ترجمات أجنبية

نيويورك تايمز – هذه ما تزال إسرائيل بنيامين نتنياهو

نيويورك تايمز – بقلم أنشل بفيفر –   20/6/2021

أدى نفتالي بينيت اليمين الدستورية كرئيس للوزراء، منهياً 12 عاما من حكم سلفه، بنيامين نتنياهو، لكن هذه ما تزال إلى حد كبير إسرائيل السيد نتنياهو نفسها. وحتى فيزيائياً، ما يزال السيد نتنياهو يعيش، حتى كتابة هذه السطور، في المقر الرسمي لرئيس الوزراء في شارع بلفور في القدس. وفي اليوم التالي لانتهاء رئاسته للوزراء، كان ما يزال يستقبل ضيوفًا من الخارج، بما في ذلك السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، والقس الإنجيلي جون هاغي.

قد يكون المعسكر السياسي لنتنياهو من الأحزاب اليمينية المتطرفة والمتدينة قد أصبحو الآن في المعارضة، لكنهم ما يزالون يلتفون حول وعده بإسقاط “هذه الحكومة اليسارية الشريرة والخطيرة”، والقيام بذلك في وقت أقرب بكثير مما يمكن أن يتوقع أحد.

في غضون ذلك، ثمة صراع معقد يدور مع الفلسطينيين وهناك الانقسامات نفسها داخل المجتمع الإسرائيلي. ولكي تكون للحكومة الجديدة أي فرصة واقعية للبقاء، فإنها لا تستطيع أن تفكك إرث السيد نتنياهو بالكامل، خشية أن تتسبب في انهيار ائتلافها الهش. لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لنقض 12 عامًا من حكمه الطويل. وعلى الرغم من أن بينيت وزملاءه لن يعترفوا بذلك صراحة، إلا أنهم لا يريدون ذلك في بعض الجوانب.

ثلاثة من قادة الأحزاب الثمانية للائتلاف الجديد، بمن فيهم السيد بينيت، هم أكثر قومية من نتنياهو، وهم يعارضون أيديولوجياً أي تسوية حول الأراضي مع الفلسطينيين. وقادة الأحزاب الخمسة الأخرى الذين يفضلون، من حيث المبدأ، أشكالاً مختلفة من “الفصل” أو حل الدولتين، راضون عن تأجيل أي من هذه المسائل في الوقت الحالي. إن أي محاولة في هذا الاتجاه سوف تمزق الحكومة الجديدة وتفتح الباب لعودة نتنياهو.

أثبت نتنياهو أن إسرائيل لا تحتاج إلى تقديم أي تنازلات ذات مغزى للفلسطينيين، ويمكنها التخلي عن أي تظاهر بالرغبة في إحراز تقدم في “عملية دبلوماسية” غير موجودة أصلاً معهم، وأنها ما تزال تزدهر مع ذلك. وتم إقصاء ما تسمى بالمشكلة الفلسطينية، التي كانت في يوم من الأيام تلك القضية الرئيسية بالنسبة للمجتمع الدولي، لتذهب إلى قاع الأجندة الدبلوماسية العالمية. وربما كانت أنظار العالم قد اتجهت إلى غزة الشهر الماضي خلال 11 يومًا من الحرب، لكن ذلك الانتباه سرعان ما تحول عنها بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار. والآن، بعد 12 عاما من حكم السيد نتنياهو، لا يوجد أي ضغط حقيقي على إسرائيل لإنهاء حصارها لغزة أو احتلالها العسكري للضفة الغربية.

بالنسبة لبعض مؤيدي الإطاحة بنتنياهو، فإن الفكرة القائلة إن هذه الحكومة ستبقى مستقرة من خلال الحفاظ على إرث نتنياهو المتمثل في إدامة احتلال لا ينتهي واستمرار عدم المساواة لملايين الفلسطينيين ستكون فكرة لا تطاق. وبالنسبة لشريحة أخرى من المجتمع، والتي مجدت هذا التغيير، فإن تفكيك موروثات نتنياهو الأخرى يشكل تقدماً بما يكفي. وبالنسبة لكلا الطرفين، فإن الحل الوحيد هو البدء في معالجة الانقسامات وتعزيز المؤسسات الديمقراطية.

