذلك استكمال صفقة المخطوفين.

قيادة حماس تمكنت (كما يبدو) من اختيار من ستجري معه المفاوضات حول صفقة المخطوفين. هكذا، في البداية عندما قامت بإطلاق سراح المخطوفتين الأوليين يهوديت رعنان وابنتها نتالي فإنها «منحت الفضل لمصر»، لكن الإفراج عن يوخفات لايفشيتس ونوريت كوبر كان بفضل قطر التي حصلت على النقاط، التي كانت مهمة لها أمام واشنطن. كلما طالت الحرب فإن قيادة «حماس» تدرك بأن مجرد وجودها كمنظمة وحركة خارج القطاع يتعلق أكثر بالدعم الذي ستحصل عليه من قطر وليس من مصر.

«حماس» لا يمكنها التنازل عن استمرار نشاطاتها العسكرية والسياسية. فهي ستواصل الاحتفاظ بقواعدها في لبنان وستطمح إلى تطوير مواقع لها في سورية وتوسيع نشاطاتها في الضفة وأن تكون أيضا شريكة في خطط «اليوم التالي». في كل ذلك مصر لا يمكنها مساعدتها. ومن غير الواضح كيف ستتصرف قطر مع «حماس» بعد الحرب، هل ستبعد قيادتها من أراضيها. لكن إزاء خيبة أمل حماس من شراكتها مع ايران و»حزب الله» وإدراكها بأنها بقيت وحدها، فإن قطر يمكنها المواصلة وأن تكون دعامتها الأساسية. ثمن ذلك ستحدده قطر.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى