نيويورك تايمز: 3 ضربات سريعة لنتنياهو تدفع بالمواجهة مع إيران
ديفيد هالبفينغر، نيويورك تايمز ٤-٥-٢٠١٨م
قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بثلاث حركات جريئة هذا الأسبوع، عملت على تعزيز الأوراق التي في يده؛ في محاولة إحباط طموحات إيران الاستراتيجية، وفي الوقت ذاته جلب البلدين إلى حافة الصراع المباشر.
طائرات “أف 15″، يعتقد على نطاق واسع أنها إسرائيلية، قامت في وقت متأخر من يوم الأحد، بضرب مرافق تحصنت فيها إيران ووكلاؤها في سوريا، فيما تسبب الهجوم على موقع تخزين بالقرب من حماة بتدمير 200 صاروخ، وقتل ما لا يقل عن 16 شخصا، 11 منهم إيرانيون.
وفي مساء اليوم التالي قام نتنياهو في تل أبيب بتقديم “بارع” لعرض “باور بوينت” من داخل وزارة الدفاع، تم بثه على الهواء مباشرة على التلفزيون، استعرض فيه الغنائم التي سرقها فريق من الموساد من مخزن سري في طهران، وقال إنها تشير إلى خداع إيران حول جهودها الطويلة لتطوير القنبلة النووية.
هذا الكشف جاء قبل أقل من أسبوعين من الموعد الذي يفترض أن يعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره، إن كان سينسحب من الاتفاقية النووية مع إيران أم لا، مشيرا إلى أن المسؤولين الإسرائيليين نظروا إلى هذا الأمر على أنه محاولة لتقديم الدعم للرئيس ترامب، حليف نتنياهو الحميم، بشأن القرار الذي يعتقدون أن الرئيس قد اتخذه فعلا.
حتى عندما كان نتنياهو يتحدث، فإن ائتلافه البرلماني كان يحاول تمرير قانون تنقل فيه سلطة قرار شن حرب أو القيام بعمل عسكري من الحكومة إلى حكومة أمنية مصغرة، وفي حالة “ظروف استثنائية” يسمح لرئيس الوزراء ووزير الدفاع فقط باتخاذ مثل ذلك القرار.
باختصار، فإن نتنياهو استطاع أن يستغل تقدمه في المجال السياسي والعسكري والاستخباراتي؛ للدفع بأجندته بخصوص الأسلحة النووية والأسلحة التقليدية، ولزيادة الضغط على إيران، وليجعل قرار الذهاب للحرب في يده، دون الحصول على موافقة الحكومة، كما يقتضي القانون الإسرائيلي الآن.
هذا الأمر دفع المراقبين الذين كانوا يحسبون لنتنياهو نفوره من الحرب الشاملة، للتساؤل إن كان نتنياهو قد تحول إلى طريقة سيئة في التفكير، حيث قال ناحوم بارنياع ، وهو كاتب عمود مخضرم في صحيفة “يديعوت أحرنوت”: “في هذه السنوات كلها كان غير محب للحرب.. وأعتقد أننا يجب أن نقدره لحذره الشديد من استخدام القوة العسكرية، والآن يبدو أنه يدفع بالجميع نحو بيئة أكثر عدوانية”. ويضيف بارنياع أن “البيئة السياسية العدوانية التي يواجهها نتنياهو قد تكون عاملا أيضا: فهو ينتظر توجيه تهمة له في فضيحة فساد كبيرة، ويعتقد أنه يريد إجراء انتخابات قبل أن توجه إليه تهم جنائية، وهو يقدم نفسه لقاعدته السياسية على أنه الزعيم الإسرائيلي الوحيد القادر على حماية البلاد”، ويتابع بارنياع قائلا: “لا أستثني أي سبب.. وأنا متأكد من أن هناك أكثر من سبب”.
هذه الأفعال الثلاثة هذا الأسبوع كلها تخدم أهداف نتنياهو بعيدة المدى، فمنذ بداية عام 2010، سعى نتنياهو لأن يجهز لهجوم على منشآت إيران النووية، لكن حكومته كانت دائما توقفه، بالإضافة إلى أنه عارض الاتفاقية النووية مع إيران منذ بداية الحديث عنها في ظل حكم باراك أوباما؛ بحجة أنها ستسمح لطهران بأن تهدد إسرائيل بأسلحة نووية خلال عقد من الزمان، كما أنه تعهد لأشهر بأن يمنع إيران من تشكيل تهديد بالأسلحة التقليدية ضد إسرائيل من داخل سوريا.
ونقل عن أحد مهندسي القانون قوله إن سلطات الحرب التي صادق عليها الكنيست، بـ62 صوتا مقابل 41، لم تأخذ في عين الاعتبار المناوشات الواقعة الآن مع إيران ولا رئيس الوزراء الحالي.
ويرى المنتقدين أن قضايا الفساد ضد نتنياهو، وقلة الخبرة الأمنية لدى وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، تثيران التساؤلات حول دوافعهما إن هما قررا جر إسرائيل للحرب، مع أن القانون ينطبق فقط على حالات “الظروف الاستثنائية”، إلا أنه ليس هناك تعريف لهذه الظروف.
وينقل عن بعض الخبراء، قولهم بأنه لن يكون للقانون الجديد أثر دراماتيكي؛ لأن رئيس الوزراء ووزير الدفاع لن يذهبا للحرب دون دعم سياسي قوي، ودون دعم الجيش والمؤسسات الأمنية، التي كانت دائما حذرة.
ونقل عن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية شلومو أفنيري، قوله: “لا تستطيع أي حكومة الذهاب للحرب دون توافق وطني.. ومن الواضح أن خيارات قرارات رئيس الوزراء الخاضع للتحقيق محدودة”.
ويبين التقرير أن استعراض العضلات في سوريا، واستعراض براعة الجاسوسية في تل أبيب، جاءا في وقت تجد فيه إيران نفسها مقيدة في الدخول مع إسرائيل في لعبة حرب، هي أو عن طريق وكيل، فشعبها بدأ يتململ، وحليفها المقرب، حزب الله في لبنان، الذي يمكن اللجوء إليه للانتقام من إسرائيل، هو أيضا مقيد بالانتخابات في 6 أيار/ مايو، حيث سيرشح حزب الله سياسيين لخوض الانتخابات.
الأهم من ذلك كله، هو أن ترامب ينوي الإعلان عن قراره بشأن الاتفاقية النووية في 12 أيار/ مايو، فمن غير المحتمل أن تعطيه إيران سببا له للتخلي عن الاتفاقية.
السفير الأمريكي خلال حكم أوباما لدى إسرائيل، دانيال شابيرو، قال: “تلك فرصة لإسرائيل أن تفعل ما هناك حاجة لفعله وبثمن بسيط نسبيا”.
ويورد التقرير نقلا عن محللين، قولهم بأن حرب نتنياهو لوضع حد لبناء ترسانة الأسلحة التقليدية الإيرانية في سوريا، ترتبط بجهوده لمنع إيران من تحقيق طموحتها النووية، بالضبط كما قامت كوريا الشمالية ببناء ترسانة تقليدية ضخمة تهدد بها كوريا الجنوبية، في الوقت الذي عملت فيه على تطوير الأسلحة النووية، بحسب شابيرو، الذي يقول إن إيران تسعى لتهديد إسرائيل بالطائرات دون طيار، والصواريخ الموجهة من سوريا، “في الوقت الذي تستخدم فيه الوقت والمفاوضات والتأخير لتطوير طموحاتها النووية”.
وينقل عن رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية سابقا عاموس يادلين الذي يرأس الآن معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيت، قوله إن تهديد السلاح التقليدي والنووي الإيراني “يخدم الهدف ذاته: تدمير إسرائيل”، مشيرا إلى أن الاتفاقية النووية نجحت في منع إيران من السعي للحصول على أسلحة نووية لعدد من السنوات. ويضيف : “لذلك فهم يقومون ببناء قوة تقليدية ضد إسرائيل في سوريا، بصواريخ دقيقة التوجيه، وهذا أكبر تهديد ضد إسرائيل اليوم في 2018.. إن تراجع ترامب عن الاتفاقية النووية، فإنه اعتمادا على رد فعل إيران، سيؤدي إلى اصطدام عسكري بين إسرائيل وإيران، ربما بعد أعوام”، لكنه حذر من أن “اشتباكا في الشمال قد يحصل هذا الأسبوع أو هذا الشهر”.
وقال بارنياع، إن نتنياهو لم يعط الإسرائيليين أي سيناريو منطقي حول ما سيحصل بعد القرار الأمريكي، مثل “كيف سيكون الإيرانيون أبعد من القنبلة النووية بعد ذلك، وكم هو متأكد من أن هذا الفعل سيؤدي إلى ردع إيران بدلا من تسريع التطوير النووي؟ حيث لم يتطرق إلى هذا أبدا، وقد آن الوقت لأن يفعل ذلك”. ويضيف : إن التوتر مع إيران، بالإضافة إلى القانون الذي تم تمريره في الكنيست، الذي خفض عتبة إعلان الحرب جاء مفاجئا، “فجأة سيواجههم السؤال إلى أين نحن سائرون؟ ربما يشعر أن حربه آن أوانها”.