أن تكون الحكومة الجديدة قد أدت اليمين في 13 حزيران (يونيو) على أساس تصويت بالثقة بنسبة 60-59 هو دليل على مدى الانقسام الذي حل بإسرائيل بقيادة نتنياهو. وكانت الانقسامات بين اليهود والعرب، والمتدينين والعلمانيين، والأشكناز والمزراحيين، هي الأداة التي استغلها نتنياهو كل هذه الفترة الطويلة للفوز بالانتخابات وبناء التحالفات القائمة على الاستياء. وقد وصم جميع منافسيه السياسيين، حتى أولئك الذين على يمينه، بتلك الوصمة المخيفة: “اليسارية”. والآن، بعد هزيمته الأخيرة، يحاول السيد نتنياهو وحلفاؤه الباقون تصوير الحكومة الجديدة، برئاسة رئيس وزراء قومي ديني، على أنها مجموعة من نخب الأشكناز العلمانيين الكارهين لليهودية؛ “حكومة يسارية”.

في الحقيقة، كانت الحكومة الجديدة هي التحالف الأكثر تنوعًا الذي عرفته إسرائيل على الإطلاق، والذي يتراوح من اليمين القومي إلى اليسار الصهيوني، إلى جانب حزب إسلامي محافظ هو المكون الأول من نوعه في أي حكومة إسرائيلية. وعلى هذا النحو، فإن لديها فرصة لأن تقطع بعض الطريق في اتجاه تبديد المناخ السام الذي أشاعه نتنياهو فقط من خلال إثباتها للمواطنين الإسرائيليين أن أعضاءها يمكن أن يعملوا معًا لفترة زمنية مناسبة. كما يوجد عدد ملحوظ من النساء والوزراء غير اليهود في هذه الحكومة. وهي، بالطبع، ليست أكثر أشكنازية أو علمانية في تركيبتها مما كانت عليه كل حكومات نتنياهو السابقة.

إن مجرد وجود مجلس وزراء يمكنه العمل معًا بشكل جماعي، حيث يهتم كل عضو بسياسات وزارته ووظائفه الأساسية، سيكون له تأثير كبير على الإسرائيليين الذين اعتادوا أن تهيمن على سياساتهم معركة من أجل بقاء رجل واحد فقط. ولكن، لكي تبقى الحكومة الجديدة على قيد الحياة، فإنه يجب استثمار كل عنصر من عناصرها المتباينة في نجاح البقية. وبعبارات أخرى، سيتعين على القادة القوميين الموجودين في الحكومة الآن إعادة التفكير في خطابهم وإزالة السموم من نبرتهم عن اليسار. وعليهم إقناع مؤيديهم بأن الجميع يستفيد من الشراكة والمساواة مع مواطني إسرائيل العرب. وإذا فعلوا ذلك، فسوف يبدأون عملية طويلة لعكس وجهة عقود من عمل السيد نتنياهو. ولن يكون تحقيق ذلك سهلاً بالتأكيد.

إن حكومة مكونة من أحزاب صغيرة -لا يمكن لأي منها أن يهيمن، لكنها جميعها يمكن أن تسقط الحكومة- ستكون أيضًا أكثر اعتمادًا على الاستقرار في الكنيست بشكل عام وعلى القضاء، وكلاهما حاول السيد نتنياهو إضعافه وتهميشه.

لكن هشاشة الحكومة تعني أن الصراع المستمر مع الفلسطينيين سيتم تهميشه بالضرورة أيضاً. وقد يكون الافتقار إلى إحراز تقدم جاد في السلام هو الإرث الأكثر ديمومة للسيد نتنياهو. وحتى الضم التاريخي لـ”راعم”، وهو حزب يمثل المواطنين العرب الإسرائيليين، في الائتلاف لن يساهم في حل الصراع الفلسطيني. ويتجاهل الاتفاق على وجه التحديد أي قضايا قومية أو متعلقة بالهوية، ويركز بالكامل على الاهتمامات المادية للمجتمع العربي الإسرائيلي.

إن عهد نتنياهو لم ينته بعد، على الرغم من أنه قد يكون في طور الغروب. ولا تتوقعوا أن تبدأ هذه الحكومة في معالجة المسائل الجوهرية المتعلقة بمستقبل إسرائيل. إن لديها مهمة صعبة بما يكفي كما هي.

* أنشل بفيفر كاتب كبير في صحيفة “هآرتس” اليومية الإسرائيلية، ومراسل مجلة “الإيكونومست” في إسرائيل. وهو مؤلف كتاب “بيبي: حياة بنيامين المضطربة وأوقاته”.

*نشر هذا المقال تحت عنوان :

This Is Still Benjamin Netanyahu’s Israel 

الكاتب Anshel Pfeffer

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى